«على سراط البحر»: خطاب النهايات تأويلاً

سوسن إسماعيل 
“القصةُ تُكتبُ من أجلِ النهاية”
سوزان لوهافر

مقدمة: 
إن الهدف المرومُ من هذه القراءة يتمثل بإلقاء الضوء على النهايات القصصية في المجموعة الموسومة بـ “على سراط البحر” ، للقاص والكاتب المسرحي أحمد اسماعيل اسماعيل، التي تضمُّ مجموعة من القصص، تُناهز ثلاث عشرة قصة متنوعة بعناوين لافتة، إضافة إلى مُلحق لمجموعة أقاصيص يُنهي بها القاص المجموعة.
ولأنَّ أيّة قراءة نقدية هي بناء للنص وتأطير جديد له، دون أنْ تتجاوزَ المفاهيم والمقاييس الأدبية، ارتأت الدراسة أنْ تتقصى عن النهاية تعريفاً، أنواعاً، ووظائفاً، دون أنْ تغفلَ عن سؤال النهاية، وهل ثمّة ترتيب ينتظمُ هذه النهايات، ومدى تعالقها مع العنوان الرئيسي أو مع البدايات القصصية، وهل تجتمع هذه النهايات معاً في قصص “على صراط البحر”.
أولاً ــ ما النهاية؟
    تُمثّل النهاية آخر صدى لنصها على آذان المتلقي، ولابُدّ أن تكون للنهايات أهداف وغايات. وذهب البلاغيون بأنَّ “الاختتام هو نقيض الافتتاح، أيّ يختمُ البليغ كلامه في أيّ مقصد كان وفي أحسن أحواله، وهي آخر ما يبقى على الأسماع وينبغي تضمينها معنى تاماً يؤذن السامع بأنه الغاية والمقصد والنهاية” . ولأنّ مصطلح النهاية؛ يعني للمتلقي الصفحات الأخيرة للنصّ، فهو ينتظرها ويتلهفُ إليها سريعاً، ليستحوذَ على خلاصة ما قرأه، ولمعرفة مآلات النصّ، فنحنُ نقرأ حباً وترقباً للنهايات، وهي المرحلة الأصعب للكاتب، للمتلقي، ولاحقاً للباحث، فما تتركه هذه الأسطر الأخيرة من أثرٍ، يبقى عالقاً في الذهن طويلاً لاسيّما النهايات التي يعملُ عليها الكاتب بحنكة وإبداع و”لأنّها الجزء الأخير من النصّ، الذي يتمّ فيه بإيجاز؛ ذكر الأغراض والنتائج التي وصلَ إليها القاص أو تطورات الأحداث” . 
يمكن ترسيم النهاية؛ بإنّها تعطيل ينتابُ الكتابة بشكلٍ ما، وعليه فهذا التوقف عن القراءة هو “اختتام مؤقت” . أمّا على المستوى الفلسفي؛ فإنّ توقف الكتابة والقراءة في النصّ، لا يعني أنَّ النصّ تمّ إغلاقه، إذ ربما تبقى بعض النهايات السردية/ القصصية مفتوحة على نهايات أخرى تعود للمتلقي أو للقاص ذاته. 
ثانياً ــ أدوار النهايات القصصية بنيةً ودلالة:
    يذهب أحد الباحثين إلى القول “لأنّ “البناء أحد السمات الأساسية للنصّ، فلكلّ جزئية من جزئيات النصّ مكانها في بنية النص الكليّ” ، والنهايات القصصيّة ــ كعتبةٍ ــ لا تقلّ شأناً عن العتبات النصيّة الأخرى، فهي تواصل في وجودها مجموعة وظائف تسهم في تشويق المتلقي لمعرفة مآلات اختتامات السرد، ودورها في تشكيل النصّ:
1 ــ الوظيفة الإغلاقية: 
تقتضي معايير الكتابة الأدبيّة، أنْ يضعَ القاص لنصه نهاية يتوقف عندها، يحجمُ فيها الكاتب عن استئنافِ الكتابة، وهي من الوظائف المهمة التي يستندُ عليها إبداع الكاتب، إذ يقعُ على عاتق النهاية سؤال؛ متى وكيف يجب أن ينهي الكاتب السرد، ولكلّ “نصّ مكتوب نقطة يتوقفُ عندها الكاتب عن متابعة الكتابة، وليس بالضرورة أن تكون خاتمة” ، فالقاص يُنهي السّرد لأمرٍ يخصّ الحدث أو الشخصية، وبتوقف القراءة البصرية عند خاتمة النص، تبدأ القراءة التأويلية، وتُسمى النهاية في هذه الحالة بـ “التصدير الختامي/ النهائي، الذي يُعدّ ختاماً وخروجاً من النصّ” . 
2 ــ الوظيفة المشهدية: 
كتبَ نيتشه بأنّهُ “يمكننا التعرف على مُعلّمي الدرجة الأولى من خلال إتقانهم العثور على النهاية المحكمة في كبائر الأشياء وصغائرها” ، وفي حالة القصة فالأمر يتوقف على القاص الذي يمررُ عبر الشخصيات أو “الحدث المحفزّ”، لحظات من التشويق والجاذبية، لضمان حبكة جيدة تثيرُ المتلقي بنزعة درامية، وتغيير من بعض المفاهيم والتوقعات لديه، كما أنّ القاص يلجأ كثيراً إلى الغموض في نهاية السرد، أو إظهار مشاهد دراميّة كآلية سرد مُحرّضة. ومن حيث المبدأ؛ ليس من الضرورة بمكان، أنْ تقدمَ النهاية حلولاً مُقنعة، فالقاص يختم مشهد الخطاب، أيّ نهاية جزء من المشهد وليس المشهد كله، أيّ ينهي، ولكن دون أن يحسمَ في التوتر أو الغموض الذي قد يستمر لدى المتلقي، فكثيراً ما تكون “النهاية النصيّة سبباً في اندلاع التوتر والقلق بين الكاتب ومتلقيه، لأنها تحمل ـ أحياناً ـ مواقف الكاتب من مواضيعه والغاية منها، أو ربما أحكامه الخاصة” ، فالقراءة تستلزمُ تواصلاً شفافاً مع نصّ النهاية بعد قطع الصلة مع كاتبه، وإخراجه من حالة الانغلاق إلى حالة من التلقي والانفعال، وكأنّ النهاية القصصية تتحول إلى مشهد درامي/ نصّ مستقل. 
