حضن من التراب وقلوب مشتعلة

مزكين  حسكو
الترجمة عن الكردية: إبراهيم محمود
رويداً، رويداً أشعلوا
الشموع و القناديل
فالضجيج قد يحدث
ألماً في ذلك السكون الفريد
في حضن التراب
ثمة قلوب لازالت مشتعلة…!
رويدا، رويدا قودوا
قافلتكم المزينة
قد يحدث الهسيس صدمة
في ذهول اللحظات الهادئة
في حضن التراب
ثمة أيد مليئة بعشبة الحندقون…!
رويداً، رويداً
تعالوا و بخطى خفيفة
قد تخدش الريح العاتية
صمت  المشاهد المؤلمة  وهدوؤها
هاهنا في حضن التراب
ثمة أرواح معلقة بالحياة
وتلك الأرواح المضحية و الجميلة و اليافعة
لازالت معلقة بمناحي الحياة
و مشتهية للحب.
رويداً، رويداً…
أو لم تروا تلك الدموع المباركة..؟
انا دمعة صافية
لا أقوى على الانحدار من عيني تلك المرأة
ولا امتزج بهذا الطعم المر في حلقها..!
دمعة أنا…
دمعة…
لازلت مكبلة في شِباك المشهد
فلا انسكب سخية
و لا الوجوه الأسيانة والمهمومة
قادرة على إزاحتي…
رويداً، رويداً…
 أو لم تروا تلك الفتاة المرتدية
ثوب العرس…؟!
ألم تروا كيف أنها
ودون كلل و بزغاريدها
كانت تحاول إحياء
العريس الراقد و النائم عميقاً في نعشه الخشبي…؟
رويداً، رويداً تعالوا
ثمة رذاذ خفيف
قد غطى ملامح اللحظات الصامتة
من أعالي السماء
من مجرة درب التبانة
ثمة نجم متهاو نحو الأسفل …
أو لم تروا
ذلك الشهاب المبارك…؟!
أو لم تشاهدوه
كيف انبثقت الزهرة الوردية، المبتسمة و الفواحة بأنفاس الجنة
على أديم الأرض…؟!
أو لم تروا…
كيف أنها ترامت على شواطئ الحياة
وأقبلت على طالع الشمس…؟!
رويداً، رويداً اسلكوا الطريق
على تقاطعات تلك الدروب اليابسة
ثمة اثار للحب
و لازالت محل تلك الطرقات الوعرة
قلوب ملتهبة و غير مرئية.
ذلك هو العشق
الذي ينشرنا
ثملين و عراة تماماً
على الأوتار الشائكة
و على هدير المدافع وأزيز الرصاص…!
رويداً، رويداً
أشعلوا الشموع والقناديل الملونة
ففي عيون الأمهات الحزينات
ثمة دموع خبيئة
وفي إصبع عاشق لم ينل مراده
لازال خاتم الخطوبة ينبض
ولازال وجهه مبتسماً
فقد عانق  بشهادته عشقه  الأكبر…!
رويداً، رويداً
ففي النعوش الباردة
ثمة أرواح فتية
لازالت تحلم بالجمال…!
رويداً، رويداً
وأنت …
 تعالي رويداً، رويداً
أيتها العاشقة
أيتها العاشقة التي بقوام شجر الحور.
                       من خضرة الزيتون
                       ومن نفحات الأقحوان
تعالي…
 أيتها العاشقة…
يا تركة الحسرات
يا حفيدة سهرات ملؤها الالم
تعالي…
تعالي و اخبريني…
من حلمات اي هم كبير رضعت؟
من امتصاص ثدي اي جبل
أخذت كل هذه القسوة و العناد؟
تعالي…
يا باقة النرجس التي
تسربت من حضن الرباعيات…!!
أيتها الفراشة التي
تمرغت حول الضوء
لتسقط اخيراً في زجاجة النبيذ الأحمر ..!!
تعالي….
رويداً، رويداً وبصمت
فعلى جدائل شجر اللوز
ثمة أرواح مفعمة بالعشق..!
تعالي…
من دموع وحدتك
ومن عرق اللحظات المهمومة
تعالي هكذا طاهرة تعالي
تعالي…
أيتها الخرزة الزرقاء
انفصلي عن مسبحة الزمن
هوذا حر الصيف اللهاب
وأنت محمومة
باردة…
باردة هذه اللحظات الصامتة
وباردة هذه اللحظات المنزوعة الألوان
وباردة تلك القلوب التي كانت ملتهبة البارحة
وباردة… باردة
أيدي القدر!
حدود الألم!
وأديم التراب!
ألا تعالي يا الحبيبة
رويداً، رويداً تعالي
أسندي رأسك الى القبر البارد
ولتشعلي من محبة القلب
ومن دفء اليد و حنان الكتف
لصغيرك الذي لم يهنأ بعمره
مصباحا منيراً
تعالي…
ولملمي  شمل تلك الأحصنة
من قافلة أمانيك
الا تعالي يا الحبيبة رويداً، رويداً
تعالي.
كانون الأول 2019

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

“إن لم تجدني بداخلك، فإنك لن تجدني أبداً”
قول قاله جلال الدين الرومي، تذكرته وأنا أطوف بين أعمال التشكيلي رشيد حسو، بل أحسست أن أعماله تلك تخاطبني بهذه الجملة، وكأنها تقول لي: التفت إلى دواخلك فأنا هناك، وإذا أردت أن تقرأني جيداً اقرأ ما في…

فراس حج محمد| فلسطين

تعالَيْ
متّعي كُلّي بأعضائكْ
من أسفل الرأس حتّى رَفعة القدمينْ
تعالَيْ
واكتبي سطرينِ في جسدي
لأقرأ في كتابكِ روعة الفنَّيْنْ
تعالَيْ
واشعلي حطبي على شمع تلألأ
في أعالي “الوهدتين”
تعالَيْ
يا ملاكاً صافياً صُبّ في كأس امتلاء “الرعشتينْ”
تعالَيْ
كي أؤلّف أغنياتي منهجاً لكلّ مَنْ عزف الهدايةَ

في نضوج “الزهرتينْ”
تعالَيْ

كيْ أقول لكلّ خلق اللهْ:
“هذا ابتداع الخلقِ ما أحلاهْ!
في انتشائك شهوة في موجتينْ”
تعالَيْ
مُهْرة مجنونة الإيقاعِ
هادئة عند…

“في الطريق إلى نفسي” هو عنوان الديوان الثالث عشر للشاعر الكردي السوري لقمان محمود، وقد صدر حديثًا عن دار 49 بوكس في السويد. في هذا الديوان يكتب الشاعر قصائده بخبرة شعرية واضحة المعالم، بما تملكه من حساسية الرؤية وخصوصية الالتقاط والتصوير والتعبير. فالشاعر شغوف منذ ديوانه الأول “أفراح حزينة” عام 1990، بشدة التكثيف اللغوي وحِدَّة…

خالد جميل محمد

في وظيفة اللغة والكلام

لا تخلو أيُّ لغةٍ إنسانيةٍ من خاصّيةِ المرونةِ التي تجعلها قابلةً للاستخدام ضمن جماعةٍ لغوية كبيرة أو صغيرة، وهي خاصيّة تعكِس طواعيةَ اللغةِ، وقدرتَها على التفاعل مع المستجدات، بصورة تؤهّلها لأن تُستخدم في عملية إنتاج الكلام بيسر وسهولة، متوسِّلةً عدداً من الطرائق التي تَـزيدُ اللغة غِنىً وثراءً، ويمكن أن تتمثل…