حين يتكلّم الغياب

سيماڤ خالد محمد 

زرتُ أمي جلستُ أمامها، وكعادتي لم أستطع تجاهل الزهور من حولي.

ولشدّة حبي لها، بدا لي المكان غارقاً في اللون الأصفر…

كأنّ شيئاً خفياً أراد أن يُحدّثني، بلغة لا تُفهم بسهولة، كان كل شيء مغموراً بالورد الأصفر.

كأن الزمان انحنى قليلاً، ليمنح هذا اللون فرصةً للبوح،
فرصةً ليقول شيئاً، لم أتمكن من فهمه تماماً.

وقفتُ أتأمل تلك البقع الصفراء التي تملأ المكان…
قيل قديماً إن الأصفر لون الغيرة، لكنني لم أرى فيه إلا طمأنينة الشمس حين تغرب، وشيئاً من الذكرى…
شيئاً لا يُمسك، ولا يُنسى.

ربما… الورد الأصفر لا يبكي، لكنه يبتسم بأسى،
كأنه يقول: “أنا هنا، لأجل من رحلوا، لكنني أحمل لهم شيئاً من الضوء… ومنكِ.”

أمي، هل كنتِ تحبين هذا اللون؟
هل كان الورد الأصفر يزرع الفرح في عينيك، كما يزرع الآن غصةً في قلبي؟
أم أن أحداً مرّ من هنا قبلي،
نثره حباً أو وداعاً؟ لا فرق…

الورد الأصفر لم يكن موتاً، كان همساً من الغياب،
رسالةً بلا كلمات، لكنه كان دافئاً…
كأنكِ ما زلتِ تملئين المكان بعطرك، كأنكِ لم ترحلي تماماً.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…