حداتو الآرامية …. شيران الكردية

إدريس سروجي

    حداتو – ارسلان طاش – الفرزدق .. موقع أثري بيضوي الشكل أبعاده 700×550 م يقع في سهل سروج الخصيب على بعد 7 كلم إلى الجنوب الشرقي من مدينة كوباني على طريق كانت الطريق التجارية القديمة بين حران وتل أحمر ( بارسيب ) ..لقد كانت حاضرة آرامية زاخرة بالحياة عرفت خلال العديد من آثارها  باسم  ( حداتو ) التي لم يغير الآشوريين تسميتها عندما استولوا عليها في عصر ملكهم شلمنصر الثالث بل جعلوها مقراً للحاكم الآشوري ( كمقاطعة مستقلة ) .

حفلت (حداتو ) بآثار تاريخية عظيمة تعود إلى العهد الآشوري وخاصة فترة الملك الآشوري تجلات بلاصر الثلث ( 744-727 ق.م ) ومن أهم آثارها الأسود البازلتية السوداء الضخمة التي كانت موضوعة عند بوابات المدينة والثوريين الكبيرين الذين وضعا عند مدخل المعبد الآشوري في المدينة والذي لم ينقب عنه إلا جزئيا وقد كتب على تلك التماثيل نقوش تذكر باني المعبد الملك تجلات بلاصر وصاحبته الإلهة عشتار ، إضافة إلى العديد من التماثيل الأخرى كتمثال الإله حامل صندوق الأعطيات الذي يبلغ ارتفاعه ( 1،73 م ) .
لقد تم نقل العديد من تلك الآثار الهامة إلى متحف مدينة اسطنبول التركية في الفترة العثمانية الأخيرة عندما كانت سورية جزءا من الدولة العثمانية ومع بدء التنقيب في العام ( 1929 ) تم نقل ما تبقى من آثار المدينة إلى متحف حلب والتي يرأسها تمثال الإله حامل صندوق الأعطيات بقية التماثيل والألواح الحجرية المنقوشة بالكتابة المسمارية . وكذلك الأسود السوداء التي وضعت بشكل منفصل في متحف ( حلب ) ومدخل حديقة الرشيد في ( الرقة ) دون أن يكون للمدينة الأم نصيب ولو في جزء يسير منها إلا اللهم كتلتين من الأسمنت الأسود الذين تم صنعهما كصور مزيفة للأسدين البازلتيين و وضعتهما السلطات المحلية في الآونة الأخيرة عند  مدخل شيران ( حداتو ) كتنفيس للاحتقان المحبوس داخل نفوس أبناء المدينة نتيجة الدعوات المستمرة لإعادة آثار المدينة إلى موطنها الأصلي .
لكن هل ستحل تلك الهياكل الأسمنتية المشكلة ؟ … أعني هل ستطمر الحقيقة مثل ذر الرماد في الأعين البصيرة ؟ ..وهل ستغطي الهوة الواضحة وتنسي الآثار المسروقة مثلما فعلوا بالتسمية الحقيقية المحلية ( شيران الكردية ) المعربة إلى ( الفرزدق ) ضائعة الهوية ……. ؟
لم أدري جوابا لتساؤلاتي العديدة : لماذا تفتخر بإيبلا وأغاريت وتل مرديخ  بأسمائها الأثرية ؟ في حين يسارع إلى طمس ( حداتو ) وتستأصل شيران التسمية الكردية المحلية …؟

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…

فراس حج محمد| فلسطين

المقدمة

تُمثّل رواية “ميثاق النساء” للروائية والشاعرة اللبنانية حنين الصايغ، الصادرة في طبعتها الأولى عن دار الآداب عام 2023، إضافة نوعية في المشهد الثقافي العربي المعاصر. لقد نجحت الكاتبة في تقديم عمل أدبي عميق يتجاوز كونه سرداً فنياً ليلامس قضايا اجتماعية ونفسية حساسة، خاصة في مجتمع يتسم بالخصوصية والانغلاق مثل المجتمع الدرزي في…