3 ــ الوظيفة الإخبارية: 
وهذه من الوظائف والمهمات الأساسية التي يتعينُ على القاص أنْ يتناولها في النهايات، وهي “موضع يبني فيه المؤلف اكتمال الخطاب وانفتاحه في آنٍ، ويسعى إلى مضاعفة التأثير في القارئ حتى يسترجع عناصر القصة عبر إعادة القراءة أو التذكر ويأخذ الخطاب في كليته شكلياً ودلالياً” ، وبذلك فالكاتب، من خلال هذه الوظيفة، يشحنُ ذاكرة المتلقي بما أورده من أخبار ووقائع تهمّ الشخصيات أو تتقصدُ الأحدث التي جرت، ليتوصل المتلقي إلى نتيجة مرضية على مستوى السرد، ويحوزَ على دلالات توصلُهُ إلى المعاني والمقاصد. فقوة النهاية “أنْ تعيدَ المتلقي إلى النصّ ذاته وتربط أوصاله ببعضها”      
4 ــ الوظيفة الإغوائية/ الإيحائيّة: 
إنَّ وظيفة الإغراء التي تمارسها القراءة والإيحاء الذي تبثه عبر جملة من العلامات والدلالات، تحضُّ المتلقي على الانتظار بفارغ الصبر، لملامسة نهاية ما أقبلَ عليه، وما ينتابُه من أحاسيس تشدّهُ لمعاودة قراءة النصّ أو العودة إلى البداية، وكأنَّ المتلقي في هذه الحالة “مُلزم عند أيّ نهاية نصيّة أن يكون في مستوى تذكر أطوار أحداث البداية في سياق عقد بعض المقارنات” ، وهذا يشكّل نوعاً من الإغراء الذي تمارسه النهايات، وقد تُشكّلُ النهاية خلاف ذلك، وتخلّفُ وراءها بعض الاشتباكات الرّمزية والألغاز، التي يتركها القاص عن سبق إصرار، تاركاً لمتلقيه حظوة التأويل. فتعملُ النهاية وكأنّها “وسيلة فنية، بلاغية، وفكرية تولّدُ في القارئ الإحساس ببلوغ النهاية” .
5 ــ الوظيفة التكثيفيّة: 
هي شكل من أشكال الترتيب النهائي للنصّ، ومن الركائز المحرضة على إبقاء القصّ حيّاً في فضاء التمييز، من خلال التكثيف “كصفة وتقنية حداثية في اللغة” ، والقائمة على جملة اختزالات ودلالات رمزيّة، يرسخُ القاص صورة ذهنية لدى المتلقي، بمجموعة من الأفكار والتراكيب الإيحائية التي استجمعها بمقاصد فنية جمالية، وذلك ضمن مسافة لغوية، وبونٍ مختصر، إذ تتحوّلُ جملة النهاية إلى مشهدٍ مكثّف للنص كلّه، وهي تنحية نحو الغموض، ليكون المشهد النهائي إحاطة وإثارة للنصّ في ذات الوقت، مشهد يدعم نهاية السرد. وبهذا الاقتصاد اللغوي كتقنيّة فنية وقصصية، تتوضّح قدرة القاص المتمرس والمبدع الذي يُنهي أو يُقفل النصّ لغوياً، إذ يتمّ تحجيم كلّ الأفكار باقتضاب وببلاغة الإضمار. 
ثالثاً ــ أنواع النهايات القصصية:
وبقراءة سابرة للنهايات القصصية في المجموعة المعنونة بــ “على سراط البحر”، ستحاول القراءة البحث في النهايات بمعزل عن المتن القصصي، إذ سينظر إلى كل منها، كنصٍّ مستقل له خصوصيته، علاماته، وجماله الفني، له ما يقوله دون ما سبقه، وعليه ستكون القراءة أمام أنواع مختلفة ومتنوعة فيما تطرحه وتشير إليه، وبعناوين متباينة تتشابك أحياناً في المواضيع والأحداث. وثمة نهايات تتصاعد على الرغم من التقاء أغلب النهايات ببعضها على مستوى المآسي التي تعانيها الشخصيات، أي تنحو نحو النهايات غير السعيدة، لأنها “النهايات الأصح”  كما يقول أرسطو، وهذا ما يظهر في غالب القصص ومنها (مأساة عائلة الأشجار، ما تبقى من حب، رجال في الليل، الاعتراف ..إلخ)، إلى جانب بعض النهايات الرمزية العالية فيه (كرة موقوتة، هواجس ميت، مفاجأة ليلة زفاف، دوائر السجن)، إضافة إلى مجموعة الأقاصيص القصيرة، التي تنوعت بين الحوارية والرمزية)، مجموعة من النهايات التي يمكن توصيفها بالنهايات المُعلّقة أو المفتوحة التي تترك للمتلقي مساحة للتصوّر والتخيّل، و النهايات المغلقة التي اتبعت سرداً منطقياً إلى حدّ كبير. 
بوقفة موجِزة على هذه النهايات، التي قد تقوم “كلمةٌ واحدة ربما بدور في وظيفة الحكي ولا تنحصر في جملة كاملة” ، يمكن للمتلقي أن يستنتج وبشكل ملحوظ؛ أنَّ القاص في مجموعته “على سراط البحر”، نوّع ووظّف في عدة نهايات بين المركبة {المكاني والزماني}، الحواري أو المونولوجي، الاسترجاعي أو السرد المتتابع، الصادمة والمفارقة، الدائرية أو المزدوجة، والكثير من الرمزيّة العالية في مجموعة الأقاصيص القصيرة. 
1 ــ النهاية الغرائبية: 
عند “النهاية النصية” تتوضّح استراتيجيات القاص في الاشتباك مع بنية السرد، مع أنَّ مساحة الاشتباك مختزلة جداً، ولكنها تبقى عميقة ومحيّرة. ومن إحدى هذه النهايات التي مثّلت الغرائبية فيها قصة “هواجس ميت”، إذ يكتشف بطل القصة متأخراً جداً أنّهُ قد فارق الحياة دون أن يعلم، ويتفاجأ بالمنشور على أحد الصفحات الافتراضية، وخلال ذلك يسترجع ذكريات كثيرة، ويتأمل ويتمنى الكثير، ويتابع مشاهد تحضيرات الغسل والدفن، كلّ هذا وهو يرى شريط حياة كاملة عاشها مع كلّ الموجودين حوله وهو في وسط الغرفة ملفوفاً ببطانية، كما يراقب حالة البكاء والحزن التي أصابت أهله ومحبيه، ويشهد على طقوس تشييع جنازته، إلى أن تأتي اللحظة الحاسمة والأخيرة لكلّ ميت بعد دفنه وتغطيته بالتراب، إذ حان الآن وقت الحساب، وهنا تكمن كلّ المفارقة الغرائبية التي تحدثت مع الميت والذي هو بطل الحكاية، إذ انبثقُ أمامه شبحان مرعبان كأنهما ماردان، وجرى بينهم الحوار التالي:
“ـ من ربك؟
تأمل الوجهين المرعبين لبرهة ثمّ قال في توسلٍ:
 ـ الرحمة يا سيدي، أنا لم أقرب السياسة يوماً.
علّت الدهشة وجهي الكائنين، فصرخ واحد منهما بغضب:
 ـ أنت ميت أيّها الأحمق.
صمت للحظات وهو مندهش، ثمّ أغمض عينيه بسعادة” .
