أبكي…
تتجمّعُ كلّ حبّاتِ النّدى
في مآقي الشــــــــــجرْ
تعلنُ تضامنها
تسكبُ قطراتٍ تفيضُ نهراً أو نبعاً
ترسمُ الأفئدةُ حلقاتها في شغافِ الألباب
كلها تحسّ بي حتى المنحوتة من حجرْ
المآقي…تعلنُ حدادها
النّفوسُ تصارعُ شغب الضّجر
تهضمُ الطيورُ سيمفونيّة الأسى
الحجلُ يقضمُ أناملَ القفص
والسّنونو ينقضُ هدنة الهجرْ
الكونُ….يزنّره الوَسَن
تقزمه عملقة الذعر
لأنّي أبكي…؟ يرتعدُ البرقُ
الغيمُ…يختلسُ الكحلَ من مقلة المطر
الدّفءُ يسبلُ ضفائر الشّمس المجعّدة
والظلّ يتيهُ في زوبعةِ الفجرْ
أتحدّثُ…
يشيدُ لي النطقُ مدينة فاضلة
تنحني الفلسفةُ إجلالاً…
وبمنطقي يتمنطقُ الجهر
الشّحرورُ يحاصرُ أنفاسه
يتباطأ الشّلالُ في هديره
ويصمتُ خريره النهرْ
الرّوضُ يهدهدُ زهوه
الفراشة يخونها الشّمّ
في رحلةِ بحثها عن مملكةِ الزهر
تهاجرُمفرداتُ الشّرّ من معاجم الكلام
إذ تتقوقعُ في الوريقاتِ العتيقة
تتناغمُ العفة يتسلمُ عرشها أنينُ الطهر
حينما أتحدّثُ…
تخلدُ الابتسامة وشماً على جبين الدّهرْ
أسيرُ…
يثأرُ السّكونُ من جبروتِ المتحرّك
تتأرجحُ خارطة العصر
تمدّدُ فوّهاتُ الدّروبِ السّحيقة
تشمخُ البوّاباتُ المرهقة
تتكاتفُ زنودُ البيوت..
إذ يتعانقُ الكوخُ والقصرْ
تترجّلُ الخطا في هدوءٍ وثبات
تتموّجُ جدائلُ الحَبّ والنّبات
والمسافاتُ تُختصر
تخجلُ مساماتُ الأرض
بعدما يعلنُ المسيرُ دقائقَ صمتٍ
تنكسفُ نظراتُ البصر
وأنا أسيرُ..
يتراقصُ الشّموخُ..يُتوّجُ جبينُ النصرْ
أضحكُ…
وأضحكُ..تتراقصُ الشّمسُ
ترسلُ قبلة إلى الفجر
وأخرى…تدّخرها لجبهةِ القمرْ
القمرُ يمشي مختالاً
يدعو اللآلئ لحفلةِ سمرْ
الشّمسُ والقمرُ يتباريان في اختراق الضّوءِ والنور
والأفقُ يزيدُ من شعاع الجمر
يرتمي العمر في وداعةِ الدّنيا
الدّنيا تلجُ رحمَ الأرض لينتشي نبوغُ العمر
نعم…لأنّي أضحكُ
يتقهقهُ…نجيعُ العمرْ
حلمٌ…
صادرته من رحم حلم
خبّأته في الحنايا..هدهدته في لواعج الصّدر
الصّحوةُ تتبعتني بأذنابها
أصابتني في الصّميم بسمّ اليقظة
فاتهمتها بالغدر
قدّمتها لمحكمةِ الدّهر..أخضعتها لمزاج القدرْ
بُدِئت ِالجلسة…رُفِعت الجلسة
ألغيتْ…؟؟!!
لشغبِ الزّمن وتلاعبِ الهدر
الحلمُ رفرفتْ روحه إلى ما وراء المرئيّ
صار هلالاً…ولحسن سلوكه
تسمّى بالبدرْ.