كتابان جديدان عن الكورد الفيليين، للباحث إبراهيم محمود

كتابان جديدان في التأريخ الكوردي للباحث إبراهيم محمود، من إصدارات مؤتمر الإبادة الجماعية ضد شعب كوردستان- الإبادة الجماعية ضد الكورد الفيلية، مطبعة محافظة دهوك- 2024.
الأول جاء تحت عنوان:
مأساة الانتساب وملهاة التنسيب ” دراسة تاريخية- ثقافية حول الكورد الفيليين ” في ” 296 ” صفحة من القطْع الكبير.
ويتضمن الفهرس المحتويات التالية:
استهلال
أتراها مقدمة؟
القســـــــــــــــم الأول
الفصل الأول
مداخل في مدخل واحد
الفصل الثاني
هذا التاريخ بأية أياد ٍ كُتِب ؟
الفصل لثالث
القرن العراقي الطويل
القســـــــــم الثانـــــــــــــي
ما قبل البدء
الفصل الأول
الكوردي الفيلي في تاريخه
الفصل الثاني
التعددية المذهبية والتوتر المميت
الفصل الثالث 
الأماكن ليست هي الأماكن
الفصل الرابع
مأساة ألف جرح وجرح
الفصل الخامس
داخل المجتمع في المسار السياسي
سيرة ذاتية للكاتب

وممّا ورد في التقديم:
أتُراها مقدمة ؟
كيف يمكنك أن تسهِم في موضوع ما: توصيفاً وتعريفاً، وأنت من ناحية المكانة والهيئة التي تعرَف بها في محيطك الاجتماعي، وداخل تاريخ يُقرَا هنا وهناك، مُصادَرٌ عليك ذلك في الائتمان الذي يجيز لك- كونك إنساناً متمتعاً بالأهلية القادرة على الخوض في موضوع كهذا- أن تتكلم بلسان يعنيك، بقلب يضخ الدم الذي يهبُك اللغة المنطوقة، ومن ثم المكتوبة في التعبير عما يعنيك شخصية لا يمكن لها أن تكون إلا نفسها، كما هو الحديث الذي يتمحور حول الهوية ؟
كيف يمكنك أن تكون أنت، وثمة مسافة هائلة تقوم بينك وبين كونك أنت في زمان ومكان لك محل إقامة فيهما، لك صوت مسموع باسمك الشخصي يتردد عبرهما، وحياة وموت يسميانهما ؟
كيف تعطي لنفسك ذلك الحق الذي لا بد أن يكتمل فيه نصاب السوية في منح نفسك هذه مشروعية التعبير عن وضع تاريخي محسوب عليه تاريخياً، وفيه الكثير مما يصعب سبر قاعه، جرّاء المسمَّى باسمك، وليس من حضور للاسم، بالمعنى الفعلي للكلمة، أن تعبّر عن علاقة مع ذاتك، وهي من لحم ودم، ولها لسانها المبين، لإسماع الآخر المجاور لك، أو من يتابعك في حلك وترحالك،من يهتم بأمرك، ليس من موقع المعرَّف بشخصية معتبَرة بذاتها، وكل ما يمكنك قوله، ما يحفّزك على الكتابة، محل مساءلة، أو استفسار، أو شبهة في أن تقدّم نفسك، فيما تتفوه فيه خلاف المرصود فيك، أو الصورة ” العدْلية ” ذات المرجعية السلطوية مكانياً وتقليدياً ؟
كيف يمكنك أن تأخذ محل إقامة ذاتية واضحة في تقاسيمها، في مؤهلاتها المطلوبة لقياس الشخصية السوية فردياً واجتماعياً،وثمة شهادة، ما إن تلوّح بها بصوتك، أو بقلمك، وتطرحها لمن – يهمه الأمر- حتى ترتد عليك: شهادة دون كونها شهادة، بلغة دون كونها اللغة التي تحال عليك صرفاً وبياناً، حضوراً وغياباً، لغة ليست لغتك، طالما أنك- ولو على صعيد التمثيل الشكلي- تعرَف باسم لها محل اعتبار في بنية اللغة تلك، اللغة التي وجدت نفسك مأخوذاً بها، مسيَّراً لا مخيَّراً، كما هو التعبير الفلسفي عن الوجود، ومعنى الوجود بسياقاته الفعلية؛ لأنك من ناحية المكان، كما تقدَّم، يؤخَذ منك تعبيراً ، تفكيراً وتدبيراً، لحساب اللغة ومن يمثّلها واقعاً، عربية كانت، أم تركية، أم فارسية، طالما أنك في العمق داخل خانة الكوردية بالتأكيد؟
مأساة الانتساب وملهاة التنسيب!
