يا بني

خوشناف سليمان

لا تلتفت إلى قامتي حين أنحني…
أنا من زرع ظلالي فوق ظلك
وسقاك من دفء القلب حين لفّك البردُ
أنا من لفّك. لا الغطاء.
من علّم قدميك أن تخطو لا تَطأ
من خبّأ عنك الدمع. و واجه الريبة بابتسامة
كي تمشي مرفوع الرأس. و لو تكسّر الظهرُ
أنا يا بنيّ.
من ضيّعت فيك اسمي كي تصير
ومنحتك وجهي كي لا تخاف
وقلت لكل الأزقّة.. افتحي طريقًا له. حتى إن ضلّ.
فلا تُصغِ للذين ينظرون إلى رأسي الأبيض
ويسألون.. من هذا الشيخ الذي يمشي خلف الشاب؟
أنا من كان لك طريقًا
وساترًا من نار
وسندًا لا يطلب الثمن
ولا يرفع كفًّا بالعتاب
ولا يتركك في المسير. وإن تاهت الجهات.
لا تختبر قوتي حين أخفتها
ولا تمتحن صمتي. فقد كان درعًا
لا تسأل عن السند إن مال
فأقوى الجبال لا تصرخ حين تنهار في القلب
لا تنظر إليّ كما ينظر العابرون
أنا من حمل عنك الحكايات القديمة
وبكى لك في الخفاء.
كي لا تفقد يقينك بأن الحياة تستحق أن تُعاش.
يا بنيّ.
حين تغمض عينيك على أول غيمة
تذكّر..
أنا الذي خفت عليك من البلل
فوقفتُ تحتها. دون أن أشكو السقوط.
أنا الذي شققت الخبز نصفين. وأكلت الهواء
كي تنام شبعانًا.
أنا هو…
لا تقِسني بالزمن.
ولا بضعف الجسد.
ولا بشعرٍ شاب من كثرة ما خبّأك عن الغبار.
أنا. هو الذي تبكيه الأرض إن نَسيتَه
وتشهد له نواصي الأيام
أنه كان حصنًا
وأنك كنت فيه آمنًا
حين لم يكن للأمان جهة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مروان شيخي

المقدّمةُ:

في المشهدِ الشِّعريِّ الكُرديِّ المعاصرِ، يبرزُ الشاعرُ فرهادُ دِريعي بوصفِه صوتاً خاصّاً يتكلّمُ من عمقِ التجربةِ الإنسانيّةِ، لا بوصفِه شاهداً على الألمِ فحسبُ، بل فاعلاً في تحويلِه إلى جمالٍ لغويٍّ يتجاوزُ حدودَ المكانِ والهويّةِ.

ديوانُه «مؤامرةُ الحِبْرِ» ليسَ مجرّدَ مجموعةِ نصوصٍ، بل هو مساحةٌ روحيّةٌ وفكريّةٌ تشتبكُ…

غريب ملا زلال

سرمد يوسف قادر، أو سرمد الرسام كما هو معروف، عاش وترعرع في بيت فني، في دهوك، في كردستان العراق، فهو إبن الفنان الدهوكي المعروف يوسف زنكنة، فكان لا بد أن تكون حياته ممتلئة وزاخرة بتجربة والده، وأن يكتسب منها بعضاً من أهم الدروس التي أضاءت طريقه نحو الحياة التي يقتنص منها بعضاً من…

أحمد مرعان

في المساءِ تستطردُ الأفكارُ حين يهدأ ضجيجُ المدينة قليلًا، تتسللُ إلى الروحِ هواجسُ ثقيلة، ترمي بظلالِها في عتمةِ الليلِ وسكونِه، أفتحُ النافذة، أستنشقُ شيئًا من صفاءِ الأوكسجين مع هدوءِ حركةِ السيرِ قليلًا، فلا أرى في الأفقِ سوى أضواءٍ متعبةٍ مثلي، تلمعُ وكأنها تستنجد. أُغلقُ النافذةَ بتردد، أتابعُ على الشاشةِ البرامجَ علّني أقتلُ…

رضوان شيخو

 

ألا يا صاحِ لو تدري

بنار الشوق في صدري؟

تركتُ جُلَّ أحبابي

وحدَّ الشوق من صبري.

ونحن هكذا عشنا

ونختمها ب ( لا أدري).

وكنَّا (دمية) الدُّنيا

من المهد إلى القبر..

ونسعى نحو خابية

تجود بمشرب عكر..

أُخِذنا من نواصينا

وجرُّونا إلى الوكر..

نحيد عن مبادئنا

ونحيي ليلة القدر

ونبقى…