حرص الدكتور محمد وهبي كفتارو رئيس قسم الدراسات العليا في مجمع أبو النور على التأكيد أنه لا يدعو إلى زواج المسيار في سورية كما تخيل البعض عقب التصريح الذي أدلى به لوكالة الأنباء الكويتية مؤخراً، لكنه أكد أن زواج المسيار موجود في سورية وإن كان يحمل تسميات أخرى. وأنه شخصياً يؤيد هذا النوع من الزواج طالما أصبح أمراً واقعاً، داعياً إلى تنظيمه وفق ضوابط صارمة، على الرغم من أنه على حساب المرأة التي توافق على تقديم التنازلات غير مجبرة بحجة أنها عاجزة على الحصول عن الحصول على زواج طبيعي!!.
أنا لست أول من تكلم في موضوع زواج المسيار في سورية، لكنه موضوع مطروح للبحث، وانتشاره في بلد يجعله يطفو على السطح، وعدم انتشاره في بلد آخر يجعله أمر ثانوي، حتى يظهر في يوم من الأيام ويصبح قضية ويتكلم الناس فيه. وهو حالياً في سورية غير منتشر.
في حديثي لوكالة الأنباء الكويتية قلت إنها ظاهرة منتشرة في دول الخليج وقد تحكمت بها ظروف موضوعية واجتماعية جعلت هذا الزواج من حيث النظرة الشرعية-إذا تكاملت شروطه وأركانه- عقد صحيح. ونحن نصر على أن أي زواج، مسيار كان أم عادي يجب أن يسجل لدى الدوائر المختصة حتى تضمن الحقوق والواجبات والأنساب.
هو ليس ظاهرة إذاً؟ لم يصبح زواج المسيار في سورية ظاهرة منتشرة. لكن إن كان ظاهرة فعادة ما يتم إنكار وجودها!!. الإشكالية أن هذه الظاهرة موجودة، ولكن من يقدم عليها الآن، يقدم عليها تحت مسميات أخرى ولا يسميها زواج المسيار. يأتي إنسان وغالبا ما يكون من خارج البلد فترة معينة ويوافق أهل الفتاة على أن يزوجوها، والنتيجة المعروفة مسبقا للطرفين هو أن هذا الزواج مرحلي ولكن دون أن يصرح ذلك في العقد وغالبا ما يكون سري وهنا الخطورة. لذلك طالبت بشكل أساسي أنه إذا دخل إلينا هذا الزواج في يوم من الأيام، ونحن مرشحين لهذا مع ارتفاع معدلات العنوسة ووجود أشخاص يرغبون بالزواج الثاني هرباً من الحرام، فمن المفترض أن لا ندس رؤوسنا في الرمال ونقول هذا غير موجود. لا هو موجود، قد لا يكون ظاهرة نعم، لكن إذا ما انتشر في بلد كثيرا فسرعان ما يمتد إلى بلدان أخرى. و الطامة الكبرى هي عندما يكون سري وغير مسجل لدى المحكمة، لأن الزوج قد ينسحب في لحظة من اللحظات ويترك الفتاة معلقة، ولا تستطيع أن تقاضيه لأن هذا الزواج غير مسجل.
كيف تعرف زواج المسيار؟ زواج المسيار هو زواج تكاملت شروطه وأركانه الشرعية كاملة، وفي البلاد التي انتشر فيها زواج المسيار في الخليج وخاصة في السعودية ، أصدرت هيئة كبار العلماء ضوابط واضحة له.
ولكن هل هم متفقون على هذه الضوابط فيما بينهم؟ وهل هناك أي شيء يضمن تسجيل هذا العقد في المحكمة الشرعية حتى في دول الخليج ؟ نعم، هيئة كبار العلماء في السعودية قالت بإباحته مع وجود هذه الضوابط، فهو زواج فيه ولي وشهود وفيه تسجيل العقد عند المحكمة الشرعية، بحيث لا يستطيع الزوج في لحظة من اللحظات أن يتنكر لهذا الزواج، وإذا كان هناك ولد لا يستطيع أن يقول أن هذا الولد ليس مني.
بالنسبة للشق الثاني من السؤال أقول لك: الإنسان إذا أراد أن يتصرف تحت مظلة الشرع فسيسجل العقد ولكن إذا أراد أن يتصرف خارج مظلة الشرع فيمكن أن يقيم علاقة حرام لا أحد يمنعه وهذا يعود للشخص نفسه.
