كتاب جديد يكشف أسرار الجملة الاسمية

كتاب “سر الجملة الاسمية” هو مؤلف للكاتب الفلسطيني فراس حج محمد، صدرت طبعته الثانية المنقحة عن دار الرقمية للنشر في القدس. يُعتبر الكتاب دراسة نقدية أدبية تُركز على “شعرية الجملة الاسمية” في اللغة العربية، مُحاولةً الكشف عن جمالياتها وأهميتها في النصوص الأدبية، سواء في الشعر أم في النثر.
مقدمة الكتاب:
قدّمت للكتاب الأديبة الفلسطينية المُقيمة في ليبيا جمانا العتبة، حيث أشارت في مُقدمتها إلى أن الكاتب يُنوّه بأن الاسم ليس فقط بداية اللغة، وإنما أيضًا الكينونة والوجود، وأن للاسم دلالات وجودية لحامله، وكيف تُؤثر الأسماء في حياتنا الاجتماعية، وكيف يُخلّد الاسم الفعل.
محتوى الكتاب:
يقع الكتاب في 230 صفحة من القطع المتوسط، ويتألف من قسمين رئيسيين يجمع فيهما الكاتب بين الدراسة النظرية النقدية والتطبيق الإبداعي:
القسم الأول: الدراسة النظرية: يُخصص هذا القسم لتناول الجوانب النظرية المتعلقة بالجملة الاسمية والتأملات حول اللغة والشعر، حيث يُعرّف الجملة الاسمية، ويُحلل خصائصها ومكوناتها، ويُبيّن أهميتها في اللغة العربية. يُركز الكاتب على الجانب الشعري والبلاغي في استخدام الجملة الاسمية، وكيف تُساهم في إضفاء جمالية خاصة على النص. ويمتد هذا القسم حتى آخر صفحة (134)، ويثبت الباحث في نهايته مجموعة من المصادر والمراجع اللغوية والنقدية. ومن بين النقاط التي يُثيرها الكاتب في هذا القسم:
* الاسم بداية اللغة الإنسانية وكينونة ووجود، وذو تأثير في الحياة الاجتماعية، وتتجاوز أهميته- عدا إعلان الوجود الذاتي- إلى معاني لها ارتباط بالنواحي الاجتماعية والسياسية.
* قدرة الجملة الاسمية على الاستغناء عن الفعل تمامًا في بناء نصوص كاملة المعنى والفكرة، بينما لا تستطيع الجملة الفعلية الاستغناء عن الاسم، وهذا يعني أن الاسم الركن الأساسيّ الأول والأخير في عملية التواصل البشري.
* حضور الجملة الاسمية في نصوص الشعراء العرب، وبعض نماذج من الشعر المترجم، وتحليل كيفية استخدام الكُتّاب والشعراء للجملة الاسمية، ومساهمة هذه الجملة في إبراز المعاني وإضفاء الجمال على النصوص، وتقديم أمثلة من الشعر والنثر تُوضح قوة الجملة الاسمية وتأثيرها.
* التحليل الثقافي والبنيوي والإيقاعي لاسم فاطمة؛ بوصفه اسما من أشهر الأسماء العربية الأنثوية، وحضوره في القصائد، وفي مقاطع الديوان الملحق بالدراسة، وأشكال هذا الحضور، ويوصف هذا التحليل بأنه تحليل شامل لجوانب التحليل المختلفة؛ بنيوياً، وتاريخياً، وثقافياً.
القسم الثاني: التطبيق الإبداعي: يُطبّق الكاتب في هذا القسم ما طرحه في القسم النظري، ويتألف هذا القسم من ديوان “هي جملة اسمية- ديوان لا فعل فيه”، مكوناً من (103) مقاطع شعرية، تبدأ بعنوان “بادئة” وتنتهي بــ “خاتمة”، وما بينهما يعتمد الشاعر حج محمد الترقيم للمقاطع، وليس العنونة الداخلية.
أهمية الكتاب:
يُعتبر كتاب “سر الجملة الاسمية” مُحاولة جادة لتسليط الضوء على جانب فني وشعري مُهم في الأدب العربي، غالبًا ما يتم إهماله أو عدم التركيز عليه بشكل كافٍ، ويُساهم الكتاب في فهم أعمق لقواعد اللغة العربية وبلاغتها، ويُفتح آفاقًا جديدة في تحليل النصوص الأدبية، وكما جاء على لسان المؤلف خلال لقاء أجرته معه إذاعة (مصراتة أف. أم) الليبية، أن هذا العمل هو امتداد لبحثه في الصنعة الشعرية التي بدأ العمل عليها في كتابه “بلاغة الصنعة الشعرية”، إذ يعتبر أن الكتابة بالاسم بعيدا عن الفعل عملا فيه من الصنعة والبلاغة ما يضاف إلى مظاهر الصنعة البلاغية المعروفة في كتب البلاغة التقليدية، من مجاز واستعارة وصنعة لغوية متعددة المظاهر.
لا يفصل هذا الكتاب بين البعد الإبداعي والنقدي، ويقدّم مثالا عمليا على النظرية الشعرية، وهذا منهج تأليفي، ربما يكون رائداً، في التأليف النقدي، عدا أنه يعيد الاعتبار للتحليل اللغوي أولا، وأثر اللغة في بناء النص الإبداعي.
يؤسس الكتاب لمدرسة جديدة في فهم الجملة الاسمية، ويُبرز ما فيها من جمال وعظمة لا تقدر عليه الجملة الفعلية، فالكتاب ليس مُجرد دراسة لغوية، بل هو مُحاولة لتسليط الضوء على جانب فني وشعري مُهم في الأدب العربي، مع التركيز على توظيف الأسماء والجمل الاسمية في الشعر والنثر.
وعلى العموم، فإن كتاب “سر الجملة الاسمية” يشكل إضافة قيّمة للمكتبة النقدية العربية، حيث يُقدم رؤية جديدة ومُعمقة حول الجملة الاسمية ودورها في الأدب، وهو كتاب نافع للباحثين والدارسين والمهتمين بالأدب والنقد والبلاغة العربية، ويفتح مسارب جديدة للتحليل اللغوي ضمن البناء العام للقصيدة العربية، بوصف الأدب مكونا من مجموعة من الأساليب اللغوية التي تحمل القصدية في البناء، كما أنها تتضمن القصدية في المعاني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كاوا درويش

