إبراهيم محمود
رأيتك ِ
سقطت منك ِ كلمة
تناولتها الأرضُ بشغف
انتعش ورد على غصنه
انفرجت أسارير دعسوقة في الجوار
انشرحت روح صخرة في الحال
هبّ الهواء معززاً بنسيمه
منَّتْ نملة نفسها برزق وفير
يا هذه الأكبر من هذه، أي جنس مكرمات كانت كلمتك تلك؟
سمعتك
صوت موسيقى تألق في عينيك
دوزن حسونٌ جناحيه في مهب أحلامه القادمة
بات في مقدور نقار الخشب أن يؤدي عمله بحماس أكبر
أيّل معمّر دغدغ الهواء بمهاميز قرنيه منتعشاً
شجرة كستناء توهَّجت ثمارها على وقعها
مقاعد الحديقة بشَّرت نفسها بلقاءات كثيرة
كان الهواء أكثر انتشاء بارتشاف ذبذباتها
ولم تكن النار بأقل حماساً من الاشتعال ببهاء مقابل
بينما ماء النهر كان يضطرد نقاء وحبوراً يتسرب في اللاتناهي
لمستك
ومضة تماوجت في المسافة المحتسبة
أكنت ِ على علم بجاذبية كهذه ؟
حين يطير الحمام وفي ريشه إشراقة منك
حين لازورد السماء يشده شوق إلى معانقتك جملة وتفصيلاً
حين يستعيد الريحان رشاقته بتمريرة ومضة موثَّقة
حيث يعتبَر احتضانها حدثاً في ذاكرة الحقل
أأنت على دراية بكيمياء المتعطر باسمك
ليكون لك كل هذا الرصيد من المعجبين أنّى كنت وحللت ِ؟
ألمسةٌ عابرة تكون بمثل هذا الخرْق لفيزياء الأجسام اللامرئية
لله درك أي جبلّة منحتك تاريخ استلهامات لم يُقرَأ بعد ؟
شممتك
نفحة منك قلَبت هندسة الطبيعة رأساً على عقب
الفراشات المغسولة بالضوء أشكل عليها مسار طيرانها
الطقس المسجَّل في نشرة الأخبار تشوشت أرقامه
محلات العطور التبست عليها أسماء ماركاتها العطرية
ممثّلات ألفْن التعطر شغلهن طارئ الرائحة
كان هواء المكان محموماً على غير عادته
المارة أنفسهم تنبّهوا إلى أن حدثاً يجري وهم مأخوذون بحاسة شمهم
كان لعبير الورود الخاصة كامل الرحيق تجلّيه الأول في معادلة تكوينك المائز
نفحتك أيقظت مشاعر كامنة في أعمار قبل أوانها
أتراك ضليعة في مؤامرات بلبلة الروائح وملؤك صمت؟
تذوقتُ معدنك الكريم الكريم
تذوقت ذوقك المرفه إلى أعالي النيرفانا
ورأيت الآتي في دفق الذوق هذا:
تبيَّن لي أن ليس من حجر كريم إلا ويتمسح بحرير يديك المنساب خارجاً، الغرّيد داخلاً
أن ليس من فاكهة إلا وتنتظر بلهفة كيف تطعّم نكهتها بنفس سريع من إكسير روحك
أن ليس من عشب بريء الذمة من لوثة إلا وينشد لقيا بوح منك ولو على عجل
أن ليس من شجر عقيم إلا ويمنّي أغصانه بخضرة فائقة بنفخة مستساغة منك
أن ليس من امرأة يسكنها يأس عمْر إلا وترى انفراجاً بلفتة من زفيرك
أن ليس من ابن أنثى إلا
أترى الذوق هبتك، وأنت ما أن تخالطي مجهولاً ليكون معلوماً متاحاً بذوقك…ذوقك
أحسستك ِ إذ أحسست الطرق التي سلكتني بخيالاتها
البحار التي حلَّقت داخلي بأمواجها عبر فضاءات مؤرشفة
الجبال التي أسكنتني قممها وهالة روحك تكللها بأولمب معان ٍ مغان ٍ
الوديان التي أيقظتها ظلال صورتك وأن أرتديك على مقاس روحي
الحقول التي أجيز لها أن تقيم على مشارف قصيدتي لتستضيء بحضرتك
الأنهار التي تتألق حيث يسمو تكوينك بأرض يؤمَّن عليها عالياً
واكتشفتِني أن بلوغ سدرة منتهى واهب الكون يكون باسمك
وهأنذا أخلع أرضاً فانية، متدثراً بسماء لا يحاط بها