قصائدُ ممنوعة للشاعر والفنّان الكرديّ حكيم صفقان

ترجمة: عبدالله حسين – عامودا
abdullah_housen@hotmail.com

.. وكيف لا يغالبني الجفاء ؟

عند فجرٍ عارٍ
حللتُ في بحر عرق القصائد
من كلمات مشتّتة

– مثلي-

أنظّم قصيدة ممنوعة،
داخل عاصفةٍ صفراء.
* * *

.. وكيف لا يغالبني الجفاء ؟

زوبعات الصيف،
تسرق الذكريات نحو الأعالي..
وأنا أخبّئ  بعض ألعاب الطفولة،
الطفولة التي تبيع ضحكاتها،
بين مناديل الأيادي وسجائر التهريب،
في أسواق الأمل.
* * *
في دوّامة مخبّأة،
أبحثُ عن ذاتي،
متعبٌ..
مدميٌّ..
مدميّ صدقي وحبّي.
كلّ يوم مِائة مرّة ،
يحفرون مِائة قبر لي،
أبناء العمومة المخنّثون
يحيلون إيماني بستان مِسَلّات
يفزعون الأطفال بي،
زناتنا.
* * *
أُنهِكتُ…
أحشائي تلتهم بعضها
الأصابع،
العيون،
الأسنان،
الشَعر والأظافر،
كلّ أعضائي تتخاصم،
تحارب،
أنا مجنون. .
أنا مسعور . .
أموتُ،
وعزرائيلي،
أخٌ !
الجبال تبكي،
الوديان تخجل،
الطرق أرهقت،
لكن سيف قتل الذات لا يزال حامياً
بين نهود أخوات تركناهنّ أرامل،
يؤدّين رقصة الزنا،
من نبيع وماذا نبتغي..؟
ضياء وجه الأمّهات،
تمزّق إرباً إرباً
أجساد متفحّمة تُركت دون قبور،
وأنتم في بحور من القيل والقال سكرتم،
ابقوا سكارى..
ابقوا…
اشربوا وداوموا على الشرب،
حتى ما تُفْنَوا !!
لكن اعلموا:
إنّ القصيدة،
لن تفقد كلماتها،
بمدافع كذبكم.
الأغنية لن تفقد بكارتها،
بمخالبكم.
الأمل،
لن يكلّ بعنادكم .
* * * *

أنا ممنوع

مثل والدي أنا
مثل اسمي أنا
مثل خطواتي أنا
أنا ممنوع . .
لا تقرؤني . .
لا تروني. .
أنا ممنوع  . .
أنا من الوطن الممنوع يا صديقي
في وطننا
أنت لستَ نفسك
هناك مَن يسمّيك
هناك من يفصّل ثيابك
هناك من يروي خطاياك
وهناك من ينشد خبز موتك
لا ترَ كلّ شيء
وإذا رأيتَ شيئاً لا تتفوّه
إن فهت َسيلفّون كلماتك حول عنقك
وسيعدمونك مع  رؤياك
في وطني كلّ شيء ممنوع
مثل جرحي أنا
مثل عشقي أنا
مثل نظراتي أنا
أنا ممنوع
لا تقرؤني
لا تروني
أنا ممنوع
* * *
صفق للأكاذيب،
أكاذيب الأصحاب والأعداء،
لا تخجل ..
لو تزرع الصدق
ستنبت الأكاذيب
السماء تكذبُ على الأرض
والأرض علينا..
ونحن على بعض..
ألفُ صديق
ألفُ وعد و ألفُ كذبة
الصدقُ ممنوع، أنا ممنوع
لا تقرؤني..
لا تروني..
لا تكتبوني..
لا تتعّرف عليّ..
لا تحترق بناري يا صديقي..
* * *
عند الأحبّة والأعداء
في كلّ الأمكنة والأوطان
مثل جهدي
أنا ممنوع
لا تقرؤني..
لا تروني..
أنا ممنوع
لا تقرؤنا..
لا ترونا..
ممنوعون نحن
ممنوعون

مطر الليل

من مطر الليل تشمّمتُ رائحتكِ
قلبي كان يبكي.. يشتاق إليكِ
نظرتِ إليّ.. لم تعرفيني
هاج الفيضان عليّ، لكن لم يبلّلني
في وطن بارد اشتقتُ إليكِ
في وطن أبيض
ما استطعتُ تذكّرك
في يوم الوداع،
كنتِ قد قلت لي:
إذا ما خطرتُ ببالك !!
تحت ضوء القمر اجمعْ أحجاراً
واجعل منها حمامة
لكن هنا..
لا ضوء القمر
ولا الأحجار..
هنا الدموع،
الشوق،
هنا يوجد حرقٌ يجعل المرء رماداً
أنا رمادٌ الآن..
ومن الرماد أيّ شوقٍِ تتأمّلين !
أمام الريح الصامتة يتناثر
لا حجر..
لا ضوء القمر..
إذن لن تخطري ببالي.. !
في الوطن المخدّر اشتقتُ إليك وردتي
لا السماء،
لا الأرض،
ما تقاسما معي شوقي إليكِ
كان كلّ شيءٍ نائماً،
أنا وأحلامي كنّا ساهرين ،
أيّتها الوردة
* * *
على نداء قلبي
استيقظتُ من النوم،
كنتُ غارقاً في دموعي. .
في مدينةٍ حدباء،
كنت دائخاً وضائعاً،
ككلّ مرّة..
مرّة أخرى كنت وحيداً،
كلّ شيء كان قد غاب عن وعيه،
الثلج،
الشجر،
والخمر.
لوحدي كنت مستيقظاً في ذاك الوطن البارد..
أيّتها الوردة..
في أوقيانوس من الجليد
أنا كتلة قطن محترقة
الغابات الأيامى ألبستني بعض أكفانها
معذرةً وردتي
عيناي المفعمتان بالحبّ
أصبحتا بحرين متجمّدين
لكنّ قلبك
الذي في الأيّام الباردة
كان يفتح لي الباب كلّ آنٍ
يحتضن طفولتي
لا تؤاخذيني
أوَلم  تكوني  أمّي…؟!!!
أشعرُ بالبرد وردتي
جسدي رماد متجمّد
أيّ شيء بإمكانه أن يدفّئني
سوى نصائحك الدافئة  ؟!
أما كنت تقولين لي أنت طفل؟!
والآن أمام عظمتكِ
أصرخُ وأقول:
أنا مِائة طفل
وأنت مِائة امرأة
أنتِ أمٌ
أنتِ حبيبة
أنتِ  أخت
أنتِ ابنة العم
امسكيني
وبين أردان قلبك الكبير خبّئيني
أشعرُ بالبرد
أشعرُ بالخوف.
البارحة أيضاً
فُتح الباب مراراً
صوتُك كان يتردّد
لكنّكِ كنت غائبة
قلبي يتيماً كان قد انتظركِ
طيفك كان يتراءى
لكنّك لم تظهري
* * *     * * *       * * *
* * *      * * *
* * *
___________________________________
* توضيح :
القصائد التي ترجمتها انتقيتها من ألبومه الصادر لاحقا ًبعنوان (أغانٍ ممنوعة)، وذلك لعدم توفّر دواوينه الشعريّة في سوريا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…