المناضل محمد علي أبو ياسر وزوجته حمدية حاجي سليمان: مسيرة نضال وتضحية في سبيل القضية الكردية

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير في صفحات التاريخ.

إن هذا الكتاب يمثل جهدا جماعيا لإحياء الذاكرة الوطنية الكوردية وتخليد رموزها الذين سطروا ملاحم العطاء والتضحية، كما يأتي نشره على حلقات في إطار التزامنا الثقافي بتقديم محتوى توثيقي رصين يربط الأجيال بماضيها النضالي المشرف.

من خلال هذا المشروع، يسعى ولاتى مه إلى أن يكون جسرا بين القارئ والتاريخ الحي، وفاء لرجال حملوا راية الحرية بإيمان وصبر، وأثبتوا أن الكلمة الصادقة قادرة على إبقاء الذاكرة حية مهما طال الزمن.

ادارة (ولاتى مه)

=============

المناضل محمد علي أبو ياسر وزوجته حمدية حاجي سليمان: مسيرة نضال وتضحية في سبيل القضية الكردية

سمكو عمر لعلي

المقدمة
عبر التاريخ، كانت القضية الكردية مثالًا حيًا للنضال المستمر من أجل الحقوق والعدالة، وكان للكثير من الشخصيات الكردية دور محوري في هذا النضال. من بين هؤلاء المناضلين يبرز اسم محمد علي محمد أبو ياسر وزوجته حمدية حاجي سليمان (أم ياسر)، اللذان كرّسا حياتهما في سبيل حقوق الشعب الكردي في سوريا، متحملين في سبيل ذلك شتى أنواع القمع والتشريد.
ينتمي محمد علي إلى قرية بانه قسر الواقعة في منطقة ديرك ، حيث وُلد عام 1930 في شكرخاج في كنف عائلة كردية أصيلة عُرفت بوطنيتها وانتمائها لقضيتها. عايش منذ شبابه المبكر الممارسات القمعية التي تعرض لها الكرد في سوريا، والتي بلغت ذروتها مع قرار الحكومة السورية عام 1962 بسحب الجنسية من عشرات الآلاف من الكرد، ما جعلهم عديمي الجنسية تحت مسمى “الأجانب”، وأدى إلى حرمانهم من أبسط حقوقهم المدنية. كانت هذه السياسة العنصرية تهدف إلى إضعاف الوجود الكردي، ورافقها الاستيلاء على أراضيهم الزراعية وتوزيعها على العرب المغمورين الذين جلبتهم الحكومة في إطار مشروع “الحزام العربي”.
في مواجهة هذا الواقع المرير، لم يقف محمد علي مكتوف الأيدي، بل اختار طريق النضال عبر الانضمام إلى صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا عام 1961، مؤمنًا بضرورة التنظيم السياسي للدفاع عن حقوق الكرد. ومع تصاعد الضغوط الأمنية، اضطر عام 1980 للهجرة مع عائلته إلى مدينة دمشق، حيث استقر في حيي القابون وزورآفا، وهناك واصل نشاطه السياسي ضمن منظمة دمشق التابعة للحزب.
بيت أم ياسر: معقل للنضال القومي
لم يكن محمد علي وحده في مسيرته النضالية، بل كان لزوجته حمدية حاجي سليمان (مواليد 1946) دور أساسي في دعم القضية. فقد حولت منزلها في حي زورآفا إلى ما يشبه المقر الحزبي، حيث كان يجتمع فيه المناضلون، وتعقد فيه اللقاءات السرية، وتُنظم النشاطات القومية والثقافية. وبفضل كرمها وشجاعتها، أصبح بيتها ملجأ لكل مناضل يحتاج إلى مأوى أو دعم.
لم يقتصر دور هذا البيت على النشاط السياسي، بل كان أيضًا مركزًا لإحياء التراث الكردي، إذ تم فيه تدريب فرقة “آزادي” للفلكلور الكردي، والتي كانت تضم أبناءها وغيرهم من الشبان الكرد الذين أرادوا التعبير عن هويتهم الثقافية رغم القمع الممنهج من السلطات السورية.