شيٌ من الفنتازيا والرمزية في النهاية، مع أنَّ البداية كانت واقعية جداً وتحدث غالباً، نتيجة للسرعة وعدم الانتباه، وهذا ما يترك شيئاً من الغرابة لما حدث، فالشخصية القلقة والخائفة من الراهن والموت، تنتابه الآن موجة من السعادة والارتياح، بعدما تحوّل الموت عنده إلى نعمة بدلاً من أنْ يكونَ ضيفاً في معتقلٍ أو بهوٍ تحت الأرض. ولأنَّ النهايات النصيّة “هي موقع استراتيجي حيث يتمركزُ المعنى وحيث يبتدئ ويتمّ الأثر المتوقع” ، ترى القراءة أنَّ المفردة الأهم في هذه النهاية القصصيّة، هي “من ربك”، والتي تدور حولها رمزية حضورها تناصيّاً، كأهم سؤال في النهاية، وكأنّ القاص يُريدُ أن يُربكَ المتلقي ويفاجئه، ويُعيدُ للذاكرة ما لم يخطرْ على باله، إلا وهي السلطة التي يحقُّ لها كما يحقّ للآلهة، فالبطل يُفضّلُ الموت على أن يكون بين أيدٍ آثمة، العراك معهم موت استثنائيّ وأثقلُ وأصعب من موتٍ طبيعيّ، وعبر هذا الموت، يقدم القاص سيرة حياة. يبتغي القاص من وراء هذه النهاية وبهذا السؤال، أنْ يُكسرَ أفق التوقعات لدى المتلقي، أو يجعلهُ يبحث عن خيطٍ بين كتلة من الخيوط المتشابكة.    
2 ــ النّهاية المركّبة:
 النهايات القصصية بوابات مُغلقة، تستدرجُ المتلقي وتثيرُ اهتمامه، ينتظرها بفارغ الصبر، إذ تُمثّل اللحظة الحاسمة، على أمل أن تكون مُرضية لحسه وحدسه، أو ربما العكس، فتمضي إلى أقدار لا يتوقعها، وذلك دون أنْ تتجاوز هذه النهايات مقوماتها النصيّة من الترابط النصّي ككتلة حيّة بين يديّ المتلقي، ففي قصة “رجال في الليل”، تبدأ العقدة أو إشكالية القصة، فالنهاية لا تقدمُ نفسها بسهولة، بقدر ما تدعوه للانخراط والتداعي فيه، حتى يكتمل المشهد في ذهنه، ويمرّرُ القاص عبرها رسالة مُحمّلة بالهم الإنساني والقومي، والمتتبع للأحداث من البداية، سيستوقفه العديد من الأسئلة، وهي ذات الاستفسارات لدى (ديار)، البطل/ الممثل الصغير في القصة، استفسارات عن سبب اجتماع هؤلاء الرجال في بيت والد (ديار)، والتوقيت والطريقة التي اجتمعوا فيها، “كم غريبو الأطوار هؤلاء الكبار!، لماذا يتكلمون بصوت منخفض، وهم في النهار يتحدثون بصوت عال وغاضب جداً” ، استفسارات كثيرة من ديار عن السبب الرئيسي وراء جملة من التغييرات التي تُصيب الرجال في الليل، حتى والده أصبح رؤوفاً وحنوناً، مضى الليل ولم يفهم ديار، لماذا الرجال في الليل يتحولون، هل ثمّة ما يخيفُ في النهار، إلّا يملكون القدرة في النهار لمواجهة قوة أخرى مرعبة. لكن الأحداث لا تسير على ما يرام، تتصاعد في النهاية بشكلٍ مُفاجئ ــ دون أن يغيبَ الترميز عنها ــ فديار الذي أثار إعجاب الرجال ووالده في الليل، وأطلقوا عليه “الممثل البارع والذكي”، صباح اليوم الثاني، ودون أن يعي بعواقب فعلته، ولأنّ الفرح والفخر الذي تملكه بنفسه بأنّه ممثل بارع، جعله يسردَ لزملائه في المدرسة كلّ حكاية ليلة الأمس، وكلّ ما سمعه من حوارات الرجال وأبيه في بيتهم عن “نوروز، الحزب، الرفاق، والمخابرات، الثورة،..” ، ولأنَّ الأطفال لم يفهموا ما معنى “ممثل”، توجه أحد الطلاب بالسؤال إلى معلم المدرسة، والذي بدوره بعد سمعَ ما يدفعه ليصطحبَ ديار إلى الإدارة، ثمّ أعاد ديار تمثيل الرواية ذاتها أمام مدير المدرسة أيضاً، ووصفه الجميع بـ “بالممثل البارع”.
يمكنُ للمتلقي أن يختار عدة نهايات لهذه القصة، ويمكنُ للقراءة كذلك، أنْ تصنّفَ هذه النهاية القصصية بالمركبة من جانبين، جانب الزمكان السّاري في القطعة الأخيرة من القصة، ومن جانب آخر؛ الغموض والسؤال المخفي والمحتجب عن الفاعل الحقيقي وراء اختفاء الأب. 
فالنهاية الأولى: “عندما عاد ديار إلى البيت، بعد الانصراف من المدرسة، وهو يكاد يطيرُ من شدة الفرح، ليخبر أمه بإعجاب المدير والمعلم به، وبأنهما وصفوه بالممثل، وجدها تبكي” ، السّارد يسلط الضوء على حدثين وقعا في مكانين مختلفين، بدلالة الزمان (عندما ـ بعد) ودلالة المكان (المنزل ـ المدرسة)، ثمّ تُخبرُ الأم ديار، وهي تبكي بحرقة “لقد اقتحم رجال مسلحون المنزل قبيل قدومك، واقتادوا والدك في سيارة عسكرية” ، ويستمر الحدث بدلالة الزمن والمكان أيضاً (قُبيل ـ المنزل)، أيّ أنَّ التوقيت ليس كبيراً بين تكرار ديار لرواية ليلة الأمس والرجال الذين اجتمعوا في بيتهم أمام إدارة المدرسة وبين اقتحام المسلحين المنزل، فالزمكان في الشاهدين الآنفة الذكر، يؤسس لنهاية ما للحدث القصصي، دون أن توضحَ معالمه، الذي يشكله زمانان؛ زمن تواجد ديار في إدارة المدرسة وزمن قدوم السيارة العسكرية، ومكانان؛ مدرسة ديار وبيته، فالزمكان ـ هنا ـ يتكفّلُ بإدارة الحدث، مع فارق بسيط في الزمن فقط وبدلالة (مضى النهار)، والمكان هو نفسه، مع حضور شخصية الجارة (حسنة) مع الأم في مكان الحدث (بيت والد ديار)، فيسلّطَ السّارد الضوء على مجريات ذلك النهار: “مضت سحابة ذلك النهار وهو يشاهد أمه تبكي، وترفع يديها إلى الأعلى بالدعاء على أولاد الحرام وهي تحدج جارتهم بنظرات ذات معنى، والجارة تنظر حولها بعيون ملؤها الدهشة والفضول، وترددُ كلمة آمين كلّما رفعت أمه يديها إلى السماء بالدعاء على أولاد الحرام” ، والمتلقي بقراءة للخلف، والإعادة لجسد القصة، سيقرأ بأنَّ الجارة حسنة، تملك من الفضول الكثير، وهذا ما يأخذ بنهاية القصة إلى زاوية أخرى، وهي الشكوك التي تملكها الأم تجاه هذه الجارة، وهذا ما كان يدفعها تُديمُ النظر إليها وتدعي عليها، والزمن ما زال مستمراً في المكان ذاته (بيت ديار)، والقراءة إلى الآن أمام عدة أزمان: زمن قبل مجيء ديار من المدرسة، زمن وصول العسكر والقبض على والده، زمن وصول ديار إلى البيت، وبقية النهار.