هناك في أقصى نقطةٍ في أعالي البحار من جهة الشرق، تقع جمهوريتنا التي تسمى بجمهورية الموز أحياناً أو بجمهورية البطيخ أحياناً أخرى… دويلةٌ لا تكاد تُرى على الخريطة، صغيرةٌ بحجم عقل رئيسها الذي لا يهدأ في إتحاف مواطنيه بقراراته الباذخة، وآخرها كان قراره حجب أشعة الشمس بغربالٍ خشية تلوّن وجوه مواطنيه باللون الأسمر لعقدةٍ…

عالية ميرزا

على حافة

الزمن المندلق

اترنح

أهادن ظلي العنيد الذي يئنُّ

خلف خطواتي المتعبة

خجولاً

كجذع شجرة بلوط

خانها الريح

واستوطنه خريفٌ

نسى ان يرحل

في أمسيات الحزن الموجع

أراه يحتضن وحدته

يمشي به على الجمر

لينساب

بين شقوق المعنى

تسكنه الدهشة

كشهيقِ غريق

ثم يميل باتجاه نورك المنفلت

كقرص دوار الشمس

عندها ينهشني الحزن

ويزاد يقيني

انك تسكن خلف السراب

خلف

حكايات الريح الزائلة

في حضن أشجار

الغابات الهرمة

التي نسيت كيف تهتز

لريح

صدر العدد (26) من مجلة شرمولا، وهي مجلة أدبية ثقافية فصلية تصدر باللغتين الكردية والعربية في شمال وشرق سوريا.

وتناول العدد الجديد للمجلة “الصحافة الورقية في سوريا الجديدة” كملف للعدد، وأدلى عدد الكتاب والصحفيين بآرائهم حول هذا الملف. ومما جاء في افتتاحية العدد:

“يكمن سر وصول أي صحيفة أو مجلة مطبوعة إلى النجاح والاستمرارية وتقبل الجمهور بكافة…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الاغترابُ _ في المَنظورِ الأدبيِّ والنَّسَقِ الفَلسفيِّ _ لَيْسَ انتقالًا مِنْ مَكانٍ إلى مَكانٍ ، أو الابتعادِ عَن الأحبابِ والأصدقاءِ.إنَّهُ شُعورُ الفَرْدِ بالعُزلةِ،والانفصالِ عَن ذَاتِهِ والعَناصرِ المُحيطة بِه ، أي إنَّ الإنسانَ يَنفصِل عَنْ جَوْهَرِه ، وَيَشْعُر بالغُربةِ وَهُوَ مَوجود بَين الناسِ ، وَيَعْجِز عَنْ إيجادِ مَعْنى حقيقيٍّ للأحداثِ…