وكما كان محمد علي مناضلًا في الحزب، كانت أم ياسر من الشخصيات النسائية البارزة في المجتمع الكردي بدمشق، إذ لعبت دورًا نشطًا في تحفيز النساء الكرديات للمشاركة في النضال القومي. وقد كانت حاضرة في جميع المناسبات القومية، وخاصة احتفالات عيد نوروز، الذي كان يُحظر تنظيمه رسميًا، لكنها ورفيقاتها كنّ يحيينه رغم القمع والمخاطر.
دورها في مظاهرة نوروز 1986 ولقاؤها مع الرئيس مسعود بارزاني
من المحطات الهامة في مسيرة أم ياسر مشاركتها الفاعلة في مظاهرة نوروز عام 1986، والتي شهدت استشهاد المناضل سليمان أدي بعد أن أطلقت قوات الأمن السوري الرصاص على المتظاهرين. كانت هذه الحادثة نقطة تحول، إذ أكدت على تصميم الكرد في سوريا على مواصلة نضالهم رغم القمع الدموي.
وبفضل دورها البارز، حظيت أم ياسر بشرف مقابلة الزعيم الكردي مسعود بارزاني عام 1996، عندما زار دمشق وأقام في فندق المريديان. التقت به مع أبنائها، حيث تباحثوا معه حول أوضاع الكرد في سوريا، ونقلوا له معاناة الشعب في ظل القوانين الجائرة. كانت هذه اللحظة مصدر فخر لها ولعائلتها، إذ عكست اعتراف القيادة الكردية بنضالها وتضحياتها.
دورها في انتفاضة 12 آذار 2004
لم يقتصر نشاط هذه العائلة على الماضي، بل امتد حتى انتفاضة 12 آذار 2004، التي اندلعت بعد المجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن السوري بحق مشجعي فريق الجهاد الكردي في القامشلي. شاركت العائلة في الاحتجاجات التي عمّت دمشق، مما أدى إلى اعتقال ابنيها ياسر وصالح لعدة أشهر في سجون النظام، في محاولة لترهيبهم وكسر عزيمتهم، إلا أنهم ظلوا متمسكين بمبادئهم.
العائلة في الثورة السورية 2011 وتحقيق الحلم الكردي
مع انطلاق الثورة السورية في مارس 2011، كانت عائلة محمد علي من أوائل المشاركين في المظاهرات، حيث رفعت العلم الكردي ونادت بالحرية والعدالة. ورغم العنف الذي مارسته السلطات، لم تتراجع العائلة عن دعمها لمطالب الشعب السوري والكردي.
وكان حلم العائلة دائمًا أن يصبح أحد أبنائها بيشمركة، وهو حلم تحقق بعد وفاة الأب والأم، حيث التحق الابن صالح محمد علي عام 2014 بصفوف “بيشمركة روج”، وهي القوة الكردية السورية التي تشكلت بدعم من إقليم باشور كردستان . أما الابن الآخر، ياسر، فقد ظل في دمشق، مواصلًا نضاله السياسي ضمن الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا.وحتی اولادهم تابعوا مسرتهم

وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى العهد الذي قطعته مزكين على نفسها، ذلك العهد الذي نذرت أن تفي به يوم يسقط الطاغية بشار، إذ تعهدت بالسير حافية القدمين من زور آڤا، حيث تقيم، وصولًا إلى ساحة الأمويين في قلب دمشق، قاطعةً بذلك مسافةً تقارب خمسة كيلومترًات او اكثر.وكانت بتايخ 8ديسمبر2024

نعم، إنها مزكين، ابنة المناضل محمد علي، ذلك الرجل الذي لن يطويه النسيان، بل ستظل ذكراه حاضرةً في وجدان الأجيال القادمة، نرويها ونوثّقها ليبقى اسمه خالدًا في سجل التاريخ.

