” الخروج إلى التاريخ ” دراسة حول كتاب ” دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية ، الاجتماعية، السياسية، للملازم الأول محمد طلال هلال ” للباحث : إبراهيم محمود، والمقيم في محافظة دهوك، والباحث في مركز ” بيشكجي للدراسات الإنتسانية “، جامعة دهوك، منذ عام 2013 ، وهو من منشورات ” سبيريز- دهوك” ،في ” 254 صفحة ” من القطع الكبير.
دراسة مسستقلة ومختلفة بموضوعها عن أغلبية ما كتُب في هذا الشأن، حول موضوع قديم- حديث، عما يتعرض له الشعب الكردي ” في سوريا نموذجا، في مثال مرعب بطابعه الاستخباراتي البعثي العروبي العنصري، يجسده الكتاب المذكور، في حقبة تاريخية رهيبة بمناخها السياسي الكابوسي السوري بنظامه، وإيديولوجيته القوموية العروبوية المعممة” ستينيات القرن الماضي” وامتداداته، وإضاءة الذهنية المساندة لهذا النظام وإيديولوجيته، وأفكاره، ومن وراءها، وكيفية تجديد محتواها بتاريخها السالف، مرفقة بالعصا الغليظة والضاربة بضراوة، وأفق الآتي في ضوء المستجدات، ومتحولاتها، حيث يستمر التمييز القومي العروبي، بأساليب سلطوية وثقافية ضاغطة متنوعة.
هذه الدراسة التي تشغل ” 86 صفحة ” من أصل الكتاب، يليها الكتاب، ليتسنى للقارىء النظر في كليهما.
ينوَّه إلى أن هذا الكتاب المركَّب، جرى وضعه وطبعه بصيغته هذه ،بتوصية من القيادي الكردي الدكتور محمد صالح جمعة.
أما عن فهرس الدراسة، فهو يتضمن العناوين التالية:
بوابات
سؤال التاريخ ، أي تاريخ
هذا الكتاب، هذا الصدع
جغرافيا مقرَّرة مسبقاً
السردية المزيفة حول أصل الكرد
قولٌ في الحدود
الصورة الشبح للكرد
أسماء تطارِد أسماء
ما بَعْد هلال هلال من نوع آخر
مصادر وإشارات
سيرة موجزة لإبراهيم محمود
فقرات مختارة من ” سؤال التاريخ ، أي تاريخ ” :
أن تفرض على شعب ما تاريخاً بلغة غير لغته، وثقافة لا تنتمي إليه، وصورة مقدَّمة على أنها صورته الفعلية، وهي ليست كذلك، يعني أن تصادر عليه تاريخه ولغته وثقافته وهويته طبعاً، إنما دون أن تلغيه من الوجود. إنما- أيضاً- ماذا يعني إن ترافق ذلك مع عدم الاعتراف بوجوده كشعب؟ نحن هنا إزاء حالة من الإنكار المضاعف: إنكاره في تاريخ ولغته وثقافته، وإنكاره في الهوية التي تسمّيه وتميّزه عن غيره من الشعوب.
إنه في أقوى الحالات يُحال على ما جهوي جغرافياً، أو في ذمة غيره تنسيباً، وما في تمثيله من إلغاء لخاصيته الاثنية وغيرها، حسَباً ونسَباً، كما في حال الكرد: ألا يقال عن الكرد هكذا: أكراد تركيا، إيران، العراق، وسوريا؟ وفي مقام الأقلية تحديداً، أو : الأكراد في شمال شرق سوريا، شمال العراق، جنوب تركيا، وغرب إيران، أي ما يحيلهم إلى مجموعة بشرية تُدار أمورها من خلال من يتحكمون بمصيرها .
ولعل كتاب” دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية والاجتماعية والسياسية ” وثيقة ” لمحمد طلب هلال” 1931-2011″ ، الذي كان رئيس شعبة الأمن السياسي في محافظة الحسكة- الجزيرة- وعضواً في حزب البعث العربي الاشتراكي، في ستينيات القرن الماضي،ووقتها كانت حكومة ” الانفصال ” ما بعد الوحدة- السورية- المصرية تدير البلاد، يدخل في هذا المنحى، لا بل إن الاكتفاء بـ” من الناحية السياسية ” ومحتواها أمنيّ استخباراتي في الصميم، أكثر تمثيلاً للعنوان وإيحاء، والمراد منه، وفي تعبير المحافظة واسمها ما يغيّب حقيقة المطلوبين أحياء ” الكرد ” أو موتاهم!
في الحالة هذه لا تعود العلاقة أحادية، من نوع ” وجهاً لوجه ” وإنما تتجاوز نطاق النظر إلى الآخر الذي يحمل الاسم الموضوع على غلاف الكتاب ” أي: محمد طلب هلال “، وما إذا كان هو نفسه من سَطّر المعلومات الخاصة بهذه المحافظة التي تضم غالبية الكرد، بجغرافيتها الواسعة” أي: الحسكة ” أي : الجزيرة السورية العليا، بالتوصيف الجغرافي، وتصلها مباشرة بما هو مرسوم حدودياً سياسياً، حيث تكون تركيا شمالاً، والعراق شرقاً، وبالتالي يكون المسطور، خاصاً به، إنما كما أمليَ عليه كمنفّذ لقانون أمني مخابراتي، وهذا من شأنه توسيع نطاق البحث، واقتفاء أثر المسطور: من أين يستمد قوته، ونوعية هذه القوة تاريخياً، واجتماعياً وسياسياً ، وبناء عليه، يكون التذكير بواضع الكتاب المقدَّم ” محمد طلب هلال ” موصولاً دائماً بوظيفته، وأنه مهما تميّز ببلاغة الكتابة، وقوة التعبير، ووضوح الرؤية بالمقابل، فإن ذلك لا يخرجه عن نطاق ” حس المأمورية ” الانضباطي، وفي مجتمع معروف بتلك التراتبية الصارمة سلطوياً .