وعادة من يقدم على زواج المسيار هو من يرغب بعلاقة شرعية، ولكن هذه العلاقة الشرعية يريدها أن لا تكون ظاهرة على السطح بوجود ظروف، قد تتعلق الأمر بزوجته وهذه في أغلب الأحيان حيث يكون متزوجا زواج أول، ولا يريد أن يعلن الزواج الثاني حتى لا يقع إشكال بينه وبين زوجته أو بينه وبين أهل زوجته. فيكون الزواج مسجلا في المحكمة ولكن لا ينشر للعلن.
ولكن ألا تعتقد أن هذا إجحافا بحق الزوجتين الأولى والثانية؟ هذا بحث آخر.. سواء كان زواج مسيار أم زواج عادي فقد يقع الإجحاف وهو أمر يبحث بطريقة أخرى. هل هناك مبرر لهذا الزواج أو ليس هناك مبرر؟. وما هي ضوابط الزواج الثاني التي وضعها الشرع، فهذا لا يتعلق بزواج المسيار فقط بل يتعلق بكل تعدد. و كلمة المسيار تعني إمكانية ألا يشهر كأي زواج ثاني، لكن لا يتعمد إخفاؤه بطريقة يمكن أن تؤدي للإجحاف في لحظة من اللحظات.
الإجحاف قد يكون من خلال تنازل الزوجة عن حق القسمة لها. وكمنطق شرعي إذا تزوج الإنسان زوجة ثانية فعليه أن يقسم بينهما ليلة هنا وليلة هناك، فإذا تنازلت هي عن هذا الحق لظروف ما فهنا يكمن الإجحاف. و يجب أن لا ننسى أن هذه الزوجة الثانية هي إنسانة وقد رضيت بهذه الظروف، لأنها لم تجد ظروف أفضل، لو وجدت الأفضل لما رضيت، فأي إنسان لا يرضى بالأدنى لوجد ظرفا أفضل، فهذه طبيعة الإنسان. إذاً زواج المسيار هو علاج لظروف معينة يرضاها أصحابها. وأكثر من يقبلها المطلقات الأرامل أو التي حظها في الزواج قليل.
بالعودة إلى الأمور الشرعية فإن زواج المسيار لا يشترط المهر والسكنى و النفقة من قبل الرجل. ألا تعتبر هذه نواقص في عقد الزواج الإسلامي؟ هنا يجب أن نفرق بين الحق والواجب، فالنفقة والقسمة هو حق للزوجة، والإنسان يستطيع أن يتنازل عن حقه، ولا يتنازل إلا إذا أجبرته ظروفه، فلا نجد امرأة تستطيع أن تأخذ حقها بالنفقة وتتنازل عنها، إلا بشكل نادراً. بالنسبة لهذه المسائل يشترط قبول الزوجة أولاً ورضاها، مثل الفتاة التي تعيش الفقر ترضى بزواج المسيار لأنه سينفق عليها، ليس بالضرورة عدم الإنفاق دائما. فالموضوع غير مرتبط بعدم الإنفاق، فأهم شيء بقضية زواج المسيار هو أنه لا يجمع بينهما بيت واحد يقسم لها بشكل دائم، لكن في الكثير من الأحيان في الدول التي شاع فيها هذا الزواج، من تزوج زواج المسيار يكون مقتدرا مادياً وقد يشتري لها البيت. ولكن نومه أو ذهابه إلى البيت الثاني يكون بالتفاهم مع تلك الزوجة.
إذاً هو زواج أسهل، سري، وغير مكلف. ألا تعتقد أن إباحته هنا قد تؤدي إلى العزوف عن الزواج العادي؟
أنا لا أرى أن إباحته تؤدي إلى العزوف عن الزواج العادي، فالزواج العادي هو الأصل، وكل رجل وكل امرأة يطمحون إلى الزواج الطبيعي بظروف طبيعية معلنة في النور وأمام الناس. لكن يلجئون إلى هذا الزواج في الظروف الغير طبيعية. فهل يمكن لشاب أو فتاة يتزوجا لأول مرة أن يقبلا الزواج بهذه الطريقة، وليس أمام الناس؟ بالتأكيد لا أحد يرضى.
القضية أن الناس يبادرون أحيانا لاجتراح حلول لحياتهم قبل علماء الشرع الذين هم جزء من أطياف المجتمع ومهمتهم إيجاد حلول شرعية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، فإن لم يجدوا حلول فإن الناس سوف تبتدع حلولا لها ثم يقال هذا هو الواقع.. شرعنوه لنا، أو اضبطوه بضوابط الشرع لأن هذا واقعا نعيشه ونحن الآن نعيش واقعا.