أن يعيش الكوردي الفيلي مأساة كونه كوردياً، كواقعة مقرَّرة عملياً، وكغيره كوردياً، ولكنه جهة المنظور إليه، وما عاشه تاريخياً، وما أفصح عنه وأوضحه ثقافياً، مأساوي إلى درجة يصعب اكتناه حقيقتها، جرّاء عمق الجرح الذي يستنزفه قياماً وقعوداً، وهنا تحضر المفارقة، أو ثالوث المفارقات فيه أكثر من غيره كوردياً ” طبعاً “: إنه كوردي، ولكنه كوردي فيلي، هنا، وأنه كوردي فيلي أو شيعي، وما يجرّده بذلك من أس الانتساب كوردياً، وأن يدفَع به كوردياً، فتكون الشيعية نفسها، في الحالة هذه، غلاً روحياً، يلاحَق به وعليه، وأن يكون كوردياً فيلياً وشيعياً، حتى بالنسبة إلى الكوردي السنّي اعتباراً واقعياً بالمقابل، وذلك التشظي في الصورة الواحدة للهوية كوردياً، فيكون ولا يكون، فأين يكون، كما هو كائن دون اسمه، دون عقيدة تعنيه كغيره، دون تمثيل  معيَّن لا تشتيت لأفكاره، ولقلق روحه خارجاً، ليكون إزاء ملهاة التنسيب: من هو ؟
إن ما أطرحه لا يخفي جرحي أنا، ولا قلقي أنا، ولا مجهول اسمي الذي مضت علي عقود وأنا أعيش مغامرته المؤلمة، وأنا، ضمنياً كما أحس وأفكّر، طريد هذه التسمية وملابساتها، أكثر مما عاشه يوليسيس من أهوال، أو سندباد من مغامرات؛ لأنهما كانا يعيشان أمكنة لا يشعران بالغربة فيها، وهنا يلف المكان ما هو روحي، وهو في مكابداته المتعددة بأمكنتها وثقافتها.
أما الكتاب الثاني فقد جاء معنوناً بـ:
الكورد الفَيْليّون بين مطرقة القانون وسندان العدالة” دراسة تاريخية قانونية مقارنة ” في ” 144 ” صفحة، من القطْع الكبير أيضاً.

وبدوره يتضمن الفهرس المحتويات التالية:
الفهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرس
إطلالات شاهدة
الحية والميزان ” مدخل “
من منطلق الهوة الفاصلة
البصيرة الخادعة: القانون والعدالة، أي ثنائية متشكّلة هنا؟
الطريق…سالك!…أهو سالك ؟
ملف ملحق عن العدالة الانتقالية
هل من تعليق للمعلَّق ؟
سيرة ذاتية للكاتب
وممّا ورد في مدخل الكتاب نقرأ، تحت عنوان صغير:
الحية والميزان ” مدخل “
لطالما انشغلتُ بحقيقة المتضمَّن في صورة كل من الحية والميزان. صورة الحية وهي تعلو واجهة الصيدلية، ورأسها يتدلى صوب الأسفل، حيث تستقر قاعدة كأس. وصورة الميزان وهي تعلو واجهة بناية القضاء. هناك كفا الميزان طبعاً، تعبيراً عن مشهد حسي للعدالة وهي تفصل الخير عن الشر، أو البراءة عن الإثم، لتكون ملء العين .
لا بأس أن يتساءل أحدهم: وما وجه التقارب بين المشهدين؟
هوذا السؤال الذي سيدشّن المعتبَر أولَ الكتاب، ويختتمه بالمقابل، وهو الذي سيظل مجدّداً نفسه، باسمه، أو من دونه في كل محاولة مكاشفة عما يعنيه كل من القانون والعدالة، أو بالعكس، ماالذي يصل بينهما، ويفرّقهما عن بعضهما بعضاً، وكيف يمكن اقتفاء أثر كل منهما في الآخر، ونفوذه، وجانب سلطته الرمزية بالمقابل، وما في كل ذلك من خفاء وظهور للحقيقة التي تتشكل أو تتلون أو تعايَن من خلالهما معاً . 
نتحدث عن الاسم، وما هو عليه الاسم من غموض، ومن فخ الدلالة، عن المعنى، ووهم الجاذب فيه، وهو خلافه، عن الحقيقة التي يشار إليها كثيراً، وهي في بنيتها فعل خطاب نص متعدد الطيات.