أمَّا النهاية الثانية: “وفي الليل الذي هبط نسراً جائعاً على المدينة، وجثمّ، كان لزاماً عليه أن يتقنَ أكثر التمثيل مع هؤلاء الكبار ويبرع فيه” ، الآن في هذا المقطع الأخير للقصة؛ والتي بُنيت عليها النهاية الزمكانية أيضاً، والتي تسيرُ بالسّرد إلى نهايته، أيّ يدخل السّارد إلى النهاية الأخيرة ــ على اعتبار أنَّ المقطع السابق كان نهاية ما للبداية ــ لينتقل إلى زمنٍ ومكانٍ آخرين، مُضافاً إلى الأزمان والمكان السابق وهما (الليل ـ المدينة)، واللذين عبرهما يتمّ توصيف الحدث بكثير من الترميز، وبدلالة الأفعال (هبط وجثم)، فأنْ يكون الليل كالنسر الجائعِ، يربض على المدينة كفريسة، إشارة إلى قساوة القادم المُطلّ على هذه المدينة، فالنسور جارحة وإذا ما جاعت لا ترحم أحداً، كما أنّ التمثيل مع الكبار يحتاج الكثير من الإتقان والتمرين والمناورة، وهذا ما لم يفهمه ديار، بأنَّ اللعب مع الصغار مختلف جداً عن التمثيل مع الكبار.  
3 ــ النهاية المفارقة: 
تبقى للنهايات سحرها، عندها تبدأ وقفة المتلقي التأمليّة العميقة، ومراراً تكون النهايات مصبَّ مغزى النصّ، ويتوضح فيها الجهد الحقيقي الذي بذلهُ القاص، ولاسيّما أنَّ مقاربة النهاية في الأقاصيص، تحتاج قراءة أكثر عمقاً وتركيزاً، وذلك لعنصر التكثيّف الكبير فيها ولمحدوديّة مساحتها، وقد لا تُشكّل نهاياتها نهاية الأحداث، بقدر ما هذه النهايات هي بدايات لكثير من المفارقات، أو إرهاصات لأحداثٍ وإشارات تخصّ بنية الأقصوصة، وقد لا تكون هذه النهايات مثاليّة، إنّما استهلال لمعضلة أو لمسالة شديدة الحساسية، وفي العموم “النصوص الحديثة أكثر ميلاً نحو التفرد والمخالفة، لذلك تثيرُ النهايات الكثير من الإشكالات” .
القاص أحمد إسماعيل يُنهي مجموعته “على سراط البحر” بمجموعة من الأقاصيص القصيرة، وبعناوين مُفردة وأسماء نكرة (خلا الأقصوصتين “تجربة العصفورة الصغيرة وبين عتمتين”). 
ثمّة تواشج كبير بين نهايات هذه الأقاصيص، في تكرار بعض الجمل والأفعال التي تحملُ في مضامينها الأزمات التي تعيشها الشخصيات، عبر صيغة التوصيف، نهايات قائمة على الترميز والإيحاء، ولأنَّ النصّ السردي “هو نسيج فضاءات بيضاء وفرجات/ فراغات ينبغي ملؤها” ، تبدأ مهمة “المتلقي النموذجي”، الذي تقع عليه مهمة التفسير ومبادرة التأويل في هذه الفضاءات البيضاء، الذي سيستلهم مدى البعد المأساوي في هذه الأقاصيص، إضافة إلى أنّ أهم مرتكز من مرتكزات الأقصوصة؛ هي المفارقة، وهي ما تتنوع في نهاية كلّ أقصوصة، وستحاول القراءة مقاربة نهايات بعض الأقاصيص (مكافأة بطل، صورة طبق الأصل، مفاجأة عيد الميلاد، ربيع عربي)، التي تجدُ القراءة في نهاياتها ما يثيرُ المفارقة والصراعات الجارية بين الأطراف المتشابكة خلال الحدث، حيثُ المفارقات انعكاس للصراعات الدائرة. 
وفي هذه النهايات كأنّ ميثاقاً أو عقداً من حيث استراتيجية النّهاية البائسة، يرسمها السّارد بمشاهد تراجيكوميدية، ومفجعة، ففي قصة “مكافأة بطل” كتبَ السّارد في النهاية: “يُقتلُ البطل، ويقام له تمثال كبير في ساحة المدينة، مكافأة له، وتخليداً لذكراهُ العطرةِ إلى الأبد” ، فالمفارقة هنا بين عنوان الأقصوصة “مكافأة بطل” العنوان الذي يشيرُ بدلالاته؛ بأنّ ثمّة بطلاً ما يستحقُ التكريم، ويبدو أنّهُ بطلٌ فقيرٌ ووطني دافع عن مدينته، ويستحقُ مكافأة على عمله، لذلك اجتمع الوجهاء لتكريمه،  ولكن دون أن يتفقوا على مكافأة تليقُ به، سوى قتله وصنع تمثالاً له، وبين النهاية التي تحوّلت فيها المكافأة إلى مقتلة، والبطل تحول إلى صنم من الأصنام، هل حقاً ثمّة شعوب لا تُخلد إلا التماثيل، وتترك الأبطال الأحياء لمصائر غامضة، هؤلاء الذين تخشاهم أصحاب السلطة والمصالح والأغنياء، لأنَّ التماثيل لا خوف و لا رهبة منها، بقدر ما الخطورة من المبدعين الحقيقيين والأحياء. 
وفي قصة “صورة طبق الأصل”، تدور الحكاية بذات الدائرة، دائرة الخوف وسلطة الأقوياء أو ربما سلطة الوهم، الذي يضع كلّ الصور في أنماط مُتشابهة، وتشيء كلّ ما حولها، وبات يُصنع ويُخلق للبشر نماذج وصور كما تشاء هذه المفاهيم/ السلطة، وليس كما يشاء صاحب الصورة الحقيقي، في محاولات حثيثة في أنْ يُثبتَ الضوء صورة مطابقة لأهل المدينة كلّها، ومع كلّ محاولات السّارد في أنّ تكون صورته كما يشاء، ولكن دون جدوى فمصور المدينة يبدو هو الذي بيده تشكيل الصورة: “عندما ظهرت الصورة ووقع بصري على ابتسامة عريضة، ونظرة بلهاء ترتسمان على وجهي الجامد، كما في صوري السابقة كلّها، مثل صور غيري من سكان المدينة، أطلقتُ زفرة ارتياح طويلة. طويلة” ، الصراع هنا بين الذات والذات نفسها، الذات التي تريدُ الخروج من النمطية وتفكّ قيودها لتخرج من الإطار المرسوم لها، رغبة قوية في تجاوز الصورة التي يتطابق فيها كلّ سكان هذه المدينة، التي يتوجبُ أن تكون كلّ الوجوه بمقاسٍ واحد وبابتسامة بلهاء، ولكن في ذات الوقت، تخشى هذه الذات، أن تتمادى في أمنياتها، تُرعبها فكرة الخروج من إطار النسخة الواحدة المعروفة، أو أنْ تكسرَ جداراً متشابهاً بين الجميع، وتكون ضريبة ذلك بثمنٍ باهظ، أو توجّس من عقابٍ وخيمٍ، لذلك فضّلت الارتياح والبقاء في الصورة المفروضة، صورة طبق الأصل مثل كلّ صور سكان المدينة. 
