فاطمة يوسف محمد
في كل مرة
كنت أحاول أن أتمسك جيدا
بذلك الغصن الهزيل
وأن أطيل أيامي في هذه الحياة
إلا أن حال ذلك الغصن
المعلق بخيط رفيع بجذع الشجرة
كان يثير فيّ مشاعر الشفقة والرحمة
لأنه كان يرتجف خوفا من السقوط معي إلى الهاوية
فيحاول التشبث بمنبته بكل قوة
وفي نهاية الأمر، وبعد تفكير عميق، علمت بأن لا بد أن يضحي أحدنا بحياته من أجل الآخر
لذا قررت أن أبدد خوفه، وانقذه من هاجس الموت دون ذنب ،
لذا أفلت يدي وسقطت أرضا، ليستمر هو في الحياة.
………………………….
قبل استشهاد ابنة أختي بيريڤان بيومين
كتبت هذا الپوست على صفحتي الشخصية ، ربما كان نابعا من شعور خفي بأن هناك كارثة، فاجعة صادمة ستقع لنا-كعائلتها-و لعموم الشعب الكوردي في كوردستان سوريا، المصطلح الذي ظل حبرا على الورق، أو الذي عاد كسابق عهده، حلما مدفونا في ذاكرتنا و قلوبنا المحطمة.
العنوان الذي اخترته « السقوط من أجل البقاء» ربما كان تحذيرا غير مباشر لخطر محدق بالمنطقة، أو ترجمة للجرائم و لعمليات الأنفال و الجينوسايد الممارس بحق شعبنا الكوردي، حيث القتل والتهجير و التشريد و التجويع و كم الأفواه، والاعتقال والخطف و التغيير الديموغرافي، والغلاء و تدهور الاقتصاد و الوضع المعيشي، والخوف و الهلع، وتدمير البنية التحتية والسياسية والأخلاقية والإنسانية وووو.
ما ذنب بيريفان الشهيدة؟!
ما ذنب رفاقها العاملين في المطبعة، وعموم الباحثين عن لقمة عيش كريمة؟!
هل مشروعية العمل، و تأمين اللقمة الهانئة للشعب الكوردي بات ذنبا، او جريمة يعاقب عليه؟! أم أن يد الغدر اعتادت على سفك دماء البسطاء؟
بيريفان الشهيدة ليست آخر ضريبة سندفعها ولا أول ضريبة دفعت.
بيريڤان العتيدة كانت ضحية الجبناء والخونة في وطن يتيم، بلا صاحب.
بيريڤان العنيدة حتى آخر رمق، كانت محافظة على مبادئها وقيمها و قناعاتها، ورغم كل ذلك لم تكن سوى ضحية، سقطت بفعل رياح عاتية من شجرة الحياة الوارفة.
بيريڤان كانت وريقة خضراء، غضة، طرية، ناعمة، متشبثة بمنبتها، رفضت التخلي عن تربتها،وطنها، مسقط رأسها، امها، أبيها، أخوتها، قضيتها، نهجها، قناعاتها، لم تكن منظمة في أي حزب سياسي، ولا في أي حركة او منظمة أو تيار، لكنها كغيرها من الغيورين والغيورات على تاريخها وأرضها، لم تخنع، ولم تنحن للرياح الهوجاء،ولا للهمج.
كانت مناضلة بكل ما للكلمة من معنى ،سنديانة صامدة،
دار چنار شامخة، شرسة في دفاعها عن الطريق القويم التي كانت تسلكه، عن آلا رنگين، عن سرودا أي رقيب، فأسقطوها وردة هامدة.
ربما قلمي و كلماتي لن تفيها حقها، ربما بهذه السطور البسيطة أظلمها، أو أبخسها حقها، فعذرا بيريفانتي الجميلة… سامحيني لأن لغتي مشلولة، فقيرة في وصفك.
مع بداية السنة الجديدة رحيلك وأنت في عز عطائك، بدد الأحلام الجميلة، وأسقط كل الأمنيات الخضراء، باستشهادك تداعت صروح الابتسام من شفاه الأمل، وماتت الضحكات الوليدة حديثا، اختيارك الشهادة لك بث فينا الإصرار، الثبات، رغم الجروح العميقة في قلوبنا.
الوداع بيريڤااااان
كل عام وأنت / أنتم بخير