أحمد جويل
لم يبقَ مني سوى الريح
وحبات المطر…
يغازلني البرد،
وعلى وجنتي تجاعيد الزمن.
منسيٌّ أنا على قارعة الطريق،
والنهر يجدّف أحلامي إلى المحيط….
يذكّرني طائر النورس
بعد كل تغيير!!!
وبوصلة رأسي تدرك كل الجهات.
عذّبوني في زنزانتي المنفردة،
وفي قلبي… صهيل نحو الفرات.
تتكئ الأجراس على مآذني
الصدئة من فعل الصلاة.
هاتِ كفيكِ، مندلا،
تبصرين في أيامي كل الواقعات،
ومنديلكِ يلمّ دموعي
على أصداف الذكريات.
كم أنتِ تعاندين الإعصار،
تنفخين في النار،
فيتّقد…
غريب ملا زلال
أن تحبها
أن ترسمها بعبثية الإنتقال
من مطلع القصيدة
حيث الجذور فيها تحولات
و تاريخ لكيان
ينسكب روحاً على حلم
أن تحبها
أن تعزف لعينيها
ملحمة موسيقية
فيها تختصر الخصوبة
في منتهى الصعود
أن تحبها
أن تتجه بحشدك إلى بابها
تفاجئها بفعلك
و بإشعال الضوء فيها
أن تحبها
أن تتأمل أشياءها الطافحة
بالشوق
بالخمر
و أنت كناسك
يرتاد جيدها مصادفة
أن تحبها
أن تستوقفك كل الإشارات
و كل الدلالات على مفترق وجهها
أن تعجز كل وسائل تعبيرك
بالبوح…
غريب ملا زلال
أن تموت كماعز
سلب من الاخرين
أجمة تجنح الى الخيال
أن تموت
في غفلة عن كؤوس
كانت تدلف في شوارع خلفية
من المدينة المثيرة
منذ قرون
أن تموت في تسارع
مع رجال يتأبطون الشمس
باختصار مع امبراطورية
رسمت المهد القديم
أن تموت
وحيداً —بعيداً
عن طرقات
كانت طافحة
بحشود قادرة
أن تعبر المستحيل
عن طرقات
باتت مرتعاً للغرباء
وأناشيد الظلام
أن تموت
على نحو
يثير فيك العبادة
لغائب لن يأتي يوماً
أن تموت متوسلاً الى الاحمر :
هذه أنهاري
تدفقت…
عبد الستار نورعلي
الليلُ ستارٌ نُسدلُهُ
فوق نهارٍ منْ أرَقٍ.
أطرقُ نافذةَ نهاري،
البابُ المُغلَقُ منْ غيرِ مفاتيحٍ،
البوّابُ النادلُ يغيبُ،
يظهرُ في ليلٍ داجٍ
منْ غيرِ ثيابْ.
عارٍ عنْ أرديةِ كلامٍ.
بابُ الكهفِ سرابٌ،
ثالثُنا القلمُ،
قلمُ الكلماتِ على ورقٍ
لا قلمُ شفاهٍ لا تنبِسْ.
ذاكَ البوّابُ يُغازلُني
أنْ أفتحَ كلماتي
لريحٍ صفراءْ،
قلْتُ:
أنا ريحي حمراءُ بلونِ الرايةِ
لا لونِ وجوهِ الأسيادْ.
في زمنٍ مرَّ
لم أفتحْ بابي يوماً
لريحِ كنوزِ الأٌقوامْ.
كيفَ أكونُ اليومَ
على…
عبد الجابر حبيب
بَحَثْتُ عَنْ الحَقِيقَةِ،
فَسَقَطَتْ عَيْنَايَ فِي بِئْرٍ عَمِيقَةٍ،
وَتَصَدَّعَتَا كَمِرْآةٍ مِنْ جَلِيدٍ،
أَمَّا البَاطِلُ فَقَدْ ضَغَطَ عَلَى يَدِي،
لِيَسْقُطَ مِنْ نَبْضِي
مَا تَبَقَّى مِنْ نَقَاءٍ،
كَظِلٍّ زَائِلٍ.