أمّا قصة “مفاجأة عيد الميلاد”، هي حقاً مفاجأة على الصعيد المعنوي والإنساني، ومفادها أنْ يشتري الآباء لأطفالهم هدايا العيد، وفي الليل يضعونها تحت وسائدهم وهم نائمون يحلمون بانتظار بابا نويل، كما كانت العادة قبل أن تتحوّل المدينة إلى ساحات للنهب والخوف، لعلّ هذه الهدايا تخفّفُ من وهج الرصاص والأصوات المرعبة في المدينة، والمفارقة هنا؛ أنّ بابا نويل لم يحضر ولن يحضر بعد استبدال الأدوار، الأشباح تكاثروا في المدينة، لم يتركوا للأطفال هداياهم، سرقوا الألعاب من غرف الأطفال وباعوها باسم الأمن والأمان، والمدينة رويداً رويداً تستحيلُ إلى مسلخة، يديرها حراس الوطن، يقول السارد في نهاية الأقصوصة “علت الدهشة في سماء المدينة، وانداحت دوائر في سماوات ملبدة بغيوم حمراء” ، هذه حال المدينة في يوم الميلاد، تحولت الغيوم فيها إلى بقع حمراء تتسع وتكبر أكثر فأكثر حتى اشتملت خارطة البلاد الكبيرة. 
يقول رولات بارت “كيف نعرفُ أنّ خطاباً ما قد انتهى، وأنّهُ من المنغص ألا نستشعر شيئاً وألا نرى نهاية لأيّ شيء” ، لذلك أمام النهايات يأنس المتلقي ويبلغ مرحلة الأمان، الأمان الذي تفتقده النهايات في الأقاصيص السابقة، مثله مثلَ بطل الحكاية، يلتمسُ المتلقي ضفة يرسو عليها، في قصة “ربيع عربي” كما سابقاتها، الرمزية، الإيحاءات وشيء من التضمين، فالمعلم أثناء حصة الرسم، عندما طلب من تلاميذه أنْ يرسموا على دفاترهم فصل الربيع، بمواصفاته المألوفة من جبل، بيوت متفرقة، نهر، وطيور تُحلّق في السماء، لكن المفارقة والمفاجأة، بعد أنْ شاهد رسوماتهم، إذ لا أثر يُذكر للربيع، دفاترهم كانت مليئة بصور الجنود، المدافع، رايات سوداء، وجثث متفرقة، أيّ ربيع كان يقصد السّارد، وأيّ ربيع عاشه الأطفال، حتى يرسموا ما رسموه، الربيع ما عاد بحلّة خضراء، إنّما بالموت والرصاص، وكأنَّ السّارد يطرح سؤالاً جوهرياً؛ على عاتق من يقع اللوم والتوبيخ، على المعلم أم على التلاميذ، أمّ على من حوّل الربيع إلى جثثٍ تحت الأرض وفوقها، إضافة إلى التورية القائمة ــ المتقصدة من قِبل السارد ــ بين ربيع وربيع لم يُثمر وخلّف وراءه طفولة لم تحيا معانيها على صورة الربيع كما كان، حتى كبرت “الدهشة على وجه المعلم وانداحت، ولم يضع على دفاترهم العلامة المعهودة: شُوهد” ، ما الذي نأى بالمعلم بالّا يؤشر على دفاترهم بعد رؤيته لتلك المشاهد التي أصابته بالحيرة والغرابة، لتبرزَ النهاية تيمة القهر وآثار الربيع/ الثورات العربية، على أفكار وهواجس الصغار والكبار، وعبر النهاية والعنوان يمررُ كما في كلّ الأقاصيص وبميّزة الشغف والنظام المجازي، أسئلة مبنيّة على جملة من المتخيّلات، وكيف يجاهد شخوصها ليتابعوا في هذه المصائر، والكثير من القصص المسكوت عنها، قصص الخطر المُحدّق بها، والتحولات الطارئة على شخوصها وأحداثها، مانحاً للمتلقي مهمة التفسير والتّأويل في باطن النصّ وظاهره، وضمن سياقاته الثقافية والمعرفية. 
إنَّ مراجعة سريعة لنهايات الأقاصيص الأربعة، التي تناولتها القراءة بالتحليل، سيلاحظ المتلقي أنَّ القاص قدم لنهاياته عناية واضحة، وبصورة فنية وجمالية بحيث تُدلّلُ على مقاصد النصّ أو العنوان وإنْ غابت عن بعضها المنطق كما في “مكافأة بطل”، وبالفاعليّة القرائية يمكن للمتلقي أن يأخذ بعين الاعتبار مجموعة قرائن مرجعية، وتعالقات وردت في نهايات هذه الأقاصيص، ومن هذه القرائن اللغوية مثلا “ساحة المدينة، سكان المدينة، سماء المدينة، علّت الدهشة وانداحت، كبرت الدهشة وانداحت”، مع جملة من الأفعال المتتابعة، والتي كأنّها تشيرُ إلى مكانٍ وزمنٍ واحد، تنشبُ فيه الأحداث، هي مدينة ربما يعرفها الكثير، والشخوص يعيشون ويعانون في تلك المدينة، ويُصابون بالدهشة في النهايات، بحصيلةٍ تتآلف في إظهار آثار الهلاك الروحي على شخوصها، وفي تعرية الوجوهٍ العديدة والمتنوعة.
رابعاً ــ تعالقات النهاية وارتباطاتها:  
    إنَّ تركيب العنوان الرّئيسي والبداية القصصيّة، تعكسان الكثير من معاني النهايات، لذلك اتجهتْ القراءة إلى الخوض في مدى التعالق بين النهايات والعنوان وبينها وبين البداية القصصيّة من حيث الدّلالة، على اعتبار أنَّ النهايات بالمثل تُمثّل تعزيزاً للعنوان والبدايات. 
