شخصية الطفل بين البيت والمدرسة

ا. د. قاسم المندلاوي

  عوامل كثيرة تاثر في حياة الطفل وفي المقدمة جو العائلي ” الروتين القاتل ” وجو المدرسي ” الكئيب ” جلوس طويل للتلميذ على رحلة الصف ، كثافة الدروس و الواجبات النظرية ، تاثير المعلم و المدير فضلا عن غياب الانشطة الترويحية  الفنية و الرياضية وافتقارالمدرسة الى ساحات و ملاعب و قاعات لقضاء اوقات الراحة و الفراغ وغيرها ) تخلق لدى التلميذ الشعور بالممل والضجر و الاحباط النفسي والسلوكي والاخلاقي  .. ان بناء شخصية الطفل يخضع لتاثير البيت و المدرسة . .

البيت : هو المكان والبيئة الاساسية و المهمة لصقل وبناء  شخصية الطفل ونجاحه في الحياة .. ومع الاسف اغلب اولياء الامور ( الاباء والامهات ) يهملون متابعة ابنائهم بحجج واهية مثل ( قلة الوقت ، الانشغال بالعمل وغيرها  ) وهي حجج غير مقبولة ومرفوضة ، لان حبس الطفل داخل المنزل و كثرة انتقادة و الاشارة الى عيوبه ونقاط ضعفه يقود الى القلق و الخوف و الاحساس بالحزن و الكابة و الياس و بالتالي الى الاحباط النفسي و العقد الاجتماعية ويزيد من الكراهية للبيئة المنزلية .. من جانب اخر غياب التعاون والتواصل مع المدرسة للتعرف على المشكلات التي تعترض حياة الابناء في المدرسة وسبل معالجتها مبكرا ، وخاصة تعاون اولياء الامور والمساهمة الحقيقية مع المدرسة عامل مهم في غرس القيم التربوية والاخلاقية والسلوكية في بناء ( شخصية التلميذ ) ) بالشكل الصحيح ، وعلى اولياء الامور العمل بميزان واحد في تطبيق المعايير التربوية والحياتية عند تربية الابناء ( دون التفضيل او التفرقة بينهم ) الا من خلال بعض الحالات في المعرفة و التحصيل و الفوز في انشطة فنية او رياضية ، عليهم ايضا الحضورفي الاجتماعات الخاصة بهم ، وزيارات مستمرة للمدرسة لمتابعة الابناء ، والاطلاع على ما تدور من مناقشة أوضاع التلاميذ والتعرف على الكثير من الامور الخاصة عنهم  مثل ( الدوام ، المواظبة ، السلوك ، مستوى التعليم ، العلاقة مع الاصدقاء وغيرها ) وبالتالي وضع الحلول المناسبة لمعالجة المشاكل التي يواجهها ابنائهم في حياتهم المدرسية .. ولا ننسى حضور اولياء الامور للاحتفالات و المهرجانات و السباقات و البطولات المدرسية ، وتشجيع الابناء في المشاركة الفعالة فيها .