******
مَدَّدْتُ يَدِي لِلْحُبِّ،
فَلَدَغَتْنِي أَصَابِعُهُ الرَّطْبَةُ،
ضَحِكَ كَخُدْعَةٍ هَشَّةٍ،
غَيَّرَ مَلَامِحَهُ فِي لَحْظَةٍ،
وَحِينَمَا قَبَضْتُ عَلَيْهِ،
ذَابَ كَجَسَدٍ بِلَا رُوحٍ.
******
طَرَقْتُ أَبْوَابَ الصَّدَاقَةِ،
فَفَتَحَتْ أَفْوَاهٌ بِلَا شِفَاهٍ،
اِلْتَهَمَتِ الجُدْرَانَ،
وَخَرَجَتْ كُفُوفٌ مِنْ رَمَادٍ،
فِي عُيُونِهَا سِكَّاكِينُ،
تَنْتَظِرُ لَحْظَةَ سُقُوطِي.
*******
بَحَثْتُ عَنْ الرُّجُولَةِ،
فَوَجَدْتُ أَصْوَاتًا مَشْرُوخَةً،
وَجُلُودًا يَحْشُوهَا…
غريب ملا زلال
نحن
لا نحتاج عيد الحب
و بهرجته
نحتاج الحب ذاته
كما
لا نحتاج
ميليشيات و بيادق
و لا أحزاب و بيارق
و لا أديان و خنادق
نحن
نحتاج
الوطن ذاته
تجد في
قبلة غوستاف كليمنث
ورقصة رينوار
و استراحة فان كوخ
رشاد شرف
عندما ينام الليل.. أستيقظ .. أبحث عنكِ بين دفاتري القديمة بين أسطر الكتابة، أراكِ كئيبةً لا تريدين البقاء ولا المغادرة..
أقرأ الحيرةَ بين حواشي جفنيك وأسئلة كثيرة
من الذي سرقنا من طفولتنا وأجهض فتوتنا ورمانا في عش(الوقواق) قبل أن ينبت لنا زغب؟.
أنا طفل كبير، تعلّمتُ أبجدية العشق بين ضفائرك
الشمس كانت آيلة للغروب ..
لكنّي لويتُها بذراعيّ لنرتشفَ…
غريب ملا زلال
وهو يلتهم الفجر
وينحدر نحو الصبح
حتى
لا تضيع رائحة الطيب القديم
وهو
يحدثها عن مم وزين
وعن شجرة بارزة
كعرش في السماء
تثمر جسداً
يتأمل بخيبة
ريحاً
تنحني باللائمة
لملك أوغر قلبه في المسرات
فجأة
وفي غضون أمسية
أكثر فاعلية من أي معبد
أو
أي رغبة معلقة
على شجرة الموت
أو
من رغيف على شكل سمكة
كانت الشمس
تقف خجلى
دون ضوء
================
العمل الفني لرحيمو
بدرية دورسن
في مفترق الطرق
تعرت فينا كلمات القصائد
تسلخت الحكايات عن معانيها
تمركز الانتظار في حنجرة الموت
لترهقها غصات الاحتضار في الغياب
ليل طويل
ناي حزين
وصمت يحف الخراب في عينيك
لتستيقظ الذكريات جريحات
والأقحوان يتدلى من قلوبهن
تتلحف أسوار المدينة بموسيقا خطاك
العالقة على السلم الموسيقي
بمشبك شوق غريب
تصرخ بصوت خافت لا يسمع ولا يجيب
كقطرات المطر الهاربة من السماء راكضة لحتفها
على وجنتي سنديانة هرمة
وسوء الحظ كذبابة…
يسرى زبير
أرهقتني السنين، وغابت عني الأيام،
والحياة تسير بلا هوادة نحو عالم مجهول.
واحاتٌ تردد أصداء أرواحٍ،
من كانوا يومًا على قيد الحياة.
كضمير العمر، لا تلتقي آهات الأعماق بشجونها،
تدوي الروحُ ببلسم هشّ،
لكنها تحمل في جوفها زوبعةً من دخان،
ضجيجها يملأ عالم الأوهام،
وأحلامها ترنّ كأجراسٍ في معابد الكهنة.
رمسيسُ وسيتي، جبابرة الماضي،
اليوم مُحنّطون، مجمّدون كأصنامٍ لا صوت لها،
بعد أن حكموا العالم…