1 ــ العلاقة مع العنوان الرئيسي: 
يقول بارت “أنَّ إشارة القاص إلى شيء ما بصورة عابرة في الحكي لابُدّ أن يكون لها معنى فيما سيأتي من الحكي، والذي له دور فيما يأتي من بقية الحكي” ، وبقراءة سريعة وموجزة للعنوان الرئيسي في المجموعة القصصية أي “على سراط البحر”، ـ والذي عُنون به أحد القصص في المجموعة ـ سيكتشفُ المتلقي مدى التعالق بين العنوان والنهايات القصصيّة، أغلبُ الشخصيات فيها لا يحققون رغباتهم، أحلامهم، بائسون في الحياة، يدفعون فقط ثمن الخسارات، ويتوجب عليهم، أن يسلكوا الطريق، أيّاً كان هذا (الصراط ـ السراط ـ البحر)، وربما كلّ ما تبقى لهم من سُبل الحياة والحبّ، وكأنَّ هذه النهايات وبعناوين قصصها، توثّقُ لدلالة العنوان وتحمل من دلالاته العميقة، الذي يتناسبُ مع نهايات تتمحور حول الخوف والخسارة كما في قصص (ما تبقى من حبّ ـ رسالة إلى سجين ـ متاهة ـ 12 آذار)، نهايات تُمثّل عناوينها، خفايا السلطة، حالة الحرب الدّائرة، الموت والقتل الذي طال البلاد، كما في القصص (مأساة عائلة الأشجار ـ دوائر السجن ـ رجال في الليل ـ كرة موقوتة)، وفي خضمّ كلّ هذا الموت والخراب، كان خيارُ النزوح، والتهجير، وأمام هذا الرحّيل فتحَ سراط البحر ممراته. وبلمحة موجزة لهذه النهايات القصصية، سيلاحظ المتلقي، ثمّة تماثل يجمعها، ربما ليس على مستوى التركيب والتماثل اللفظي في كلّيته، ولكنه تماثل كلّي، في أنّ سراطاً لابُدّ منه، فشخصية القصة مثلا أو حتى أحداثها، تكمل السّراط إلى النهاية، ولكن ليس بالنتيجة ذاتها، كما على صراط جهنم أو سراط البحر، وقبله على سراط الوطن، ففي نهاية القصة المعنونة بـ “12 آذار” ، حيث التاريخ يحمل بين جنباته الكثير من القصص والأوجاع للكرد، وأحداث تحتفظُ بها الذاكرة الكردية لذلك اليوم، ولكن بطل القصة (شيار)، بعد غياب يوم كامل عن البيت وقلق أمه وحزنها وخوفها عليه، ولاسيّما أنّه مُعيل أمه وأختيه، ولكن النهاية كانت مُبشرة لعودة الابن لحضن أمه، ومع ذلك كان سراطاً مُخيفاً، ولاسيما بعد أن أعلنت الحربُ والحياة تصادمهما، فكان لابُدّ من سراط تُفتحُ مداخله لكلّ هؤلاء، للسير عليه، فكان البحر. كما أنّ تعالقاً بنيويّاً يربط بينهما، وبشرح مُبسط للعنوان، فكلمة (سراط) تعني الطريق الواسع والمستقيم والجسر الممدود على متن جهنم، يمرّ عليه الناس يوم القيامة لتحديد مصيرهم” ، وثمة تناص مع ما وردّ في الآية القرآنية “أنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السُّبلَ فتفرّقَ بكم عن سبيله” ، فما الذي دفع بالقاص أن يختار هذا العنوان لتترأس المجموعة، وهل من رباط يجمع بين السراطين، أيبتغي القاص من ذلك برسالة مفادها أن ثمّة سراطاً واحداً وواسعاً يجمع بين الأرض والسماء، هناك في الأعلى صراط جهنم، وهنا سراط البحر، وكثيراً ما تتشابه المصائر، وعلى هذا السراط سارت وتسير آلاف الأفواج، رغبة في الخلاص ونيل جنان الله. يبدو كلا السراطين لا يرحم، البحر يبتلع الآلاف من السائرين عليه، إلّا من حالفه الحظ واجتاز هذا السراط. هكذا هي نهايات “على سراط البحر”، التي هي الأخرى، تبحثُ عن سراطها المختلف، فلا البحر يرأفُ بالسائرين عليه، وتتركه مُعلقاً على ذاك السراط، تبتلعه مثل النار أو البحر، هذا التضاد والتقابل بين السراط والنهايات، التي تأخذ المتلقي مرّة إلى الموت وأخرى إلى الخلاص المطعون بالرهبة أو بالمرض ومرّة بالسجن.
كتبَ القاص في نهاية قصة “على سراط البحر” مُشيراً إلى بطل القصة واصفاً إياه وهو يحاول اجتياز المسافة القصيرة المتبقية من البحر، ليصلَ إلى جزيرة ليسبوس: “انتزعت العيون نظراتها التي كانت تحدّقُ في يوسف برعب، وأرسلتها سهاماً فصلت على الفور بين السماءين، لتظهر لهم نقطة بعيدة في الأفق تشيرُ إليها سبابة صاحب الصوت. 
وسرعان ما تبدلت الوجوه وما فيها من حال إلى حال.” ، ثمّة فصل أنجزه القدر بين سماءين، كان المركب على السراط؛ دون أن يدرك راكبوه، أيّ سراط هذا، وإلى أين سيؤدي بكلّ راكبيه، في كلاتي الحالتين، هناك نقطة يقف الجميع فيها، ودلالة الوجوه، هي خير دليل إنْهم اجتازوا السراط إلى جنة في نهاية الطريق، هكذا هو البحر، لا تعلم متي يستقيم سراطها ومتى يغدر بأصحابه، فتقنية الحذف التي اعتمدها القاص في نهاية الجملة قبل الأخيرة ووضعه للنقطة، ثم يستمر في السرد ويدون الجملة النهاية، والتي تشيرُ إلى الخلاص والانتقال من حالة إلى أخرى مغايرة كليّاً، كما النهايات “هي انتقال يتم من حالة الاستقرار إلى حالة مستقرة أخرى” ، تقابلات ومترادفات عديدة تجمع النهايات القصصية مع العنوان العتبة، على مستوى المعاني والدلالات، فالنهايات تتبع باستجابة أو بحنقٍ، بقوة أو بوهنٍ، تمضي على ذاك السراط، باتجاه النهاية الأخيرة/ النهاية الأعظم التي نجهلها، مع المواجهة الأخيرة.
