«مثال سليمان» كاتبة كردية تنشر ثلاثة أعمال أدبية

فيرمين رمضان
أصدرت دار نوس هاوس للنشر والترجمة والأدب، ثلاثة كتب مختلفة، للكاتبة الكردية، مثال سليمان، فكان الكتاب الأول «أنفاس الفكر – إشراقات في أفق المعنى»، عبارة عن حوارات أعدّتها على مدار أربع سنوات، فيما الكتاب الثاني «إثرَ واجم»، هو رواية تتماهى مع روح العصر الذي يعيشه الإنسان، أما الكتاب الثالث، فكان مجموعة شعرية، تضمّن موضوعاته عن الغربة والفَقد والحبّ والوطن…، وحمل عنواناً رمزياً «وفي ذا الكون محتجب».
سنوات من البحث والتأمّل:
أعدّت سليمان حوارات كتابها الأول على مدار أربع سنوات، ابتداء من تشرين الثاني 2020م، وحتى أواخر عام 2024م. مشيرة أنها تواصل العمل على تقديم المزيد من الحوارات القيّمة، والتي تجمع بين الأدباء، والكتّاب، والفلاسفة، وأصحاب الاختصاصات المتنوّعة، ونشرها للرأي العام، ساعية لإثراء المشهد الثقافي والفكري بشكل مستمرّ.
وحرصت الشاعرة الكردية قدر الإمكان على أن تكون الحوارات التي جمعتها انعكاساً لمختلف الاختصاصات، وأن اختيار الضيوف كان يتمّ بعناية، بحيث يضمّ الكتاب مزيجاً ثرياً من التجارب والخبرات المعرفية، التي تتقاطع بين الأدب، والفلسفة، والنقد، والشعر، والرواية. وكان يتمّ اقتراح بعض الأسماء من قبل كتّاب وروائيين سبق أن استضافتهم، ما أضاف بُعداً من التنوّع والاستمرارية وصولاً إلى مشروع فكري وقع في (250) صفحة.
(لا) للأسئلة التقليدية:
وتوضّح المحرّرة في مجلة وموقع «رواق الأدب»، أنها سعت جاهدة إلى تجاوز إطار الأسئلة التقليدية، حرصاً منها على أن تكون الحوارات مساحة مفتوحة وغير مؤطّرة بتجربة الكاتب الذاتية فقط، طامحة لأن تنطلق الأسئلة والأجوبة في أفق واسع، يمنح الكاتب أو الضيف حرّية غير محدودة للتعبير عمّا يجول في ذهنه، دون أن يشعر بأنه مقيّد بالإجابة على الأسئلة المطروحة فحسب.
وتضيف: «ما كان يهمّني بالدرجة الأولى هو تقديم تجربة إنسانية عميقة للقارئ، والتطرق إلى الأسئلة الوجودية الكبرى من خلال ما يطرحه هؤلاء الكتّاب، الروائيون، والفنّانون في أعمالهم. كنت أطمح لأن تكون هذه الحوارات نافذة تكشف للقارئ عن زوايا جديدة، وأبعاد غير مألوفة من الفكر والإبداع الإنساني.
وأكّدت المحاورة الكردية: «لقد فتحت هذه الحوارات أمامي آفاقاً معرفية أوسع، ومجالات لا حدود لها لاستكشاف تجارب متنوعة، لم أكن لأطرقها لولا العمل عليها والإعداد لها. لولا هذه التجربة، ربما كنت سأسير في مسار أحادي الاتجاه؛ منشغلة بقراءة الروايات، ومحاولة كتابة شيء من الشعر، ولكن دون أن أتعمّق حقّاً في التجربة الأدبية أو المعرفية. غير أن إعداد الحوارات دفعني، مراراً، للعودة إلى كتب فلسفية أو استحضار أسماء كتّاب ومفكّرين، في سبيل فهم أعمق واستعداد أفضل للحوار. أؤمن أن القارئ الذي يعود لهذه الحوارات سيجد فيها زاداً من الأجوبة على أسئلة لطالما راودته، أو ربما سيكتشف أسئلة جديدة تثير فضوله المعرفي، وتدعوه إلى البحث والتأمّل».
خروج واعٍ عن الطابع الكلاسيكي روائياً:
