في المرصد الساطع

إبراهيم محمود

-1-
شجرة تسلّم عليَّ
يهلل النبع بيقين سلسبيله
الندى على موعد مع الصباح
قصيدتي ستحسن تلطيف المناخ
-2-
طرب الهواء يثمِل الغابة
العتمة المكثَّفة رنين صامت
القمر ينتظر أوْبته بفارق الصبر
قصيدتي تتمطى على إيقاع حلْمها الليلي الأخير
-3-
هي تقول له يا كوكبي
هو يقول لها يا نجمتي
السماء توزّع بطاقات الدعوة
قصيدتي تصدح بكيمياء روحين عالياً
-4-
ليتني قلب يخفق. تقول الصخرة
ليتني وتَرٌ. يقول النهر
الضفاف تخرج بالروب دي شامبر
قصيدتي تنشرُ الأرض زهواً
-5-
أمد يدي إلى نجمة
تقرأ النجمة خطوط يدي
الفضاء يتكهرب من مس مباغت
قصيدتي تعدُ الليلَ بسمَر غير مسبوق
-6-
تترجل قمة الجبل إلي
عميق الوادي ينظر إليها في ذهول
الخيال يستفيض برزخاً
قصيدتي تزيّن عقداً بشهية لا تقاوَم
-7-
الطريق يكيل المديح للمسافة
المسافة تطمئن كائناتها أن المديح يعنيها جميعاً
ثمة أطايب ستصلها معاً
قصيدتي تنكش أسنانها بخفة دم آمنة
-8-
عاشق، عاشقة دالَيتا هوىً
الخمرة تبشّر كرْمتها بفضيلتها في نشوة قائمة
الدنان والأكواب تنتشي على وقْع تدافُع الأيدي
قصيدتي تغتنم فرصتها لتخليد المشهد 
-9-
الأرض تنادي السماء يا قبعتي
السماء تخاطب الأرض يا ذاكرتي التليدة
آلهة الأولمب مأخوذون بالغزل الكوني
قصيدتي تردد: يا حلمي اللذيذ الآتي
-10-
الهواء يمشّط أغصان الشجرة الحالمة
ثمة الجذور التي تستشعر خدراً يتشرَّبها
أنفاس لا تحصى تندّي صخور الجوار
قصيدتي تحفر كلماتها في ذروة الهاوية
-11-
الذئب يغازل النعجة
الطبيعة تتابع الجاري عن كثب
ذاكرة كل منهما على المحك
قصيدتي تجهِز على سر اللحظة
-12-
القمر شامة حليبية في وجه السماء
النجوم تنظر إليه من وراء حجاب 
في مرآة الغدير ثمة حسناء تمسّد المكان بخيالها
قصيدتي تحتسي البياضَ الدسم  
-13-
هناك فأر يتعقب فيلاً
هناك لا كاميرا خفية لتسجيل المشهد
عين غامضة تثير خيال ناظر متخفّ
قصيدتي تطربها لعبة المفارقات
-14-
يضحك الضوء في وجه الطريق
الطريق ينبسط في استقامته منتعشاً
الظلال تتراجع أمام الجاذبية المفاجئة
قصيدتي تتملَّكها حالة من ضوء ودغدغة
-15-
أصابع الليل محنّاة بالحكايات الماكرة
القلوب تلعب على حبال الاحتمالات 
ثمة شفاه ترعشها وعود صاعدة  من الأعماق
قصيدتي تنتظر أفقها على شرفة المكاشفة
-16-
البحر يخاطب الجبل أن انحن لأهمس في أذنيك السائلتين
الجبل يشد البحر إليه ممرّراً راحتيه على أمواجه المتهادية
وحدها السماء غارقة في المسافة المحذوفة بينهما
قصيدتي تستحيل عيوناً إيروسية
-17-
الحُلْم بخبثه يعرّي النوم
النوْم بدهائه يبلبل لسان الحلم
المفسّر يستحيل نصف واع ونصف غيابه
قصيدتي تستنفر قواها لسبْر سر” مرج البحرين “
-18-
البداية تخفي أصلها المحوَّل إلى الغياب
النهاية مؤجَّلة في حكم المقدَّر
ألسنة تشعل الوسط باللامتناهي من رواياتها
قصيدتي تدخل في غيبوبة رعشة الأبدية 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسكي

 

قُلْتُ لَهَا :

خُذْي مِنَ الرُّوحِ شِغَّافَ الرُّوحِ

وَطَرِزْي وِشَّاحَ الشِّتَاءِ

وَغَطِّي الْجُرُوحَ

كُلُّ فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ الْحَيَاةِ

تَنْمُو فِيه سَنَابِلُ الْبَوْحِ

لَا .. كَفَى … تَغْتَالِي

سَنَابِلِي الْحُبْلَّى بِثِقْلِهَا الْمَجْرُوحِ

بِعِنَادِ خَرِيفٍ يَتَذَمَرُ

يَمْنَعُ الْمَطَرَ وَالنَّوْحَ

نَعَمْ ضُمِينِي لِكُلِّ فُصُولِكِ الْجَرِيئةِ

وَأَزَيحِي سِتَاَرَ الثَّلْجِ الْمَطْرُوحِ

قَدْ يُدَفِينا وَنُدَاوي شَوْقَ الرُّوحِ

***********

قَالَتْ :

آهٍ مِنْكَ وَمِنَ النَّوَى

أَسْمَعُ صَوْتَكَ ، قَلْبِي يَهْوِى

وَالرُّوحُ تَعْشَقُ حَتَّى لَوْ كَانَ أَعْمَى

لَا تَشْكُو…

“كنتُ قصيدةً تائهة” – للشاعرة شيرين دريعي

هناك نصوص لا تُقرأ… بل تُرتَجَف

وقصائد لا تُنشَد… بل تُبكى في القلب.

“كنتُ قصيدةً تائهة”… ديوانٌ نسجته أنثى من خيوط الغربة، وبقايا الحنين، ونبض القلب حين يخذله الحب، وتخذله الحياة.

هنا، لا تكتب الشاعرة الشعر، بل تكتب نفسها، بكل ما فيها من شروخ وهمسات، من خوف واشتهاء، ومن ضياعٍ جميل يبحث…

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…