أيضاً هناك إحجام عن الزواج لأسباب متعددة جدا، كعدم مقدرة الشاب على الإنفاق، عدم وجود بيوت، هناك أسباب أخرى فأحلام بعض الشباب أو الفتيات قد تكون غير واقعية، لذلك نجد أن مؤسسة الزواج لم تعد سهلة، حتى إحصائيات الأمم المتحدة ترى أن متوسط سن الزواج في عالمنا العربي ارتفع إلى سن الثلاثينيات بالنسبة للفتيات ومنتصف الثلاثينيات بالنسبة للشباب، وهذا ارتفاع كبير خلال فترة حوالي عشرون عاما. بسبب الظروف التي نشأت في المجتمع. وهذا التأخر في سن الزواج أدى إلى أن هناك شريحة من الفتيات كبرت في السن، وثقافة الناس أن الفتاة التي تكبر في السن ربما لا تجد لها راغباً. الناس كما قلت ابتدعوا شيئا اسمه زواج المسيار، فماذا نقول هل نقول أنه حرام؟ برأيي من حيث ضوابط الشرع فهو مضبوط لكن هناك تنازلات من الطرفين، وخاصة من المرأة.
ولكن ما هي التنازلات من طرف الرجل؟ النتازل من طرف الرجل هو أن كل رجل يتزوج يريد أن يظهر أمام الناس بشكل طبيعي ولا يشك به.
هل تعتقد ان هذه تنازلات؟ لأن ما يحدث في المسيار هو العكس تماما فهو يحدث في الظلام ولا يوجد علانية، وهناك آراء كثيرة تقول أن الهدف من وراءه هو الجنس. وعلى هذا فلا يوجد تنازل من طرف الرجل؟
المشكلة أن الذين كتبوا عن هذا الزواج كتبوا من خلال نظرتهم للحالات المحدودة الحالية ولم ينظروا إلى ما هو موجود في البلاد التي شاع فيها هذا الزواج، ففي البلاد التي شاع فيها مثل هذا الزواج، جزئية كانت على أساس جنسي وجزئية كبيرة لم تكن على هذا الأساس.
قلت قبل قليل أن زواج المسيار لا يشترط المساكنة أي لا تشترط بقاء الزوج عند زوجته بل يأتي متى يشاء ليمارس العملية الجنسية ويرحل.. إذا فهو على حساب المرأة فقط!!!!
نعم هولا يشترط المساكنة لأن هذه المرأة لم يتح لها أن تكون زوجة درجة أولى وقبلت أن تكون درجة ثانية بسبب ظروفها. وهذا هو الأصل من القضية.
ولكن هذا يعتبر انتهازية واستغلال لوضع هذه المرأة؟
نعم جزء كبير منه على حساب المرأة، لكن بالنسبة للنساء، ولو اطلعت على الإشكالات التي تحدث، فإن حل المشكلة ليس في قضية زواج المسيار فقط. هو حل متكامل مع بعضه البعض. مشكلة العانس من جهة ومشكلة المطلقة التي لا تجد عائلا لها أو التي تترمل ولا تجد معيلا. إذاً هي مشكلة مترابطة مع بعضها البعض. فالتي تجد نفسها ضمن ظروف معينة قد ترضى بهذا الشيء ولو كان على حسابها، لأن البديل أكثر خسارة.
تؤكد الدراسات الاجتماعية والتقارير الصحفية والإعلامية أن معظم زيجات المسيار التي حدثت في الخليج لم تستمر إلا لأشهر أو لسنوات قليلة وهناك حالات نادرة جداً لا تزال مستمرة. إذاً هم حلوا المشكلة مؤقتاً ليواجهوا مشكلات أعمق بعد أشهر أو سنوات وكانت النتيجة آثاراً اجتماعية أكثر سوءاً. أليس هذا مرشحا للحدوث في بلدنا أيضاً؟ ما رأيك؟
هذا لو لم ترتفع نسبة الطلاق في الزواج الطبيعي ارتفاعا مخيفاً، فنحن يجب أن لا نأخذ نتائج زواج المسيار بعيدا عن النظرة الكاملة. الآن نسبة الطلاق في سورية ترتفع ارتفاعاً رهيباً جداً، فإذا كانت نسبة الطلاق في الظروف الطبيعية العادية مرتفعة وخاصة في السنة الأولى للزواج وبين فئة الشباب، فما بالك بالزواج الآخر. من المؤكد أن الظروف تؤثر في الجميع.
