تحريات مقفلة

إبراهيم محمود

 

أطلقتُ الرصيفَ

فبحث عن شارعه

الشارع عن حيّه

الحي عن مدينته

المدينة عن ساكنها

الساكن عن مؤسسته

المؤسسة عن دولتها

الدولة عن حقيقتها

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت الشم

فبحث عن رائحته

الرائحة عن وردتها

الوردة عن شجرتها

الشجرة عن حديقتها

الحديقة عن حارسها

الحارس عن حقيقته

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت اليد

فبحثت عن جسمها

الجسم عن صاحبه

الصاحب عن موقعه

الموقع عن رمزه

الرمز عن مشفّره

المشفر عن كرسيه

الكرسي عن حقيقته

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت الهواء

فبحث عن ريحه

الريح عن غيمتها

الغيمة عن بخارها

البخار عن مطره

المطر عن أرضه

الأرض عن بذرتها

البذرة عن حقيقتها

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت المفتاح

فبحث عن بابه

الباب عن جداره

الجدار عن عمارته

العمارة عن جهتها

الجهة عن خريطتها

الخريطة عن مصدرها

المصدر عن منشِئه

المنشىء عن حقيقته

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت الحبْر

فبحث عن قلمه

القلم عن كاتبه

الكاتب عن فكره

الفكر عن مؤثره

المؤثر عن عتبته

العتبة عن حقيقتها

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت المعدن

فبحث عن حديده

الحديد عن بابه

الباب عن قفله

القفل عن حامله

الحامل عن قيده

القيد عن مالكه

المالك عن حقيقته

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت النبْض

فبحث عن قلبه

القلب عن عاشقه

العاشق عن نسَبه

النسب عن نشأته

النشأة عن حقيقتها

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت الرَّجلَ

فبحث عن امرأته

المرأة عن ظلها

الظل عن صوته

الصوت عن أفقه

الأفق عن نوعه

النوع عن جنسه

الجنس عن حقيقته

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت المرأة

فبحثت عن رَجلها

الرجل عن يده

اليد عن سوطها

السوط عن مادته

المادة عن أنفتها

الأنفة عن ميزتها

الميزة عن حقيقتها

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت الجمرة

فبحثت عن لهبها

اللهب عن ناره

النار عن وقودها

الوقود عن دوره

الدور عن واضعه

الواضع عن حقيقته

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت النَّفَس

فبحثَ عن حنجرته

الحنجرة عن لغتها

اللغة عن أبجديتها

الأبجدية عن حدودها

الحدود عن جغرافيتها

الجغرافية عن كائنها

الكائن عن حريته

الحرية عن حقيقتها

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت التاريخ

فبحث عن مدوّنه

المدوّن عن فاعله

الفاعل عن سلطته

السلطة عن قوتها

القوة عن قانونها

القانون عن حقيقته

لكن الحقيقة التزمت الصمت

 

أطلقت الوجود

فبحث عن موجوده

الموجود عن سمائه

السماء عن عرشها

العرش عن متسنّمه

المتسنم عن خليقته

الخليقة عن خالقها

الخالق عن حقيقته

لكن الحقيقىة التزمت الصمت

 

سألت نفسي

فبحثت عن نفسها

النفس عن جسدها

الجسد عن جبلَّته

الجبلة عن عناصرها

العناصر عن روحها

الروح عن حقيقتها

لكن الحقيقة التزمت الصمت

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…

ميران أحمد

أصدرت دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع مؤخراً المجموعة الشعرية الأولى، للشاعر الإيزيدي سرمد سليم، التي حملت عنوان: «ملاحظات من الصفحة 28»، وجاءت في 88 صفحة من القطع المتوسط.

تأتي هذه المجموعة بوصفها التجربة الأولى للشاعر، لتفتح باباً على صوت جديد من شنكال، يكتب من هوامش الألم والذاكرة الممزقة، بلغة جريئة تشبه اعترافاً مفتوحاً على الحياة…

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…