على ضفاف الفرات… نزهر

زوزان ويسو بوزان

على امتداد الفرات، وما شرقه
نجلسُ في محطّة الحياة،
نرقبُ قطار “نجاة الصغيرة”،
كمن ينتظر أغنيةً تُنقذه من الغرق.

نُطفئ ضجيجنا على أفواهنا،
كي لا تُخطئ قلوبنا،
ونوقدُ شعلتنا من دم الشهداء،
فهم الذين أضاءوا لنا درب البقاء.

كم حاولوا شطبنا من فسيفساء الوجود،
لكننا رسمنا زهرتنا
على ضفاف نهرٍ لا يعرف الجفاف،
زرعنا النبل كما نزرع السلام
ومن يزرع الحب… لا يحصد الخراب.

فالحبُّ، يا من لا تعرفون لغته،
هو كالرغيف الطازج:
لا يخرج من التنور إلا برائحة الحياة.

الحبُّ لا يُستعطى،
ولا يُؤخذ عنوة،
هو ينبض حيث لا يُسمع الصراخ،
ويُزهر حتى في العتمة.

نعم،
ها نحن نمضي على درب الوصول،
نحصد ما سُقي بالدمع والصبر،
وقد آن الأوان…
أن تُصافح السماءُ وجوهنا المرفوعة،
وأن تُعانق الأرضُ خُطانا المُبلّلة بالحنين.

فارفع رأسك يا عفرين،
ليغنّي زيتونك أغنية النصر،
وابتسمي يا كوباني،
كي لا يشعر شهداؤك أن دمهم سال سُدًى.

وافتحي صدركِ، يا “عروس النهرين”
كي تطعمي الجائعين خبز الأمل،
فقد أتعبهم الوجع
على امتداد نهرٍ
يشهد على من قاوموا… ولم ينحنوا.

لكننا ما زلنا هنا،
نحمل الحلمَ كزهرةٍ في كفّ طفل،
ونمشي، رغم الحصى،
نحو صباحٍ يشبهنا.

سنزرع ظلّنا في أرضٍ تعرّفت على خطواتنا،
وسيبزغ الفرحُ من بين الركام،
كأنّه عرسٌ مؤجَّلٌ منذ ألف وجع.

وسنقول للعالم:
إنّا جئنا من الرماد،
نحمل في قلوبنا سنابل،
وفي أصواتنا أناشيد ولادة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مروان شيخي

المقدّمةُ:

في المشهدِ الشِّعريِّ الكُرديِّ المعاصرِ، يبرزُ الشاعرُ فرهادُ دِريعي بوصفِه صوتاً خاصّاً يتكلّمُ من عمقِ التجربةِ الإنسانيّةِ، لا بوصفِه شاهداً على الألمِ فحسبُ، بل فاعلاً في تحويلِه إلى جمالٍ لغويٍّ يتجاوزُ حدودَ المكانِ والهويّةِ.

ديوانُه «مؤامرةُ الحِبْرِ» ليسَ مجرّدَ مجموعةِ نصوصٍ، بل هو مساحةٌ روحيّةٌ وفكريّةٌ تشتبكُ…

غريب ملا زلال

سرمد يوسف قادر، أو سرمد الرسام كما هو معروف، عاش وترعرع في بيت فني، في دهوك، في كردستان العراق، فهو إبن الفنان الدهوكي المعروف يوسف زنكنة، فكان لا بد أن تكون حياته ممتلئة وزاخرة بتجربة والده، وأن يكتسب منها بعضاً من أهم الدروس التي أضاءت طريقه نحو الحياة التي يقتنص منها بعضاً من…

أحمد مرعان

في المساءِ تستطردُ الأفكارُ حين يهدأ ضجيجُ المدينة قليلًا، تتسللُ إلى الروحِ هواجسُ ثقيلة، ترمي بظلالِها في عتمةِ الليلِ وسكونِه، أفتحُ النافذة، أستنشقُ شيئًا من صفاءِ الأوكسجين مع هدوءِ حركةِ السيرِ قليلًا، فلا أرى في الأفقِ سوى أضواءٍ متعبةٍ مثلي، تلمعُ وكأنها تستنجد. أُغلقُ النافذةَ بتردد، أتابعُ على الشاشةِ البرامجَ علّني أقتلُ…

رضوان شيخو

 

ألا يا صاحِ لو تدري

بنار الشوق في صدري؟

تركتُ جُلَّ أحبابي

وحدَّ الشوق من صبري.

ونحن هكذا عشنا

ونختمها ب ( لا أدري).

وكنَّا (دمية) الدُّنيا

من المهد إلى القبر..

ونسعى نحو خابية

تجود بمشرب عكر..

أُخِذنا من نواصينا

وجرُّونا إلى الوكر..

نحيد عن مبادئنا

ونحيي ليلة القدر

ونبقى…