ألا هل بلّـغتُ .. يا شعرُ فاشهدْ

مردوك الشامي

على هامش القراءات المفتوحة ما بعد الأمسيات !..
ليسَ من باب الإعتراض، أو الانتقاد، أو التقليل من شأن أيّ منتدى أو جمعية أدبية، أو التندّر على بعض المنضوين تحت يافطة الشعر، خاصة وأنهم في هذا العصر الفيسبوكي والتيك توكي صاروا أكثر عددا بآلاف المرات من الشعراء الحقيقيين والكتاب الأصيلين.
وليس أيضاً من زاوية التنصّل من الغلط، فأنا وأعترف كثير الأخطاء، لكنني غالباً ما أتداركها بالصواب، وغالباً ما أكون السبّاق للاشارة إليها وإدانتي شخصياً على اقترافها، قبل أن يسارع الآخرون إلى ذلك.
ساستعرض على عجالة جانباً سلبياً يرافق غالبية الأمسيات الشعرية التي تقام على امتداد الساحة اليوم.
تصلنا الدعوة لحضور أمسية لشاعرين أو ثلاثة شعراء ، ونلبي توّاقين للاستمتاع بعدد محدد من الشعراء والقصائد، لكن ما يحصل، أنه لا تكاد تنتهي الأمسية المحددة التي قصدناها حضوراً وشغفاً ، حتى تبدأ أمسية ثانية مفتوحة على كثير من الهشاشة والخفة والاستهتار..
يأتي هذا تحت عنوان قراءات مفتوحة للحضور..
والحضور فيه شعراء، وفيه أنصاف وأرباع، وفيه أيضا من لايميزون بين الشعر والشعير، وكلّ هذا النتاج الملتبس يُتاح له المنبر الذي وقف عليه قبل قليل شعراء الأمسية الأساسيون.
وأعترف أننا في كثير من الأمسيات نسعد بما نسمع، ونصل حدّ الثمالة والنشوة، لكن حين تبدأ القراءات المفتوحة، نخسر النشوة، ونفقد الدفء، ونصاب بقشعريرة وأذى حقيقي، كأننا مجبرون على تحمل عقوبة قاسية في أحايين كثيرة تفرض علينا ، وكأننا تعرّضنا فعلا لعملية قنص واستغباء وأسر فعلي، لنبقى مسمرين على مقاعدنا مجبرين على متابعة قراءات في معظمها يقارب المهزلة.
قد يصعد المنبر صوت أو اثنان يقدمان مايستحقُّ السماع، لكن هذا قليل، مقابل الهجمة لأصواتٍ بلا صوتٍ ولا لونٍ ولا رائحة.
كأن الغالبية حضورها أي أمسية بات مشروطاً بهذه الفقرة الدخيلة على كل الأمسيات.
وهذا يقلل من أهمية الأمسية بحدّ ذاتها، ويسيء إلى الشعراء الأصيلين الذين جئنا لمتابعتهم واستمتعنا بقصائدهم.
قلت بداية لا اعتراض ولا انتقاد، هذا مجرد رأي ومن الممكن الاصغاء إليه، والعمل به، أو رميه في أقرب حاوية للمهملات..
وأنا لست بعيداً عن هذا الغلط الذي صار شبه عمومي في كل المنتديات والأمسيات..
لكننا في ملتقى حبر أبيض” وبعد انتهاء الأمسية بوقتٍ لا بأس به، وبعد توقّف البث المباشر، نفتح الباب لبعض القراءات، آملين جودتها، مركزين على أصوات جديدة تمتلك الموهبة، وقد يدفع بنا الإحراج أحياناً فنعطي الفرصة لبعض الطارئين والطارئات على الشعر، ولا أخفيكم أننا نعضّ أصابعنا ندماً.
لا بأس أن نسمع بعد الأمسية لبعض المواهب الواعدة، التي نثق بأنّ طريقها للقصيدة معبّد بالموهبة ، وهي تستحق الخطوة الأولى..
ولابأس أن نأخذ رأي شعراء الأمسية بالذي سمعوه من أصوات وقصائد..
هكذا نكون قدمنا المنبر لمن يستحق، وأنرنا على مواهب شابة تستحق أن نمد لها اليد..
لكن أن تتحول كل الأمسيات لبازار، أو لسوق مفتوح لكل ما هب ودبّ، فهذا الأمر لن يساهم سوى في تعميم الفوضى، وصناعة أسماء وألقاب لكثيرين لا يستحقونها.
ألا هل بلّـغتُ .. يا شعرُ فاشهدْ

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبحي دقوري

 

مقدمة

تمثّل قراءة جاك دريدا لمقال والتر بنجامين «مهمّة المترجم» إحدى أكثر اللحظات ثراءً في الفكر المعاصر حول الترجمة، لأنّها تجمع بين اثنين من أهمّ فلاسفة القرن العشرين

— بنجامين: صاحب الرؤية «اللاهوتيّة – الجماليّة» للترجمة؛

— دريدا: صاحب التفكيك والاختلاف واللامتناهي لغويًا.

قراءة دريدا ليست شرحًا لبنجامين، بل حوارًا فلسفيًا معه، حوارًا تُخضع فيه اللغة لأعمق مستويات…

ماهين شيخاني

 

المشهد الأول: دهشة البداية

دخل عبد الله مبنى المطار كفراشة تائهة في كنيسة عظيمة، عيناه تلتهمان التفاصيل:

السقوف المرتفعة كجبال، الوجوه الشاحبة المتجهة إلى مصائر مجهولة، والضوء البارد الذي يغسل كل شيء ببرودته.

 

كان يحمل حقيبتين تكشفان تناقضات حياته:

الصغيرة: معلقة بكتفه كطائر حزين

الكبيرة: منفوخة كقلب محمل بالذكريات (ملابس مستعملة لكل فصول العمر)

 

المشهد الجديد: استراحة المعاناة

في صالة…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف…

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…