أشياء بسيطة جداً جداً

إبراهيم محمود
لا يريد أن ينام
كيف ينام؟
عينه على رَجُل في الساحة
 باللباس الميداني الكامل
تحسباً لأي طارئ
يؤانس وحدته
***
لا يريد الاكتفاء بالنظر أفقياً
كيف يكتفي به؟
على قمة جبله الصغير
صخرة على وشك التدحرج إلى الأسفل
***
لا يريد أن يضيّق على فكره
كيف يضيّق عليه؟
في سمائه نجمة تتنفس ضوءاً
رغم كثافة الظلام 
***
لا يريد أن تأخذه غفلة
كيف يغفل؟
عينه على الشارع
ثمة طفلة تحاوْل قطعه
تهتدي بنظرته للانتقال إلى الطرف المقابل 
***
لا يريد أن يغلق باب غرفته الوحيدة
كيف يغلقه؟
ثمة عصفور صغير
يبحث عن دفء في الجو هائل البرودة
***
لا يريد أن يقعد
كيف يقعد؟
على مرأى منه ثمة أعمى يتقدم
وحفرة يزداد منها اقتراباً
***
لا يريد أن يخلَّ بحركة
كيف يخل بحركة؟
وهو يرسم أخدوداً صغيراً لقطرات ماء
تنتظرها نبتة أثقلها الظمأ
***
لا يريد أن يمضي سائراً دون التفاتة ؟
كيف لا يلتفت؟
ثمة قطة تمور في الجوار
عالقة في حفرة
***
لا يريد أن يؤسبل ذراعه
كيف يؤسبلها؟
ثمة امرأة على الرصيف
تعجز عن الوقوف في الزحام
***
لا يريد أن يغادر شرفة بيته الصغير
كيف يغادرها؟
ثمة تائه وحيد في الجوار
أضناه البحث عن عنوان مسجَّل لديه
***
لا يريد أن يزعل طلب وردة
كيف يزعلها؟
عيناه على عاشقين 
تكاد المسافة تنعدم بينهما
***
لا يريد أن ينظر إلى الأسفل
كيف يفعلها؟
في أعلى الشجرة
عش طائر يقاوم السقوط 
***
لا يريد أن يسد أذنيه
كيف يسدّهما؟
ثمة أصوات غريبة 
تتردد في أعلى المدينة
***
لا يريد أن ينسى الطريق الموحش
كيف ينساه؟
ثمة عائد إلى بيته 
بعد غياب طويل طويل
***
لا يريد أن يهمل الأفق
كيف يهمله؟
ثمة خطى مرفقة بالأمل
توجّه حركاتها نحوه بإصرار
***
لا يريد أن يطوي صفحة حدوده
كيف يطويها؟
في الجانب الآخر
من يحاولون تعكير صفو مدينته
***
لا يريد أن يترك قلبه على حاله
كيف يتركه؟
ثمة امرأة تصرخ وجعاً
من وطأة آلام المخاض
***
لا يريد أن يتوسَّد روحه
كيف يتوسَّدها؟
ثمة إنسانية في المدى الواسع
لا تتوقف عن النزْف

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…