من ذاكرة فرقة آزادي للفولكلور الكردي:

ادهم وانلي

في عام ١٩٧٨م طبعنا أول روزنامه كوردية في سوريا في العاصمة دمشق وبدأنا بتوزيعها في حي الكورد بدمشق كدعاية لفرقة آزادي ومن أجل الإستفادة من ريعها لنتمكن من شراء مستلزمات الفرقة من أجهزة صوت وآلات موسيقية(دف وزرنة وأوكرديون وطنبور ودربكة …) ولتفصيل ملابس بالزي الكوردي لشباب وبنات الفرقة، وكان أغلب المتبرعين من الطبقة الفقيرة والمتوسطة يتراوح مبلغ التبرع عند تقديم الروزنامة في بيوت الحي بين عشرة إلى خمس وعشرين ليرة لأغلب المتبرعين وقليل منهم من يدفع أكثر لحدود خمسين ليرة أو مائة ليرة وحصلت معنا طرفة عندما ذهبت لبيت المرحوم حسن آغا الزركي وقدمت له الروزنامة ففرح بها كثيرا وقال لنا باللهجة العامية مين أعطاكم أكبر مبلغ بالحارة فقلت له الصديق جواد الملا الوحيد الذي أعطانا في وقتها أكبر مبلغ وهو ثلاثمائة ليرة سورية آنذاك فقال لنا وهي مني خمس ميت ليرة رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه أطال الله بعمر الأخ والصديق جواد الملا وأعطاه الصحة والعافية .وبعدما إنتهينا من توزيع الروزنامة ذهبت أنا والصديق سعيد كيكي أبو النار إلى الجزيرة وكان ذلك في فصل الشتاء والأمطار غزيرة ذهبنا إلى الجزيرة وأرسلنا في وقتها المرحوم العم محمد خير وانلي أبو جنگيز مسؤول منظمة منطقية دمشق للحزب (الپارتي) إلى محل الخياط المرحوم مجاهد المعروف والمشهور في منطقة ديريكا حمكو ونزلنا أول ماوصلنا في بيت الأصدقاء نور الدين وعبد الكريم معزول رحمه الله ثم ذهبنا بعد تناول الفطور في بيت معزول إلى محل الخياط مجاهد وكان رجل وقور وكبير في السن وأبلغناه تحيات العم أبو جنگيز وشرحنا له حاجتنا لتأمين ملابس فولكلورية كوردية للفرقة ولكنه قال لنا نستطيع تفصيل الملابس من الأقمشة الموجودة في السوق في حين كنا نحن نريد أقمشة فولكلورية من النسيج والغزل اليدوي من شعر الماعز الكوردي وليس من الأقمشة العادية في السوق وقال لنا يجب أن توصوا على هذه الأقمشة توصاية ليتم تأمينها من شمال أوجنوب كوردستان ولما رأينا أنها صعبة المنال وتحتاج لوقت طويل وجهد كبير ويصعب تأمينها بالسرعة المرجوة رجعنا إلى دمشق وأبلغنا شباب الفرقة بذلك، وعندها خطرت لي فكرة وذهبت أنا أدهم وانلي كوني مسؤول الفرقة ومدربها آنذاك والصديق سعيد كيكي أبو النار مسؤول إداري في الفرقة إلى محل الصديق أحمد شكاكي أبو سمير وكان لديه محل في سوق الأعمال اليدوية بجانب التكية السليمانية بدمشق ولديه نول نسيج يدوي يقوم بتصنيع أنسجة فولكلورية كوردية دمشقية مثل نسيج البروكار المشهور عالميا ويأتي السواح الأجانب لشرائه من دمشق والجدير بالذكر أن أسم البروكار مأخوذ من إسم السيد إبراهيم لولب ويقال له برو لولب وتعني كلمة كار الصنعة بالكوردية فيصبح معنى البروكار(برو كار) أي صنعة إبراهيم، ثم دخلنا إلى محل الصديق أحمد شكاكي وشرحنا له حاجتنا لتصنيع نسيج عنده على النول ورسمت له كيفية