حلم حسن السلوك

نارين عمر

أبكي…
تتجمّعُ كلّ حبّاتِ النّدى
في مآقي الشــــــــــجرْ
تعلنُ تضامنها
تسكبُ قطراتٍ تفيضُ نهراً أو نبعاً
ترسمُ الأفئدةُ حلقاتها في شغافِ الألباب
كلها تحسّ بي حتى المنحوتة من حجرْ
المآقي…تعلنُ حدادها

 

النّفوسُ تصارعُ شغب الضّجر
تهضمُ الطيورُ سيمفونيّة الأسى
الحجلُ يقضمُ أناملَ القفص
والسّنونو ينقضُ هدنة الهجرْ
الكونُ….يزنّره الوَسَن
تقزمه عملقة الذعر
لأنّي أبكي…؟ يرتعدُ البرقُ
الغيمُ…يختلسُ الكحلَ من مقلة المطر
الدّفءُ يسبلُ ضفائر الشّمس المجعّدة
والظلّ يتيهُ في زوبعةِ الفجرْ

أتحدّثُ…
يشيدُ لي النطقُ مدينة فاضلة
تنحني الفلسفةُ إجلالاً…
وبمنطقي يتمنطقُ الجهر
الشّحرورُ يحاصرُ أنفاسه
يتباطأ الشّلالُ في هديره
ويصمتُ خريره النهرْ
الرّوضُ يهدهدُ زهوه
الفراشة يخونها الشّمّ
في رحلةِ بحثها عن مملكةِ الزهر
تهاجرُمفرداتُ الشّرّ من معاجم الكلام
إذ تتقوقعُ في الوريقاتِ العتيقة
تتناغمُ العفة يتسلمُ عرشها أنينُ الطهر
حينما أتحدّثُ…
تخلدُ الابتسامة وشماً على جبين الدّهرْ

أسيرُ…
يثأرُ السّكونُ من جبروتِ المتحرّك
تتأرجحُ خارطة العصر
تمدّدُ فوّهاتُ الدّروبِ السّحيقة
تشمخُ البوّاباتُ المرهقة
تتكاتفُ زنودُ البيوت..
إذ يتعانقُ الكوخُ والقصرْ
تترجّلُ الخطا في هدوءٍ وثبات
تتموّجُ جدائلُ الحَبّ والنّبات
والمسافاتُ تُختصر
تخجلُ مساماتُ الأرض
بعدما يعلنُ المسيرُ دقائقَ صمتٍ
تنكسفُ نظراتُ البصر
وأنا أسيرُ..
يتراقصُ الشّموخُ..يُتوّجُ جبينُ النصرْ

أضحكُ…
وأضحكُ..تتراقصُ الشّمسُ
ترسلُ قبلة إلى الفجر
وأخرى…تدّخرها لجبهةِ القمرْ
القمرُ يمشي مختالاً
يدعو اللآلئ لحفلةِ سمرْ
الشّمسُ والقمرُ يتباريان في اختراق الضّوءِ والنور
والأفقُ يزيدُ من شعاع الجمر
يرتمي العمر في وداعةِ الدّنيا
الدّنيا تلجُ رحمَ الأرض لينتشي نبوغُ العمر
نعم…لأنّي أضحكُ
يتقهقهُ…نجيعُ العمرْ
حلمٌ…
صادرته من رحم حلم
خبّأته في الحنايا..هدهدته في لواعج الصّدر
الصّحوةُ تتبعتني بأذنابها
أصابتني في الصّميم بسمّ اليقظة
فاتهمتها بالغدر
قدّمتها لمحكمةِ الدّهر..أخضعتها لمزاج القدرْ
بُدِئت ِالجلسة…رُفِعت الجلسة
ألغيتْ…؟؟!!
لشغبِ الزّمن وتلاعبِ الهدر
الحلمُ رفرفتْ روحه إلى ما وراء المرئيّ
صار هلالاً…ولحسن سلوكه
تسمّى بالبدرْ.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…

إبراهيم محمود

 

 

1-في التقصّي وجهيّاً

 

هي ذي أمَّة الوجوه

غابة: كل وجه يتصيد سواه

 

هي ذي أمة الوجوه

سماء كل وجه يزاحم غيره

 

هي ذي أمَّة الوجوه

تاريخ مزكَّى بوجه

 

ليس الوجه التقليدي وجهاً

إنه الوجه المصادَر من نوعه

 

كم ردَّدنا: الإنسان هو وجهه

كم صُدِمنا بما رددناه

 

كم قلنا يا لهذا الوجه الحلو

كم أُذِقْنا مرارته

 

قل لي: بأي وجه أنت

أقل لك من أنت؟

 

ما نراه وجهاً

ترجمان استخفافنا بالمرئي

 

أن…