 المدرسة : هي البيئة الثانية الذي يقضي فيها الاطفال حياتهم لسنوات طويلة لذا ينبغي ان تكون هذه البيئة افضل من بيئة المنزل (  الاسرة  ) ليتاقلم الطفل مع الجو المدرسي ( المدير ، المعلم ، المكان ،  الدرس ، الصفوف و القاعات – نظافتها و تهويتها ، و ان تكون رحلة الجلوس مريحة ) ومع الاسف معظم مدارسنا لا تصلح للتدريس لضيق الصفوف وقلة الرحلات المريحة و عدم وجود ساحات لتجول التلاميذ خلال فرصة الاستراحة بين الدروس ، وهناك كثير من المدارس عبارة عن ” بيوت مؤجرة ” لا تصلح حتى للسكن ” هذا فضلا عن تعامل بعض المدراء مع التلاميذ باسلوب ( قاس – مستبد – غير تربوي ) ومثل هؤلاء المدراء لا يصلحون لادارة المدارس مطلقا ،  ولا ننسى  شخصية ”  المعلم  ” من حيث  اسلوبه و طريقته و حداثة معلوماته وكفائته  و حبه ( لمهنة التعليم ) وفي الحقيقة تجابه المعلم في بلدنا العراق جملة  مشاكل منها : 1 –  قلة راتبه الشهري والتي تنعكس سلبا على شخصيته و هيبته امام تلاميذه والمجتمع  2 – غياب المشاركة في دورات التعليم المستمر و في الندوات و المحاضرات التخصصية  3 – قلة المشاركة في  المؤتمرات العلمية وغيرها ،  لذا فان معلومات اغلب المعلمين قديمة وغير مفيدة ، ومن المشاكل الاخرى ضعف قدرة المعلم لاكتشاف التلميذ الموهوب وغياب طريقة صقله في احدى المجالات ( ادبية ، علمية ، فنية ، رياضية  وغيرها ) .. ولا ننسى غياب دور المعلم في  الانشطة الفنية المدرسية ( الرسم ، النحط ، الموسيقى ، الغناء و النشيد ) ، قلة تدريب المواهب الرياضية و قلة المسابقات و البطولات المدرسية ، قلة الملاعب و الساحات و الاجهزة الرياضية و غياب مدربين اكفاء  مما يؤثر سلبا على التلميذ الموهوب فطريا  وتعرقل تقدم انجازاته وتسبب له عقد نفسية واجتماعية خطيرة ، ولا ننسى اهمية ( التشجيع المعنوي ) فالتشجيع المعنوي يولد الشعور الايجابي و الارتياح النفسي لدى التلميذ  ويقود الى الانفتاح و الابداع  و التحديث و الاحساس لبذل المزيد من العطاء ، وخلق قدرة فكرية عالية لابتكار اساليب ميدانية  جديدة  في  التخصص ، والعكس عند استخدام القسوة و الخشونة و التجريح والتخويف من قبل ( المدير او المعلم ) فتاثر سلبا  و يبعد التلميذ عن التعلم وعدم الرغبة حتى لدرس الرياضة ويدفع به الى الهروب من المدرسة و البقاء في البيت و الجلوس  امام الانترنيت و التلفزيون او الالعاب الالكترونية ولساعات طويلة وهذا مما يريح بعض اولياء الامور لبقاء ابنائهم في البيت بدلا من ممارسة الرياضة  خوفا من وقوع حوادث مكروه ومؤلم لهم ، ومثل هذا التعامل مع الاولاد غير صحيح و مرفوض بسبب  تاثيره السلبي على صحتة و قدراته ويخلق الكسل والممل لديه .. كما ان المدح و التشجيع المفرط  ياثر سلبا على شخصية الاولاد ، لذا من المفيد ان يكون المدح و التشجيع متناسبا وموزونا مع انجاز وعطاء التلميذ ،  وبعبارة اخرى عدم المبالغة في هذا الجانب … الخلاصة : البيت و المدرسة هما الاساس في بناء شخصية الطفل ، وان اي تقصير او اهمال للبيت او المدرسة تاثر سلبا على شخصية وحياة الطفل في المراحل القادمة.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبحي دقوري

في لحظة ثقافية نادرة، يتصدّر الموسيقار الكوردي هلكوت زاهير المشهد الموسيقي العالمي بعدد أعمال معتمدة بلغ 3008 أعمال، رقمٌ يكاد يلامس الأسطورة. غير أنّ أهمية هذا الحدث لا تكمن في الرقم نفسه، بل في ما يكشفه من تحوّل جذري في مكانة الموسيقى الكوردية ودورها في المشهد الفني الدولي.

فهذا الرقم الذي قد يبدو مجرّد إحصاء،…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

صبحي دقوري

يضع كتاب أزمة العالم الحديث لرينيه غينون قارئه أمام أحد أعمق التشخيصات الميتافيزيقية لانحدار العصر الحديث، تشخيص لا ينطلق من داخل الحداثة بل من خارجها، من أفقٍ تقليدي يرى العالم لا من زاوية التاريخ بل من زاوية المبدأ. غير أنّ هذا التشخيص لا يكتمل فهمه إلا إذا وُضع في موازاة جهود مفكرين كبار واجهوا…

ناصر السيد النور *

يدخل الروائي السوري (الكردي) والطبيب في روايته الصادرة مؤخراً عن دار رامينا اللندنية -هذا العام- إلى تجاويف سردية غائرة بدلالاتها السيكولوجية في تعبير جريء وشاخص لشخصياته روايته التي اتخذت مساراً سردياً يغلب عليه التفصيِّل في شمول سردي يتخطى أحيانا المساحة (الفضاء السردي) المتاح. بافتراض أن التطابق ما بين احالات النص السردي وقيمة…