الرحيل والإرث النضالي
بعد مسيرة طويلة من النضال والتضحيات، توفي المناضل محمد علي أبو ياسر عام 2002، ودفن في قريته باني قسر، ليعود إلى مسقط رأسه الذي حُرم منه قسرًا لعقود. أما زوجته حمدية حاجي سليمان، فقد فارقت الحياة عام 2014 في دمشق – زورآفا، لتترك خلفها إرثًا نضاليًا خالدًا تتناقله الأجيال.
الخاتمة
إن سيرة المناضلين محمد علي أبو ياسر وزوجته أم ياسر تعد مثالًا مشرفًا في التضحية والنضال من أجل القضية الكردية. فقد كرّسا حياتهما لخدمة شعبهما، وواجها القمع والاضطهاد بشجاعة، وعلّما أبناءهما وأبناء جيلهم أن الحقوق لا تُوهب، بل تُنتزع بالنضال. واليوم، بينما تستمر القضية الكردية في البحث عن العدالة، يظل اسمهما محفورًا في ذاكرة النضال الكردي، رمزًا للفداء والمقاومة.

المعلومات التي استفدت منها من الاستاذ [تنه زان]
و ابنه ياسر

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

 

غازي القُصَيْبي ( 1940 _ 2010 ) أديب وسفير ووزير سُعودي . يُعتبَر أحدَ أبرزِ المُفكرين والقِياديين السُّعوديين الذينَ تَركوا بَصْمةً مُميَّزة في الفِكْرِ الإداريِّ العربيِّ ، فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ التَّنظيرِ والمُمارَسة ، وَلَمْ يَكُنْ مُجرَّد كاتب أو شاعر ، بَلْ كانَ إداريًّا ناجحًا تَوَلَّى مَناصب قِيادية عديدة…

ماهين شيخاني

كانت قاعة المحكمة الباردة تشهد حواراً أخّاذاً بين محامٍ شيخ وقاضٍ متمرس. توجه المحامي بسؤاله المصيري: “لو كنت مكان القاضي، ما مدة الحكم الذي ستصدره على سهى يا أستاذ؟”

أجاب الرجل بهدوء: “أقصر مدة ممكنة.”

ابتسم المحامي مرتاحاً: “أحسنت، أنت قلبك طيب وعطوف.”

………

الفلاش باك:

في ليالي الخدمة الإلزامية، كان قلب الشاب العاشق يخفق بشوقٍ جامح….

أحمد جويل

أنا كتير مليح بهالومين

لأنني بعيد عن البحر

وقريب جداً إلى كتبي

شغف الغناء

بمواويل جدّتي

وهي تعجن الطريق

إلى جبال زوزان

 

لا يمكنني التواصل

مع طيور الحباري

رَفّ الحمام… على سقف دارنا

وهي تنقر بيادر التين

وأنين الحلم على وسادتي

 

أُضمّ… صهيلك إلى قلبي

مشواري الطويل

إلى جزر محظورة…

تفّاحات صدرك الناري

 

يدخل آدم

إلى متاهات الرغبة

وأنتِ بعنادك

تدخلين بساتين النرجس

تغار منكِ عشتار

وبوّاب الحديقة

 

ارتدي معطفاً

وغلـيوناً وقصيدة

أرسم تلويحة كفّك

الثلجي

فوق جبين الناي

 

فيأتي الربيع

زاحفاً…

نص: حفيظ عبدالرحمن

ترجمة عن الكردية: فواز عبدي

 

جاري الافتراضي كئيب

جاري الافتراضي حزين

جاري الافتراضي يحلب اليأس

يحتسي الوحدة

يبيع الحِكَمَ المكوية برعشة الآلام

بثمن بخس.

 

من نافذة صفحتي

أرى

مكتبه

صالونه

غرفة نومه

مطبخه، شرفته، حديقته

ومقبرة عائلته.

من خلال خربشات أسطره

أقرأ طنين النحل

في أعشاش عقله.

 

جاري الافتراضي

يكتب على جدار صفحته

كلمات مثقوبة بالألم

محفورة بمسامير التنهدات

يمسحها

ثم يعيد…