2 ــ العلاقة مع البداية: 
كأنَّ “النهايات ترمينا على شواطئ البدايات” ، فيما يخصّ الإحاطة بحدودها، والتي تعتمدُ على قدرة المتلقي في اكتشاف نقطة الاحتدام، فكثيراً ما ينهي القاص دون حلول، ولكنه يوجّه المتلقي إلى فضاءات غائبة وهوامش المجاز، المُحمّلة بدلالات تفضي إلى فكّ ألغاز النصّ القصصي أو التحولات والمتغيّرات التي طرأت خلال الحدث القصصي، والملاحظ أنّ بعض النهايات في المجموعة القصصية تتقاطع مع البداية النصيّة في أحد عناصرها، وقد يتفاجأُ المتلقي بما يقرأه، ومدى الاختلاف والتضاد أو التوافق والتآلف بين نهاية القصة والبداية، لذلك تلجأ النهاية إلى “استعارة عناصر من الفاتحة أو مواضع أخرى من النصّ” ، ففي قصة “أفعال ناقصة” ثمة تعالق من ناحية التماثل في الأسلوب، بين البداية الهادئة والحوار الذي يجري بين الجارين والأسئلة حول نمط الحياة في ألمانيا، وخاصة في فترة مرض كورونا الذي أجبر الناس أن تغلق أبواب بيوتها وحتى نوافذها خوفاً، إلى أن يزداد جو القلق في البيت ومن قِبل زوجته وذلك لخوفها من المرض ووصوله إلى الأسرة كلها. وفي زحمة هذه الأزمة يأتيك جار كثير الكلام وغير مُحبب في زيارته، والزوجة خلال وجود الضيف، كانت تبدو عليها علامات الانزعاج من خلال حركتها وتنقلاتها بين المطبخ والغرف، كانت في حالة من التشنج والتوتر بسبب هذا المرض اللعين، والزوج يراقبُها ويخشى من ردّة فعلها للزيارة غير المناسبة أبداً، ولا يمكنه فعل شيء، لأنّ الجار من أبناء بلدته، والأعراف لا تسمح له بتصرف مُخالف لذلك، والجار للأسف أطال الجلوس حتى انتصف الليل، وعليه ازدادت وتيرة القلق لدى الزوج والزوجة من هذا الضيف الغير مرغوب فيه، وهذا “ما استخلصه رولان بارت من تقريبه للبداية والخاتمة، طريقته في التحليل البنيوي للقصص، إذ ينبغي أولاً تحديد الطرفين؛ البداية والنهاية، ثمّ كشف ماهية الطرق والتحولات التي ربطت أو فصلت بين الطرفين” ، كما في النهاية التي تبدو فيها، أنّ الزوجة استسلمت للنوم بعد أن فقدت الأمل في أيّ جدوى، إلى أنْ يتسلل الزوج أيضاً إلى غرفة النوم ـ بعد مغادرة الضيف المملّ بيتهم، ويثبتُ القاص في نهاية القصة مايلي:”وهناك شاهدتُ زوجتي متكورة على نفسها مثل قطة، وتكشيرة كبيرة قد انطبعت على وجهها، فشكرت الرّب على هذه النهاية وأطفأتُ النور” ، وهذا يدلّ أنّ الأمور سارت على خير في تلك الليلة، وأنهى القاص الحدث ومشكلة البيت في حالة الاسترخاء. وهذه من تقنيات الكتابة القصصية الإبداعية، إذ يقول أرسطو بشأن ذلك “إنّ الحبكة الجيدة في البناء يتوجب أنْ تكون التحولات معقولة، وثمّة توافق ما بين البداية والنهاية” . 
أمّا في قصة “المتاهة” فثمّة تعالق على مستوى ثيمة الموضوع، في البداية يولدُ البطل عجوزاً، بعكس الدورة الطبيعية للكون، “لقد ولدتُ عجوزاً” ، ليعود بعدها طفلاً يشتهي اللعب مع الأطفال في الشارع، ثمّ شاباً يقعُ في عشق امرأة في القرية، ويكتشف لاحقاً، أنها أيضاً مُعلمة مثله أثناء انتقالها إلى المدرسة التي هو أيضاً أحد معلميها، ولكنه لم يتمكن من إخبارها، ويبدو لم يستطع أن يهزمَ قوة العجز في روحه، وخاصة أن الحبيبة لم تتفوه ولا هو بكلمة (أحبّك)، وبعد أن أخبرته صديقة مقربة لها، بأنّها لم تحبه وكانت مجرد غفلة، هي بداية العجز ونهايتها، إذ بمجموعة من الأفعال السريعة (ولدتُ عجوزاً ـ وأعود كما ولدت)، التي تُعبرُ عن حالة البطل وتنهيها، ليعود كما كان في البداية، فكتب القاص: “لم أستطع حينها، وأنا فريسة لمشاعر وحشية تلتهم روحي وقلبي؛ إلا أن أجهز بدوري مع سهم هذه الكلمة، المسموم، على ما تبقى في داخلي من شباب وأعود كما ولدت: عجوزاً” ، ودون الحبّ كلُّنا عجائز. 
أمّا التقاطع بين البداية والنهاية على المستوى الزمني في قصة “ما تبقى من حبّ”، يبدأ وينهي القاص بدلالة الزمن، باستخدام الظرف (حين) وفي كلتي الحالتين، يشيرُ الزمن (حين) إلى مجموعة أفعال تساعد المتلقي لفهم حيثيات الحدث أو أحوال الشخصية، يقول القاص في البداية “حين أصبح في الشارع وهو يلهث، وقلبه يخفق بشدة، شكر ولأول مرّة الأقدار على خلو هذا البيت بالذات من أصحابه” ، وفي نهاية القصة يكتبُ القاص “حين فتح عينيه على أصوات التفجيرات التي مزقت شال الهواء وقميصه، وبعثرت أشياء البيت كلها” ، فالحينية ــ الظرفية هنا تحملُ الدلالات نفسها، وفي الحالتين تدلّ على توقيت ومكان واحد، حيثُ آثار الحرب ومخلفاته. فالترابط بين البداية والنهاية “يتحقق كاختبار فعلي لمدى التلاحم الوثيق بين مكونات العمل السردي، والتي يُعبّرُ المؤلفُ من خلالها عن فكره ورؤيته للعالم” . 
خامساً ــ الخاتمة:
    يتوجبُ أنْ يتمّ التعاطي مع النهايات السرديّة، كموازٍ نصيّ، لا يقلّ أهمية عن جملة الموازيات النصيّة في أيّة نصوص سردية، إذ لا يمكن مُعالجة النصوص دون نهاياتها، على اعتبارها علامة وركن من أركان الخطاب في الكتابة الأدبيّة. أما النهايات القصصيّة في مجموعة “على سراط البحر”، فمن الصعوبة الإمساك أو تحديد الفضاء الخاص لها، لما للقصة والأقصوصة من مساحة صغيرة، لا تسمحُ للمتلقي أو للباحث أنْ يتسعَ ويرصدَ هذه النهايات حتى الرضى، ولكن يمكنُ ترتيب هذه النهايات وتنضيدها، على أنّها تحمل الكثير من المقومات التي تتشاكل فيها النهايات وتعقد بينها معادلات تجمعها وتُفرزها في حقلٍ واحدٍ، تتمفصل في إنّها نهايات لا يصدر منها صوت يشي بالفرح والاطمئنان.      
 ثبت بأسماء المصادر والمراجع
القرآن الكريم: سورة الأنعام، السورة (6)، الآية (153). 
أولاً: المصادر:
1 ــ اسماعيل، أحمد إسماعيل: على سراط البحر، مجموعة قصصيّة، الناشر: دار اسكرايب للنشر والتوزيع، مصرـ الطبعة الأولى 2022.  
ثانياً: المعاجم:
1 ـ زيتوني، لطيف: معجم مصطلحات نقد الرواية، الناشر: دار النهار، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان ـ بيروت، ط2002.
2 ـ علوش، سعيد: معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، الناشر: دار الكتاب اللبناني، بيروت ـ لبنان، ط1، 1985. 