أين تكمن الإشكالية في هذا إذاً؟
تكمن الإشكالية في أساس العلاقة بين الرجل والمرأة. فنظرة الإسلام أنها علاقة مودة وسكنى ورحمة ولكنها ليست علاقة لا يمكن أن تنفصل في يوم من الأيام. هنا تكمن الإشكالية. أبغض الحلال إلى الله الطلاق، لكنه حلال. الأمر لا يعود إلى الطلاق، ولكن البشاعة في النظرة إلى الطلاق. فالعلاقة يمكن أن تنتهي بالمعروف، “إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان” ولا يوجد مشكلة لا في بداية الطلاق ولا في نهايته من الناحية الشرعية لكن الممارسات تجعل نهايته غالبا سيئة. وبالتالي علاقة الزواج الطبيعي يمكن أن تنتهي ببساطة بالتفريق. وكذلك زواج المسيار يمكن أن تنتهي العلاقة بالتفرق لأن زواج المسيار كما قلنا ليس زواجاً حسب الظروف الطبيعية. فهو أمر موجود، وما يهمنا هو كيف يكون هذا الوجود وجودا شرعيا.
إذا كان هذا الزواج سينتشر في سورية، فهل يمكن البحث عن ضوابط حقيقية يمكن من خلالها ضبط هذا النوع من الزواج، كي لا يتحول إلى نوع جديد من الزواج خارج عن السيطرة كالزواج العرفي أو زواج المتعة، وأرجو أن تعطيني مقارنة بين زواج المسيار وزواج المتعة؟
نعم يمكن أن ينتشر زواج المسيار عندنا، وكما قلت قضية العدد أمر نسبي، خاصة أنه في بلادنا العربية عموما لا توجد استطلاعات دقيقة. فلو كان هناك استطلاعا دقيقا، عندها أستطيع أن أحكم على الظاهرة وأعطي نتائجها بعد أن تتضح الرؤية. فنحن ليس لدينا إحصاء دقيق لهذه الأمور، خاصة وأن الأمور الاجتماعية يأبى الناس التكلم فيها بشكل علني. ولكن إذا أراد إنسان أن يقدم على الزواج وفق هذه الطريقة وأنا أرى أن هذا موجود حاليا وقبل أن يوجد زواج المسيار كان هناك من يتزوج مرة ثانية بالشروط التي ذكرت. فزواج المسيار هو تسمية لوضع قام قبل أن يسمى. وإذا أراد البعض أن يلجأ إلى هذا الطريق الذي كما قلت ليس الحل الأول أي – الزواج الطبيعي-، يجب أن تكتمل جميع شروط العقد الشرعية وجميع أركانه وأن يسجل لدى المحكمة الشرعية، ومن لا يسجل هذا العقد يجب أن تكون هناك عقوبات رادعة ضده، وأي عقد زواج مهما كان اسمه يجب أن يسجل في المحكمة الشرعية لضمان الحقوق ولضمان الأنساب. زواج المسيار كما قلت هو أمر واقعي ولكن إذا شاع هذا الأمر فكيف نضبطه ونجعل نتائجه أقل خسارة للجانبين؟ الجواب هي الضوابط. وهي اكتمال الشروط والأركان وتسجيله في المحكمة الشرعية.
اما زواج المتعة فهو أمر آخر ولا علاقة بزواج المسيار. فزواج المتعة عند الأخوة الذين يقولون به له طبيعة خاصة، ولا أريد أن أدخل في تفاصيله ولكنه ليس كزواج المسيار على الإطلاق. لا يشبهه لا من قريب ولا من بعيد. وعند الأخوة الذين يبيحونه هو زواج يقوم على أساس الاتفاق بين رجل وامرأة مباشرة بدون وجود شهود ودون وجود ولي وينتهي بدون الحاجة إلى طلاق على أساس شروط هم أعلم بها. أنا لا أتحدث عن هذا الموضوع ولا عن إباحته أو عدم إباحته. فزواج المسيار هو زواج طبيعي مع التنازل عن بعض الحقوق من طرف المرأة بالاتفاق مع الرجل، وبالتالي يجب أن لا نخلط بين زواج المسيار وزواج المتعة.
