العَوْدُ الأبَدِيُّ

ابراهيم البليهي

 

كان الفيلسوف الألماني نتشه يَعتبِر أنه قد تَوَصَّل إلى فكرة إلهامية خارقة هي فكرة العود الأبدي لكنه لم يشرح ويوضح ما الذي يعنيه بهذا العود الأبدي الذي جعله يهتز طربًا وهو يعلنها ويعتبر أنه حقق اختراقًا غير مسبوق وكان يتحدث عنها بشيء من الرهبة ورغم ذلك ترك الفكرة دون توضيح مما جعلها مجالا لشتى التفسيرات …..

فقد ذهب الفلاسفة والدارسون والباحثون والنقاد مذاهب شتى في تحديد ما يعنيه نتشه في (العود الأبدي)

ولكن فكرة (العود الأبدي) خطرتْ في بالي وكأنها فكرة جديدة مما يخطر على البال دون تخطيط فتذكرت مقولة نتشه وقلت في نفسي ربما هذا هو ما عناه نتشه في العود الأبدي التي شغلت الدارسين ولم يتفقوا على المقصود بل تعددت التأويلات بتعدد مجالات الاهتمام ……

أما العود الأبدي الذي خطر على بالي فهو أن كل إنسان يولد بقابليات فارغة ثم يبدأ عقله في التكَوُّن بالتكامل بين الحواس والقابليات الدماغية فلو عُزل عن المجتمع بعد ولادته فلن يكتسب لغة ولا ثقافة ولا تصورات ولا عادات وبذلك  سيبقى خارج الحضارة وخارج دائرة العقل فلنتخَيَّل أنه جرى تعميم هذا العزل فإن الحضارة سوف تندثر ……

كل المواليد الذين تستقبلهم الدنيا كل ساعة هم يبدؤون سُلَّم الحضارة من الصفر ويبقون في مرحلة التكوُّن التأسيسي سنوات الطفولة حيث تتكوَّن تلقائيا لكل منهم بنية ذهنية قاعدية ثم يتجاوز مرحلة التلقائية الخالصة ويبدأ في التعلم من المجتمع العادات والتقاليد والاهتمامات والقيم والمعايير فتتكَوَّن له أنماط ذهنية وبذلك يكون قد دخل الحضارة بفاعلية ……

هكذا كل جيل يبدأ من الصفر حيث يولد كل فرد بقابليات فارغة ثم يكتسب الثقافة امتصاصًا تلقائيا من البيئة ثم ينبثق وعيه ويبدأ في التعلم المقصود والتلقائي معًا هكذا يكون العَوْد الأبدي …………

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…