قصة عجيبة لدماغ معطوب

ابراهيم البليهي

مادة هلامية رخوة داخل جمجمة الإنسان ينبثق منها الوعي وقد تنجلي عن اختراقات عبقرية مذهلة لكنها رغم هذه الروعة فإنها هشة وقابلة للعطب والتدهور …..
تلك قصة العطب الذي أصاب دماغ عالمة الأعصاب الأمريكية البروفيسورة جيل بولتي تيلور ……
أصيبت هذه العالمة بجلطة في الشق الأيسر من الدماغ وهي تحكي قصة هذا العطب الذي أصابها تحكيه بأسلوب روائي رائع …..
هنا في هذا الكتاب يدخل القارئ في مزيج من المتعة والدهشة والمعرفة المتخصصة …..
إن العلم هنا يتجلى في ثوبٍ روائي شديد العذوبة …..
 في الكتاب تتعرف على وظائف شقي الدماغ فالعطب الذي أصاب الفص الأيسر من الدماغ قد غابت بغيابه اللغة والأرقام كما غاب الإحساس بالواقع فشعرت العالمة بأنها تعيش خارج الزمان والمكان وأنها لم تعد ذلك الكائن الذي يدرك حدوده ويملك زمام أمره فأصبحت ترى نفسها في اللامكان وفي اللاحدود ……
وبغياب اللغة غابت المفاهيم فحين أبلغوها في المستشفى بأن أمها قادمة لم تُدرك دلالة ذلك لأن مفهوم الأم قد غاب من ذهنها كما غابت أرقام الهواتف وسكتت ضوضاء وثرثرة الشق الأيسر ……
والغريب أن أجهزة الإنذار في الجهاز الحافي لم تستشعر العطب الذي أصاب الدماغ فظلت هاجعة أما النتيجة فقد كانت غياب الخوف فاللوزة لم تستشعر الضرر الذي حصل ……
إن وظيفة اللوزة هي الاستنفار وإعلان حالة الطوارئ لدفع الإنسان إلى المواجهة أو الهرب لكن اللوزة ظلت ساكنة وقد نبهت العالمة إلى خطورة إصابة الشق الأيسر لأن الشخص المصاب لا يحس بخطورة حالته بل يشعر بعالم بهيج قد يجعله يستعذب هذه البهجة فلا يطلب المساعدة …..
إن قصة العطب الذي أصاب دماغ هذه العالمة قصة مثيرة وآسرة ومفيدة فأنت أمام نص علمي لكنه نص عذب وممتع ولذيذ ……….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن حديثاً المجموعة القصصية “تبغ الفجر” الشاعر السوري الكردي علي جازو، في كتاب يضم اثنتين وعشرين قصة قصيرة تتنوع بين النصوص اليومية المكثفة والمقاطع التأملية ذات الطابع الشعري والفلسفي.

تتّسم قصص المجموعة بأسلوب سرديّ دقيق، يبتعد عن الزخرفة اللغوية ويميل إلى الكتابة من الداخل. الشخصيات تتحدّث من دواخلها لا من مواقفها، وتُركّز…

خوشناف سليمان ديبو

 

يُعد الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي من أبرز وأعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي. فقد أدرِجت معظم أعماله ضمن قوائم أفضل وأهم الإبداعات الأدبية وأكثرها عبقرية. وتكمن أعظم ميزات أدبه في قدرته الفذة على سبر أغوار النفس البشرية، وتحليل خفاياها ودوافعها العميقة. قراءة رواياته ليست مجرد متعة سردية، بل رحلة فكرية وروحية تُلهم…

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…