ابراهيم اليوسف
وصلني عدد من المجموعات الشعرية الجديدة لابنة الشلهومية وتل زيوان وتربسبي بالإضافة إلى كتاب مذكراتها:
Ristezara elindé
مزكين حسكو، الشاعرة الكردية، والتي تعتبر واحدة من الأسماء البارزة في عالم الشعر الكردي الحديث، حيث استطاعت من خلال إصرارها على الكتابة بلغتها الأم، وأسلوبها الشعري المميز أن تساهم بشكل واضح في إثراء االإبداع الكردي وتحديثه، إلى جانب أسماء أخرى. إذ إن مجموعتها الشعرية الجديدة هذه تعكس تنوع أسلوبها وتفرد لغتها في تقديم قصائد تتراوح بين الشعر الملحمي والشعر المكثف والمتوسط من حيث الشريط اللغوي. تكتب مزكين حسكو بلغتها الأم الكردية، وتعتبر اللغة بالنسبة لها ليس فقط وسيلة للتعبير الأدبي، بل أيضًا جزءًا من التشبث بالهوية الثقافية. ومن خلال هذه اللغة الخاصة، استطاعت أن تبتكر عالمًا شعريًا متميزًا، يتسم بالجمال والروحانية. حيث تركز في نصوصها، على مواضيع قريبة من الروح الإنسانية، لتعكس من خلال أسلوبها الجمالي تفاصيل الحياة اليومية، ومعاناة أهلها الكرد، وأحلامهم التي تظل تتأرجح بين الواقع والخيال. يتميز نص مزكين الشعري بالتنوع؛ فهي تكتب قصائد ملحمية تعكس أساطير ووقائع و قصص وتاريخ أهلها، وأخرى مكثفة تختزل الكثير من الصور في مفردات قليلة، بالإضافة إلى نصوص متوسطة تقدم خلالها شعريًا رؤاها الجمالية مجنحة بالحلم. يلاحظ في نص مزكين حضور وتأثير الجبال والبيئة الطبيعية على مخيلتها، فهي تقدم حالة شعرية مترعة تظهر فيها حيوية الطبيعة الكردية، ما يعكس تعلقها بالأرض وجبال كردستان. وحقيقة يعد شعر مزكين حسكو توثيقًا أدبيًا لواقع الشعب الكردي، فهي تتناول في نصوصها مواضيع تتعلق بالنضال والحرية والهوية.
تتحدث شاعرتنا عن آلام الشعب الكردي وتضحياته، ولكنها لا تنسى أن تعبر عن الحلم الكردي بمستقبل أفضل، بما يجعل شعرها قريبًا من نبض الناس ومعاناتهم وآمالهم. لمزكين حسكو حوالي عشرين مجموعة شعرية، بالإضافة إلى عدد من المخطوطات السردية. وقد طُبع منها أكثر من 14 مجموعة شعرية لها، ما يعكس حضورها الواسع في النص الشعري الكردي الجديد. وإنه بفضل إنتاجها الغزير وجودة نصوصها، أصبح من الصعب الحديث عن الشعر الكردي الحديث دون ذكر اسمها، فهي رمز من رموز الشعر الكردي الجديد و نتاج تعبير صادق عن تجربة إنسانية وثقافية مميزة. ورغم كل ذلك فإن تجربتها الشعرية لم تحظ بما تستحقه نقدياً، ما خلا ما كتبه عنها الصديق إبراهيم محمود، من سلسلة مقالات وترجمات لبعض أعمالها، بالإضافة إلى قلة آخرين. ما أكتبه- هنا- ليس إلا بطاقة شكر لمزكين على هداياها الثمينة إلي و التي أغنت مكتبتي، وخصت بها كذلك مكتبة إيسن وعدداً من زملائها في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين، بالإضافة إلى الكثير من المعنيين والمهتمين. وأخيراً فإن مزكين حسكو ليست مجرد شاعرة تكتب بالكردية، بل هي جزء من الهوية الإبداعية الأدبية والثقافية لأهلها. لذويها. لإنسانها، وقد نجحت في تقديم نصوص تتراوح بين الملحمة والنص المكثف، معبرة عن الحب، والألم، والأمل، لتصبح بذلك صوتًا أصيلًا يعبر عن حلم الناس، ورائحة الأرض، والتاريخ، واستشراف الغد الجميل الآتي الذي غنت وتغني له.