في مفردة الصيدلية والتي تقابل اليونانية pharmakon،  وتعني معنيين بينهما غاية التعارض: السم أو الداء والدواء أو العقار، ليكونا متكاملين، بينهما غاية التفاعل، حيث النسَب اللغوي واحد. وفي هذه العلاقة تتراءى الصيدلية بتاريخها الطويل وما تحمله من حياة وموت. كما هو سم الحية التي ترتسم، ويقدَّر من خلالها عالياً، حيث الكأس هي الدالة على ذلك. ليس من دواء إلا وفيه داء. في كل نوعية منه نسبة من السمّية، وفطنة المعالج أو النطاسي، هي التي تشكل الرهان في الفصل بين الحياة والموت.
بالطريقة، لا تعود اللغة بدورها بسيطة، ذات واجهة شفافة، وإنما أكثر من قاع، والتباس، وحاجة ذلك إلى التروّي.
تنتظرنا صورة الميزان بدورها. ما مقامها الاعتباري هنا بالمقابل؟
الصورة جامدة، ولكنها تقودنا إلى الداخل، إلى الممكن تصوره. إلى خاصيتي الكفتين: ثمة ما يقابل الداء: الشر، والدواء: الخير، ثمة ما يستدعي المتميَّز بفض المنازعات، وكيفية تطبيق العدالة، باعتماد القانون المطلوب، أو ما يمنح القانون قيمته عبْرها .
الحية هنا، تتخذ صفة ميزانية بكفَّتين تحمَّلان السم والعقار، بمقدار ما يتخذ الميزان بكفتيه صفة مركَّبة، جهة الكفتين: كفة الداء وكفة العقار. ولو وسَّعنا المفهوم لقلنا: الظلم الذي يواجَه بالعدل أو العدالة .
ينوس التاريخ، بمقدار ما يعايَن من خلال حركة مختلفة في إيقاعاتها، عما يكون عدلاً أو ظلماً، عما يكون جانباً من الظلم أو العدل، أو بالعكس، وعما يكون هناك من التباس في بنية المسطور باسمه: التاريخ .
أممٌ، شعوب، جماعات، وسواها تتوزع ضمن مساحات جغرافية هائلة، وغير محدودة، حيث يختلف المعيار: معيار النظر إلى كل منها. نعم، ثمة الحية وثمة الميزان، إنما الخلاف هو: من يكون المشرِف والموجّه والمنفّذ، وكيف ؟
 هانحنذا نمضي إلى التاريخ إذاً، رغم أننا مسكونون به، رغم أننا نعرفه في تعددية وجوهه، وأبعاده، وفي الوقت نفسه، نكون على بيّنة، وهي أن التاريخ الذي نتداوله، أو نقيم علاقة معه، ليس هو كل التاريخ. فهناك ما ينتظر ظهوراً ليحمل اسمه، وقد كان مجهول الاسم، أو غامضه، ما ينتظر تقدَّمه والاعتراف به راهناً وآتياً، لأن في ذلك ما يعنينا، ما يعنينا أمره، ولأن التاريخ في واقع أمره، هو ما لا يمثّل أياً كان والجميع، ليستحق شرف حمل لقبه: تاريخاً.
أممٌ، شعوب، جماعات، وسواها تتوزع ضمن مساحات جغرافية هائلة، وغير محدودة، حيث يختلف المعيار: معيار النظر إلى كل منها. نعم، ثمة الحية وثمة الميزان، إنما الخلاف هو: من يكون المشرِف والموجّه والمنفّذ، وكيف ؟
لاتعود الحية كما هي في ظاهره، ولا الميزان كما هو في رسمه النافر أو المحفور في الجدار عالياً، تأكيدَ فتنته ربما، أو الإيحاء إلى أنه يخدم الحقيقة التي ينتظر المظلوم أو المضطهّد أو الضحية سماعها بعمق، إنما كما هو الممكن المضيّ عميقاً، واسعاً، رحباً، متعدد المعاني، ملهماً، مشجعاً على الحياة، وأن الآتي جدير بالرهان عليه.
لا قانون هنا يعطى حق التفويض عن أي قوة جانبية، لا عدالة تسجَّل، وبلوحها المحفوظ باسم يمنَع سبْر خفيه.
وربما كان في درس ” الكورد الفيليون ” كما هو المشدَّد عليه بداية ونهاية، بكامل حمولته التاريخية، والاجتماعية، والثقافية، وعلى أرضية قانونية وهي تصل ما بين الموسوم بتاريخه، والمضاء بغيره، جهة المقارنة لتعزيز صفته.
لا قيمة لتاريخ يقرَأ، إن لم يؤت من خلال القراءة، بما هو غير معهود. أتحدث عن تاريخ كان، أشدد على تاريخ سيكون، دون ذلك، من الظلم بمكان، تسمية التاريخ باسمه. مقصد التاريخ من التاريخ، هو ما أن يستدعيه حتى يعزّز ما ليس فيه!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…