الشاعر والموسيقار شفكر ميرزا (1963–2025)

بشیر بوتاني

 

شفكر ميرزا أبن مدينة ديرك وقد برز إهتمامه الكبير بالطوابع الموسيقية البوتانية. من جهة الأب، فهو ابن محمد سور من عائلة تنتمي إلى عشيرة إيرس الشرنخية، وكان والده عازفًا لآلة الناي، أما من جهة الأم، فهو حفيد المطرب الشعبي الكبير سعيد آغا الجزراوي. لذا كانت أغلب مصادر كلماته وألحانه مستمدة من منطقة بوتان كما تأثر بفناني الإذاعة الكوردية-بغداد وكذلك الإذاعة الكوردية-ييريفان.

عندما كان شابًا، صنع لنفسه آلة الطنبور؛ حيث إستخدم علبة دهن من التنك وركّب عليها زندًا خشبيًا وأسلاكًا كهربائية كأوتار.

بودي القول إن والد شفكر، “محمد سور”، هو خال والدي صبري بوتاني، وحسب ما أتذكر، عندما كنت طفلًا في الستينيات، كانت تصلنا تحيات والده وعمه يوسف ميرزا من سوریا إلی العراق؛ فكانا يتصلان بوالدي أثناء ثورة أيلول، وعندما حصل كورد العراق على الحكم الذاتي عام 1970، زار عمه يوسف ميرزا الثورة الكوردية والتقى بعائلتي، وبمساعدة والدي صبري بوتاني، إلتقى بالقائد الخالد  مصطفى بارزاني.

درس شفكر حتى الصف التاسع، ثم ترك الدراسة بسبب قساوة أحد المدرسين الذي عاقبه بشدة، وبعدها عمل راعيًا للأغنام عند والده، ثم سافر إلى دمشق عام 1979، حيث عمل في المطاعم والأفران وأعمال البناء.

وفي دمشق، إشترى آلة الأكورديون وإنضم مع أخيه هاشم ميرزا عازف الطنبور إلى فرقة نارين للرقص والغناء الكوردي بقيادة إبراهيم إبراهيم، وشاركا في إحياء المناسبات الكوردية في دمشق.

بعد عودته من دمشق إلى ديرك، أخذ معه آلة الأكورديون، ويُعتبر أول من أدخلها إلى مدينة ديرك. ثم انضم إلى فرقة الفنان جمال سعدون، وساعده في تسجيل شريط غنائي كامل.

بعد إنهائه الخدمة العسكرية، عاد مرة أخرى إلى مدينته ديرك ليستمر في أعماله الفنية في مجال الشعر والتلحين، والعمل مع فرقتي (آزادي) و(آهين).

وقد غنى له العديد من الفنانين، أمثال: جمال سعدون، هاشم ميرزا، آزاد فقه، عادل فقه، نارين فقه، إسماعيل جمعة، عبد القهار زاخويي، بزاف زاخويي وخبات دهوكي…

وبعد تدهور الأوضاع في سوريا عام 2011، هاجر مع عائلته إلى إقليم كردستان، وإستمر في عمله الموسيقي ولكن للأسف، تجاهلته المؤسسات الثقافية والإعلامية هناك كليًا.

قبل عدة سنوات، إتصل بي شفكر وطلب مني بعض القصائد لوالدي صبري بوتاني، فأرسلتها له. كما سمعت أنه لحن قصيدة للشاعر بدرخان سندي ولكن للأسف لم أری آخر أعماله الفنية.

شفكر قضى الأسبوع الأخير من حياته في أحد مستشفيات دهوك وفي تاريخ 6-6-2025 سمعت نبأ وفاته ونُقل جثمانه إلى مدينته ديرك ودُفن هناك بحضور أقربائه وأصدقائه من سكان المدينة.

المجد والخلود للشاعر والموسيقار شفكر ميرزا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…