ألوان النسيج المطلوب والتي تتضمن ألوان علم الكورد وكوردستان الأحمر والأصفر والأخضر والأبيض وترتيبها ويفصل بينها اللون الخاكي وهي مأخوذة من كلمة خاك والتي تعني بالكوردية الأرض وهو لون لباس الپیشمرگه ،وبالفعل تم صناعة النسيج وقمنا بتفصيله في الحي وفرحنا كثيرا عند إتمام إنجازه ،وعقدنا إجتماع لتوزيع اللباس على أعضاء الفرقة في بيت المرحوم ياسين إبن محمد علي ديركي وكان يتولى منصب رئيس الفرقة آنذاك وكان لدينا الكثير من الشباب والشابات في الحي من عائلة ديركي ووانلي ونيازي ومتيني ومللي وإيزولي وحسني ونقشبندي ودودكي وبيزكي وكيكي وبوظو وظاظا وملاطيلي وعدلة وسوركي وسوركجي وميقري ومدينة وبرازي وآشيتي وقركجي وفراقي وغيرهم من عوائل الكورد الدمشقيين الأصلاء بالإضافة إلى شباب وبنات الكورد من الجزيرة وكوباني وعفرين كنا نحيي حفلات عيد النوروز في الحي وخارجه وفي الأعراس في الحي وخارجه وفي حفلات التعارف للطلاب على مسارح كلية الهندسة في الجامعة في دمشق والمعاهد المتوسطة وكنا نقوم بما يشبه المبازرة في السوق لكي يذكروا عند تقديم الفرقة على المسرح أنه فولكلور شمال سوريا ويشترطوا علينا عدم ذكر اسم فرقة آزادي للفولكلور الكوردي أو الغناء بالكوردي فقط تقديم دبكات مع الموسيقا كنا نعاني من سياسة الإنكار للشعب الكوردي وفولكلوره، وكنا نقدم أيضا مشاركات من الدبكات مع الغناء في المراكز الثقافية كالمركز الثقافي الروسي، بالإضافة إلى إحياء الحفلات في الرحلات في غوطة دمشق وبساتين أبو جرش القريبة من حي الأكراد وفي بساتين برزة والقابون وغيرها وعلى مسرح الحمراء بدمشق للإشتراك في بعض المناسبات ، وفي بعض المناسبات في مدارس الحي وكذلك ذهبنا لإحياء مناسبة اليوبيل الفضي للمرحوم الملك حسين وتلقينا الدعوة من جمعية صلاح الدين الأيوبي الكوردية في عمان في وقتها وحضرها معنا الكثير من المطربين في الفرقة آنذاك المرحومين سعيد گاباري وسعيد يوسف والمطرب محمود عزيز شاكر وغيرهم لاأذكر الأسماء من الجزيرة والمطربة شيرين الملا من لبنان مع مجموعة من فرقة عفرين بقيادة فريد سرور ونزلنا في منزل المرحوم محمد فهمي الكردي أبو قاسم وكان رئيس جمعية صلاح الدين الأيوبي المذكورة ومختار الكورد في عمان آنذاك وبعض من الشباب نزلوا في بيت السيدة الكريمة أم أمل وآخرون في بيت السيد عبد المنعم الكردي الإيزولي، وكانت أيام وذكريات جميلة قضيناها وأحببت استذكارها وسردها لكم من الذاكرة وفي الختام تحياتي لجميع من ساهم معنا وشاركنا ودعمنا في فرقة آزادي وأدعوا الله بالرحمة للرفيق ياسين ديركي ولمن رحلوا منا إلى دار الآخرة وأن يطيل بعمر من كان حيا منهم كما أوجه تحياتي الحارة للرفيق إبراهيم أبو مزگين من كبار مدربين فرقة آزادي والذي قدم ومازال يقدم الكثير من الجهود لفرقة آزادي والفولكلور الكوردي بشكل عام وأرجو من الله أن يعطيه الصحة والعافية والعمر الطويل.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…