الفكاهة وهندسة العقل

 ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب مترجم إلى اللغة العربية بمقدمة ضافية للمترجم قيس قاسم العجرش وقد نشرته دار سطور يقول المؤلفون: ((إن الفكاهة تشكِّل جانبًا حيويا ومصدرًا غنيا يعزز فكرتنا عن مشهد الميكانزمات الناعمة العاملة داخل أدمغتنا) ويضاف: ((كلما مر الزمن سنكتشف أن الفكاهة كشفت عن ديمومتها وأنها يمكن أن تسلك مسالك جديدة ومفاهيم محدَّثة لتفعل فعلها وتؤثِّر))

إن الحس الفكاهي قيمة إنسانية رفيعة فهو من علامات الذكاء كما أنه مريح ومبهج لذلك يرى شارلي شابلن بأن أسوأ الأيام هو اليوم الذي يمر من دون ضحك ….

والمبهج أن من يتابع شبكة التواصل الاجتماعي سوف يلاحظ أن حس الدعابة مرتفع بشكل واضح لدى السعوديين وهذا له دلالة مبهحة فالضحك مزية إنسانية بل إن البعض يعتقد أن الضحك من أبرز ما يتميز به الإنسان لذلك قيل: الإنسان هو الكائن الضاحك إن القدرة على اضحاك الآخرين والقدرة على الاستجابة التلقائية للنكتة هي من دلالات الذكاء فالحس الفكاهي من أروع تجليات التفاعل الإنساني ….

إن كليل الذهن قد يسمع النكتة فلا يلتقط المغزى بينما الأذكياء يلتقطون المعنى قبل أن يكمل المتحدث فيغرقون في الضحك إن الضحك بقدر ما هو من دلالات الذكاء فإنه من مباهح الحياة ….

الناس تتعطش للمضحك والمسلي والمريح لذلك يحرص الناس على حضور المسرح الكوميدي كما أن الشخص المعروف بالحس الفكاهي يكون محبوبا ويحرص عارفوه على مصاحبته …..

ولأهمية الضحك في الحياة البشرية فقد اهتمت به الفلسفة والأدب والعلم ……

وبلغ من أهمية الضحك أنه صار موضوعا لعلم قائم بذاته هو: (علم الضحك)

للفيلسوف الفرنسي الشهير هنري برجسون كتاب عن (الضحك) وقد اشترك في تعريبه الدكتور سامي الدروبي والدكتور عبدالله عبدالدائم وللكتاب ترجمة أخرى للدكتور علي مقلد ….

ولعالم النفس شاكر عبدالحميد دراسة مفصلة تتضمن رؤية جديدة عن الضحك وقد تم نشر الكتاب ضمن (عالم المعرفة)

كما اهتم علم النفس بالضحك كعلاج للتعاسات الإنسانية وكما يقول الدكتور دانيال سيغل: ((إن العالم يضج بالآلام النفسية)) لذلك اهتم الطبيب النفسي الشهير باتش آدمز بتوظيف الحس الفكاهي والضحك من أجل إسعاد الناس أو على الأقل تقليل التعاسة ويأتي كتاب ( علم الضحك) تأليف ستيفاني ديفيس ضمن هذا الاتجاه وهي تؤكد بأن ((الدعابة مهارة معرفية)) تنمو بمقدار انفتاح البيئة وتنوع المعارف ومرونة التعامل ……

تندرج في الحس الفكاهي مفاهيم عديدة مثل: الضحك والسخرية والتهكم والابتسام والبهجة وغير ذلك من الانفعالات التلقائية ….

إن الأدب الساخر من أبرز فنون الأدب لذك نجد دراسات مفصلة عن الأدباء الظرفاء المشهورين بالحس الفكاهي مثل كتاب (السخرية في أدب المازني) للدكتور حامد الهوال ….

ولأستاذ الفلسفة زكريا ابراهيم كتاب فلسفي عن الحس الفكاهي بعنوان( سيكولوجية الفكاهة والضحك)

ولأستاذ الفلسفة الدكتور عادل العوا كتاب لطيف بعنوان (أخلاق التهكم)

أما الدكتور عبدالله الكدالي فقد تناول الحس الفكاهي من منظور فلسفة الأخلاق والكتاب بعنوان (الهزل والسخرية)

أما عادل أزكاغ فله كتابان الأول بعنوان (رؤية الضحك ونقده) والثاني دراسة لتجربة شارلي شابلن وهو دراسة مفصلة عن فن الفكاهة عند شابلن ………..

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…