هذا ومثّلت روايتها «إثرَ واجم»، التي وقعت في (164) صفحة، خروجاً واعياً عن الطابع الكلاسيكي التقليدي للرواية، وحاولت أن تتماهى مع روح العصر الذي يعيشه الإنسان، عبر عصر التكنولوجيا ومنصّات التواصل الاجتماعي. موضّحة: «هي عمل أدبي ينتمي إلى الحواريات، يرتكز بشكل أساسي على شخصيّتين تتبادلان الحوار بشكل مكثّف، حيث يجد القارئ نفسه أمام سيل من الأسئلة الوجودية، التي تحثّه على التفكير والتأمّل، أو ربما يجد الإجابة عن تلك التساؤلات في الرواية ذاتها».
وأردفت الروائية الكردية أن روايتها لا تتقيّد بمكان محدّد أو تسلسل تقليدي للأحداث، بل تتيح فضاءً مفتوحاً للتأويل والبحث. «إنها دعوة للقارئ الحاذق لاستكشاف الأعماق، حيث يمكن لكلمة واحدة أن تحمل دلالات واسعة ومعانٍ خفية، تكشف عمر الشخصية الرئيسية، خلفياتها الاجتماعية والدراسية، وربما حتى طبيعة الزمن الذي تتحرّك فيه. هي تجربة أدبية تجسّد تقاطع الفكرة والزمن في لحظة واحدة، حيث تنسج المعاني عبر تفاصيل تبدو في ظاهرها بسيطة، لكنها تحمل أبعاداً عميقة ومفتوحة على احتمالات متعدّدة».
الذاتية المنعكسة على الشعور الجمعي:
وفيما يتعلّق بالدلالات النفسية، لديوانها الشعري، وموضوعاته، وملامحها فيه كشاعرة قالت مثال سليمان: «بعض من هذا الديوان رحلة داخل ذاتي. بعض القصائد إنما انعكاس لتجربة عشتها أو شعور حاولت فهمه. وربما كتابة هذا الديوان بالنسبة لي مَنفذ للتعبير وأحياناً وسيلة للتصالح مع مواقف أو مشاعر مررت بها. لذلك، أشعر أنه جزء مني ومن رحلتي الشخصية».
وعلى الصعيد العام حاولت الشاعرة التعبير عن مشاعر وتجارب قد يجدها القارئ قريبة منه، إذ ركزت على قضايا عديدة كالغربة والفقد والحبّ والوطن… وغيرها من القضايا، التي أرادت أن تُحدث فيها حواراً مع القارئ، فيشعر أن هذا الديوان ينتمي إليه كما ينتمي إليها، متمنّية أن يجد القارئ في الديوان ما يمسّه على الصعيد الشخصي، ويحفّزه على التفكير في حياته ومحيطه.
الجدير ذكره، أن مثال سليمان، هي كاتبة كردية سورية، مواليد مدينة قامشلو، درست الترجمة – وسيط ثقافي لغوي (كردي، عربي، ألماني)، تعمل في مجال الأدب والترجمة، وهي لاجئة تقيم حالياً في ألمانيا، وتعمل كمحرّرة في مجلة وموقع «رُواق الأدب» الأدبية الثقافية العامة، والتي تصدر الكترونياً باللغات الكردية والألمانية والعربية. ساهمت في تأسيس جمعيتي (EVA DORTMUND e.V & ÊVAR e.V).

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…

 

نارين عمر

 

” التّاريخ يعيد نفسه” مقولة لم تُطلق من عبث أو من فراغ، إنّما هي ملخّص ما يحمله البشر من مفاهيم وأفكار عبر الأزمان والعهود، ويطبّقونها بأساليب وطرق متباينة وإن كانت كلّها تلتقي في نقطة ارتكاز واحدة، فها نحن نعيش القرن الحالي الذي يفتخر البشر فيه بوصولهم إلى القمر ومحاولة معانقة نجوم وكواكب أخرى…

محمد إدريس*

 

في زمنٍ كانت فيه البنادق نادرة، والحناجر مشروخة بالغربة، وُلد غسان كنفاني ليمنح القضية الفلسطينية صوتًا لا يخبو، وقلمًا لا يُكسر. لم يكن مجرد كاتبٍ بارع، بل كان حاملَ راية، ومهندسَ وعي، ومفجّر أسئلةٍ ما زالت تتردد حتى اليوم:

“لماذا لم يدقّوا جدران الخزان؟”

المنفى الأول: من عكا إلى بيروت

وُلد غسان كنفاني في مدينة عكا عام…