وبالنسبة إلى إباحة زواج المسيار أو عدم إباحته فهناك اختلافات بالآراء، فدائما لدينا في الشرع قضايا متفق عليها وقضايا تختلف وجهات النظر فيها والكل هدفه واحد وهو الحفاظ على حقوق الرجل وحقوق المرأة. البعض يقول أن فيه ضياعاً للحقوق والبعض يرون أن ليس فيه ضياعا وأنا لا أقول أنه الحل الأمثل ولكنه حل لظاهرة موجودة فكيف يمكن أن نجعله ضمن ضوابط الشرع.
هل تعتقد أن المجتمع السوري يتقبل هكذا نوع من الزواج، طالما أنك تتوقع أنه سينتشر في سورية؟
أنا لا أقول أنه حتما سينتشر ولكنه إذا انتشر فلن يكون غريب، وأنا قلت سابقا أنه موجود ولكنه لا يسمى زواج مسيار. ويمكن أن لا ينتشر بعدد كبير كما انتشر في دول الخليج ولكن هذا يعود إلى الظروف التي تنشأ في المستقبل فإما أن تحد من انتشاره أو تجعله ينتشر فلا يوجد شيء حتمي. يجب أن لا نأخذ كل شيء مسلم به فالظروف البيئية والثقافية والاجتماعية تتحكم في صيرورة وحركة مثل هذه العلاقات بين الناس، قد تأتي ظروف تسهلها أو تأتي ظروف تصعبها فالزواج العادي قد أتت ظروف جعلته صعبا بشكل كبير. إذا الظروف هي التي تتحكم فيه.
هناك الكثير من القوانين التمييزية ضد المرأة السورية. ويتهم الدين الإسلامي أنه لا يعدل بين الرجل والمرأة في الكثير من القضايا كالإرث والوصاية والولاية وسواها… إلا تعتقد أن انتشار زواج المسيار يزيد الطين بلة ويزيد من انتقاص حقوق المرأة في سورية؟
أؤكد من جديد على أن هذه ليست دعوة لزواج المسيار، لكن زواج المسيار في حال انتشاره فللمرأة الحق أن تقبل أو لا تقبل به. ولماذا نصادر على رأيها وهي لها مطلق الحرية، صحيح أنها تختار وقد يقال أن الضغط الاجتماعي هو الذي يجعلها تختار، لكن هل هذا الضغط يقتصر على المرأة فقط؟ أقول لا .. فقد تكون أضعف من الرجل نعم. لكن الضغط يطالهما معاً. ومن جهة أخرى هل يتهم الإسلام بهذا الضعف؟ أنا لا أرى أن يتهم الإسلام بهذا الموضوع، حيث أن أعراف المسلمين أو تقاليدهم التي أخذت طابع التقديس لكثرة ما ألفها الناس، أصبح الإسلام يتهم بها، ويجب أن ننظر إلى صورة المرأة في الإسلام ككل متكامل، أي أننا يجب أن لا ننظر إلى هذه الجزئية بعيدا عن الكل. فعندما يقال أعطاه الوصاية أم لم يعطه الوصاية، أباح التعدد أم لم يبح التعدد، كل واحد من هذه الأمور هو ضمن سلسلة واجبات وحقوق الرجل وواجبات وحقوق المرأة، وعندما ننظر إليها ضمن هذه المعادلة المتكاملة نجد أنها ضمن المعادلة الإسلامية. فليس من الضروري أن يعجب الإسلام الجميع قطعا فهناك الكثير من الناس في بعض الأمور لا يجدون الإسلام صوابا. لكن هذا لا يعني أن الإسلام خطأ. صحيح أن ممارسات الناس النظرية والعملية أساءت حقيقة إلى صورة الإسلام، لكن الإساءة في استخدام الفكرة لا يسيء إلى الفكرة والإساءة في استخدام الدين لا يسيء إلى الدين. وهناك 60% أو أكثر من تصرفات الناس لا تمت للإسلام بصلة. ولقد تم تضييق التطبيق الإسلامي إلى قضية الأحوال الشخصية التي تتعلق بالزواج والطلاق والميراث والوصاية وبقيت الأمور التي تعتبر ضوابطا تضبط إيقاع هذه العملية غير موجودة عند الناس، وبالتالي سيساء استخدام هذه القوانين الإسلامية في مثل هذه الأمور التي تتعلق بجزء كبير منها بالمرأة. والسؤال: من الذي أساء؟ الذي أساء هو عدم وجود الإسلام في بقية أجزاء حياتنا.
—————
مجلة الثرى