الوطن الهاجس

فواز عبدي

يا وطناً عشنا هاجسه ولم نعشه،

في ظلال المساءات المُثقلة بالسراب،

نرسم على جدران الهواءِ خريطةً للحب،

وننسج من الأوهام جُدراناً من تراب.

يا وطناً يتكوّر بين الغيمات الهاربة،

كسرب طيورٍ لا يعرف الأرض مستقراً،

نحمل في حقائبنا مفاتيح لمدنٍ لم تُخلق،

وننقش على الماء وجهك المتبخّر.

هناك حيث الأشجار تُغنّي بأصواتٍ من زمنٍ غابر،

وحيث النهر يجري عكس اتجاه الشمس،

نُطلق أسئلتنا التي لا تتلقى أجوبة،

ونرى في الأفق جبالاً تبتلع الحزن.

يا وطناً يحترق في الأفق كنجمةٍ تائهة،

ويغفو في أعين الأطفال حلماً مؤجّلاً،

نتبعك في دروب لا تؤدي إلا إلى الفراغ،

ونبني في الهواء مدناً.

في شوارعك تسرح الأحلام بأقدامٍ من غبار،

والأمل يلبس معطفاً من الريح،

يا وطناً هو العدم الحاضر في كل الأشياء،

والوجود المتلاشي في زوايا المساء.

يا وطناً نُشعل له قناديل الكلام ولا نلقاه،

نركض في اتجاهه دون أن نلمس بابه،

يظل في قلوبنا حلمٌ لا ينكسر،

ومدينة لا تطأها الأقدام، لكنها في أعيننا تنتظر.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…