آهٍ من الشَّوق

عصمت شاهين الدوسكي

 

آهٍ من الشَّوقِ، إن ضاقَتْ نَفْسي،

هَمَسْتُ لها: اصْبِري…

ففيكَ أَجْري، وفيكَ نَفَسي.

وَلَعي فيكِ نَداءٌ لا يَهْدَأُ،

ومَنْعُكِ لَسْعَةُ نارٍ

تَسْكُنُ همسي.

عِشْقٌ يَتَرَقْرَقُ ما بينَ صَباحي وأَمْسي،

فَلا تُمِلِّي عَلَيَّ المَسافاتِ،

هي ظِلِّي… هي كل أُنْسي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يا مَلِكَةً تَسْكُنُ مِحْرابَ وُجودي،

يا نَبْضاً يَجْري في عُروقي

دونَ خارِطةٍ أو حُدودِ،

أَنْتِ الحاضِرَةُ في غيابِكِ،

والغائِبَةُ في حُضورِكِ،

أَنْتِ سِرُّ رُدودي،

كُلُّ أَشْتاتي تَذُوبُ فيكِ

لَهْفَةً تُخالفُ قُيودي…

صَباحاتُكِ المَليئَةُ بالأمَلِ

تَنْثُرُ شَهْداً في ورودي،

كأنَّ الشَّمْسَ حينَ تَراكِ

تَشْرَقُ من عُيونِكِ لوجودي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يا نَبْضَ القلبِ، يا مَهْدَ انْبِثاقِ الحياة،

يا مَلكوتَ أنْفاسي،

يا عَرْشَ الطُّقوسِ الساكنَةِ في صلاتي.

في مِحْرابِ انْتِظارِكِ،

مَلأْتُ كُؤوسَ غَرامي بٱهاتي

مِن طَيْفِكِ العابرِ مثلَ نَسيم،

شَرِبْتُ نَبيذَ الشَّوقِ مع عبراتي،

لا أَسْكَرُ إلّا مِن رِيقِكِ،

فأنتِ سُكْري ووعيي،

وأنتِ سُهادي ومناماتي.

أسْهَرُ، والليلُ عليلٌ،

أَلُوذُ إلى ذِكراكِ كَمَن يَتَعَبَّدُ،

أُقَبِّلُ طيفك في مجراتي،

وأَذْكُرُ عطْرَكِ في زَفَراتي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذاكِرَتي حَفَلَتْ بِمَسافاتٍ لا تَفْنى وأنا معك،

والحُدودُ تمتدُّ لِحُدودِكِ،

تَمْنَحِينِي سلامَ الرُّوحِ، رُغْمَ  انتظارك،

رُغْمَ هذا الجُرْحِ الباسِم،

فَكُلُّ طَلَّةٍ مِنكِ،

تَكْفي لتُحييني

كأنّكِ الحياةُ نفسُها،

حينَ تَلْمَسُ حُطامَ غيابك.

آهٍ من الشَّوق

يَتَجَسَد فِي أوْرِدَتِي

يُنَادِي مِن عٌمْقٍ رُوْحك

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…

في زمنٍ تتكسر فيه الأصوات على صخور الغياب، وتضيع فيه الكلمات بين ضجيج المدن وأنين الأرواح، يطل علينا صوتٌ شعريّ استثنائي، كنسمةٍ تهبط من علياء الروح لتفتح لنا أبواب السماء. إنه ديوان “أَنْثَى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ” للشاعرة أفين بوزان، حيث تتجلى الأنوثة ككائنٍ أسطوري يطير فوق جغرافيا الألم والحنين، حاملاً رسائل الضوء، ونافخاً في رماد…

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…