في وداع العم محمد توفيق مرعي وحضور الغائب فينا

بسام مرعي
شريط حياتنا المستقيم بسيره الروتيني والمتعرج بمنعطفاته وتعقيداته ، عبر سنوات وأحداث واختلاف جغرافيات وتباين أزمنة وأمكنة ، تضعنا أحياناً على هامش ماضينا وكذلك على هامش علاقاتنا مع محبينا وأعزائنا.
نقف أحيانا ودون قرار متعمد لنراجع أثر وبصمات هذه الروابط في حياتنا ، كيف صاغت مواقفنا وأثرت في قراراتنا وأعادت تشكيل نظرتنا إلى الحياة ، وفي هذه المراجعة نتلمس ما بقي من أثرهم فينا، و مرورا نستكشف ما أضفناه نحن إلى هذه العلاقات بصدقها أو فتورها، وبما تركته من لحظات خالدة أو عابرة .
هل نتصور أن يكون فقد العزيز بمثابة طعنة من الحياة ومراجعة قسرية للذات وبمثابة حضور أقوى للغائب في وجدان محبيه وأهله واصدقائه لما يحمله من بالغ الأثر في رصيد ذاكرتهم ،  فليس من السهل تصور فقدان الحاضرين معنا في حياتنا والمؤثرين فيها بتفاصيل تمس طفولتنا و لحظات ساهمت في تنشئتنا وصاغت لحظات فرحنا وحزننا.
وليس كل فقدان يشبه الاخر، حيث يحمل كل فقيد قريب بصمته علينا بشكل من الأشكال، فما بالك بشخص عزيز يحمل تاريخاً غنياً من كرم الأخلاق وسموها .
نادراً ما نجد شخصاً يحمل متوازنا ومتمكنا العلم والمعرفة وغنى وثقافة اجتماعية بالإضافة إلى المخزون الشعبي من ثقافة المنطقة التي يعيش فيها وذاكرة خصبة متقدة حية و حاضرة  .
ما أردت قوله ، هناك من يولد غنياً بالفطرة بكرم أخلاقه ولطف معشره و ثراء سيرته، فيفرض عليك أن تسمعه بكل أحاسيسك وأن تتشرب وتستوعب ما يقوله جرعة كاملة، تتلقف وتتابع كل تفاصيله في الحديث وفي السرد، وكأنه خلق ليكون ساردا ، و ليس كل شخص يجيد جمالية السرد ومتعته وفائدته، بعيداُ عن المبالغة والتملق والمجاملات، وهو الفارس الذي يمتطي صهوة اللغة ويدرك أبعادها وتفاصيلها  .
قليلاُ ماتجد شخصاً يجيد الابتسامة والحزن  معا بقدرته على مزج المتناقصات و ثنائيات الحياة، هذا يعني أنه يجيد ممارسة لعبة الحياة ويعيشها بتوازن .
العم محمد توفيق أبو سامة العزيز، نعم كنت كل ذلك وأكثر .
عشنا معك حياة مكثفة أحببناها  بكل تفاصيلها ،وبقدر ما أعطيتنا وأحببتنا و كنت المعلم الفاضل بطيب الخلق وكرم العطاء،أحببناك وسنبقى.
ما أحوجنا اليوم إلى أمثالك والحياة تمضي سائلة متدفقة.
رحلت بجسدك ، لكن أثرك سيظل راسخاً في قلوبنا، يذكّرنا دائماً بأن الكبار بأخلاقهم لا يغيبون أبداً.
رحمك الله ، أيها المعلّم الكبير.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبري رسول

أطلّت علينا الكاتبة وجيهة عبد الرحمن بنصّ سرديّ، يحمل إشكالية المجتمع المتنوّع دينياً ولغوياً وقومياً، معنونٍ بـ «لالين» مع عنوانٍ فرعيّ مكمّل «حدث أن تزاوجت دور العبادة» صادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، بيروت 2016م. تتضمن الرّواية فصلين، الأول غير معنون ومؤلف من ثلاثة عشر مقطعاً مرقماً، الثّاني معنون بـ«لالين… سليل نهايات الحروف»…

ناشرون فلسطينيون| رام الله
مقدمة:
كتاب “سر الجملة الاسمية” (الرقمية، 2025) للكاتب الفلسطيني فراس حج محمد يمثّل إضافة نوعية للمكتبة العربية، فهو لا يقتصر على دراسة لغوية بحتة، بل يتعداها إلى تحليل أدبي عميق، ويكشف عن أبعاد جديدة للشعرية العربية. يركز الكتاب على قوة الجملة الاسمية وإمكانياتها الإبداعية، مستعرضاً نماذج متنوعة من الشعر والنثر العربي، والكتاب عمل…

أقام الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكورد بالتعاون مع اتحاد كتاب كوردستان سوريا ندوة وحفل توقيع رواية «الزلزال» ، للكاتب والروائي ريبر هبون في مدينة إيسن الألمانية
بحضور جمع غفير من الحضور المعنيين بالشأن الثقافي
أدار الجلسة الشاعر مروان محمد “Bavê Zozanê”
كما وقدم الأديب والناقد ابراهيم اليوسف لمحة عن تجربة الكاتب ريبر هبون وإضاءة نقدية حول رواية الزلزال…

غريب ملا زلال

في حدود
طفولتك الأولى
أو فوق عرزال
كنت تعد نجوم الصيف
في ليله الجميل
أن تموت ببطء شديد
في شارع بيتك القديم
المطلي بهموم الراحلين
أو بين رفوف مكتبتك
حتى يتلقاك كتابها المجانين
إبتهاجاً بقلبك الموزع
على كل غلاف أو جدار
أن تموت ببطء شديد
في ساحة البيت الكبير
الصامت حزناً
على العاشقين الغائبين
خير
من أن تموت بسرعة الضوء
قي قصر
يشبه إناءاً فخارياً ،
طري العنق
جُهِّز
كي يرمى أرضاً
قرباناً
للإله الذي سيجيء

العمل ل ليديا…