3 ـ مطلوب، أحمد: معجم المصطلحات البلاغية وتطورها (عربي ـ عربي)، الناشر: مكتبة لبنان ناشرون، بيروت ـ لبنان، طبعة 2007.
4 ـ وهبة، مجدي، المهندس، كامل: معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، الناشر: مكتبة ناشرون، بيروت ـ لبنان، طبعة 2، 1984.
5 ـ مجموعة من المؤلفين: معجم السرديات، إشراف: محمد القاضي، الناشر: دار محمد علي للنشر ـ تونس، ط1، 2010. 
6 ـ معجم المعاني، جذر مفردة (صرط).
ثالثاً ـ المراجع:
1 ـ أشبهون، عبد الملك: البداية والنهاية في الرواية العربية، الناشر: دار رؤية للنشر والتوزيع، مصر ـ القاهرة، ط1، 2013.
2 ـ المناصرة، حسين: القصة القصيرة جداً، الناشر: عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، الأردن ـ أربد، ط1، 2015.
3 ـ إيكو، أمبرتو: القارئ في الحكاية (التعاضد التأويلي في النصوص الحكائية، ترجمة: أنطوان أبو زيد، الناشر: المركز الثقافي العربي، المغرب ـ الدار البيضاء، ط1، 1996.
4 ـ بارت، رولان: البلاغة القديمة، ترجمة وتقديم: عبد الكبير الشرقاوي، مطبعة النجاح الجديدة، المغرب ـ الدار البيضاء، ط1991.
5 ـ بلعابد، عبد الحق: (عتبات (جيرار جينيت من النصّ إلى التناص)، تقديم: سعيد يقطين، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، لبنان ـ بيروت، ط2008. 
6 ـ حسين، خالد: شؤون العلامات من التشفير إلى التأويل، الناشر: دار التكوين للنشر والتأليف والترجمة، سوريا ـ دمشق، ط1، 2008.
7 ـ حافظ، صبري: أفق الخطاب النقدي، الناشر: دار شرقيات للنشر والتوزيع، مصر ـ القاهرة، ط1996.
8 ـ حسين، خالد: سيميائيات الكون السردي (دراسات نقدية)، منشورات رامينا، ط1، 2023.
9 ـ طاليس، أرسطو: فن الشعر، ترجمة وتقديم وتعليق: إبراهيم حماده، الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية، ط1985.  
10 ـ كيليطو، عبد الفتاح: المقامات السرد والأنساق الثقافية، ترجمة: عبد الكبير الشرقاوي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء ـ المغرب، ط2، 2001.
11 ـ لحمداني، حميد: بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي، نقلاً عن رولان بارت، المركز الثقافي العربي للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان ـ بيروت، ط1، 1991.
12 ـ نيتشه، فريدريك: العلم المرح، ترجمة: علي مصباح، منشورات الجميل، بغداد ـ بيروت، ط2017. 
———————–                                     
[1] – أحمد اسماعيل اسماعيل: على سراط البحر، مجموعة قصصية، الناشر: دار اسكرايب للنشر والتوزيع، مصر – الطبعة الأولى 2022.    
[2] – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها (عربي – عربي): أحمد مطلوب، الناشر: مكتبة لبنان ناشرون، بيروت – لبنان، طبعة 2007، ص42.
[3] – معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب: مجدي وهبة وكامل المهندس، مكتبة ناشرون، بيروت – لبنان، طبعة 2، 1984، ص156.
[4] – معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة: سعيد علوش (عرض وترجمة وتقديم)، دار الكتاب اللبناني، بيروت – لبنان، ط1، 1985، ص81.
[5] – أفق الخطاب النقدي: صبري حافظ، دار شرقيات للنشر والتوزيع، ط1996، مصر – القاهرة، ص57.
[6] – معجم مصطلحات نقد الرواية: لطيف زيتوني، دار النهار للنشر، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان – بيروت، ط2002، ص85.
[7] – عتبات (جيرار جينيت من النصّ إلى التناص)، عبد الحق بلعابد، تقديم: سعيد يقطين، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، لبنان – بيروت، ط2008، ص108.
[8] – العلم المرح، فريدريك نيتشه، ترجمة: علي مصباح، منشورات الجميل، بغداد – بيروت، ط2017، ص216.
[9] – معجم مصطلحات نقد الرواية، مرجع مذكور، ص85.
[10] – معجم السرديات: تأليف مجموعة من المؤلفين، إشراف: محمد القاضي، دار محمد علي للنشر – تونس، ط1، 2010، ص167.
[11] – شؤون العلامات (من التشفير إلى التأويل): خالد حسين، دار التكوين للنشر والتأليف والترجمة، ط1، 2008، سوريا – دمشق، ص136. 
[12] – البداية والنهاية في الرواية العربية: عبد الملك أشبهون، دار رؤية للنشر والتوزيع، مصر – القاهرة، ط1، 2013، ص240.
[13] – معجم مصطلحات نقد الرواية، مرجع مذكور، ص85.
[14] – القصة القصيرة جداً: حسين المناصرة، عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، الأردن – أربد، ط1، 2015، ص97.
[15] – فن الشعر: أرسطو طاليس، ترجمة وتقديم وتعليق: إبراهيم حماده، الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية، ط1985، ص133.  
[16] – بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي: حميد لحمداني نقلاً عن رولان بارت، المركز الثقافي العربي للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان – بيروت، ط1، 1991، ص28. 
[17] – على سراط البحر، مصدر مذكور، ص57.
[19] – على سراط البحر، مصدر مذكور، ص101.
[20] – المصدر السابق، ص101.
[21] – المصدر السابق، ص108.
[22] – المصدر السابق، ص108.
[23] – على سراط البحر، مصدر مذكور، ص108.
[24] – المصدر السابق، ص108.
[25] – معجم السرديات، مرجع مذكور، ص165.
[27] – على سراط البحر: مصدر مذكور، ص124.
[28] – على سراط البحر، مصدر مذكور، ص126.
[29] – على سراط البحر، المصدر السابق، ص127.
[31] – على سراط البحر، مصدر مذكور، ص128.
[32] – بنية النصّ السردي من منظور النقد الأدبي، نقلا عن رولان بارت، ص29.
[33] – على سراط البحر، ص115.
[34] – معجم المعاني: جذر مفرد (صرط).
[35] – القرآن الكريم: سورة الأنعام، السورة رقم (6)، الآية رقم (153).   
[36] – على سراط البحر، مصدر مذكور، ص100.
[37] – معجم المصطلحات في نقد الرواية، مرجع مذكور، ص86.
[39] – معجم السرديات: مرجع مذكور، ص167.
[40] – معجم مصطلحات نقد الرواية، ص86.
[41] – على سراط البحر، ص93.
[42] – فن الشعر، مرجع مذكور، ص133.
[43] – على سراط البحر، ص21.
[44] – على سراط البحر، ص34.
[45] – على سراط البحر، ص5.
[46] – المصدر السابق، ص20.
[47] – البداية والنهاية في الرواية العربية، مرجع مذكور، ص235.  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…