إيزابيل بالادييه بلوخ: «عارية ! Nackt »*

النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود
” أمي
الأيدي كانتْ وجهاً
لقد جعلوا أمهاتنا عاريات أمامنا
هنا لم تعد الأمهات أمهات لأطفالهن. »
“[…] وعندما يدخل الناس من باب آخر إلى
غرفة الاستحمام العارية كما يخفون الأطفال ضدهم.
ربما بعد ذلك جميعاً يفهمون. »
” تم وضع وشْم على أذرعهم جميعاً برقم لا يمحى
كان على الجميع أن يموتوا عراة
الوشم يحدد الموتى. »
شارلوت ديلبو، لن يعود أحدٌ منا
في معسكرات الموت، كان هناك عالم آخر تمامًا، عالم لم يعد هو العالم، عالم كان تجسيدًا للعالم، وتجسيدًا للجحيم. وتنفيذ مشروع إبادة ملايين البشر وثقافتهم.
لم تكن التعرية الممنهجة لأجسام اليهود عند مدخل المعسكرات، على حافة غرف الغاز، وعند الخروج منها، سوى حلقة واحدة في برنامج “الليل والضباب Nacht und Nebel”. الرابط الذي يمكننا التوقف عليه. 
أجساد عارية لا حول لها ولا قوة، مثل الأطفال حديثي الولادة، مثل ديدان الأرض، مثل القطعان، جرى اقتيادها إلى المسلخ تحت عواء قوات الأمن الخاصة، ونباح الكلاب، في البرد القاتل. هذه الأجساد المجردة كلها بداية، وترمز إلى إبادة الشعوب والمجتمعات البشرية، وخاصة اليهودية.
أكوام من الأجساد العارية في مقابر جماعية، في عربات. الأجساد تم تجريدها أمام غرف الغاز وما زالت تجرد من ملابسها بعد الخروج من غرف الغاز.
إن الصور التي وصلت إلينا لهذه الأجساد العارية لا يمكن تصورها. هل هذه الأجساد أم هياكل عظمية حية squelettes vivants ؟ ومن خلال عرض هذه الأجساد، والذي كان يجب أن تبقى سرية تمامًا، يتم تجاوز الحدود بين الحياة والموت وإلغائها. 
تمامًا مثل المبعدين أنفسهم، نحن لا نصدق ما نراه، بل نفقده واقعَه؛ الخطوط الفاصلة بين أعنف الكوابيس والواقع أصبحت غير واضحة.
وكان من المقرر أن يتم تنفيذ هذه الجرائم الجماعية بعيدًا عن العالم بأكبر قدر من السرّية ودون ترك أي أثر. ثم ألقيت هذه الأجساد العارية في محرقة الجثث لتختفي إلى الأبد من العالم.
في هذا الكون من الدمار المطلق، يتم التعامل مع الأجساد التي لا تزال على قيد الحياة على أنها ميتة بالفعل. وكما كتب جان فرانسوا بوسي (الفلسفة في اختبار أوشفيتز)، فإن هذا التجريد من الإنسانية لجزء من الإنسانية الذي تم التعامل معه على أنه “نفايات déchet ” يهدف إلى ما هو أبعد من اليهود أنفسهم، إلى الإنسانية بأكملها.
ولم يكن هؤلاء المبعدون بحاجة – في نظر النازيين – إلى أي ملابس، سواء أكانوا لا يزالون على قيد الحياة بشكل غير محسوس أم لا، لأنها كانت “نفايات”.
*-Isabelle Baladier-Bloch:” Nackt Dans Sigila 2015/1 (N° 35)”! 
ملاحظة من المترجم: عنوان القصيدة” Nackt ” ” بالألمانية في الأصل، وتعني عارية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ديلان تمّي

 

أريدُ وردةً حيّةً،

تجعلُني أثملُ في ثوبي الربيعيِّ الأصفرِ،

تلملمُ بقايا أنوثتي المغبرَّةَ في جيبِ المسافاتْ،

وترقّعُ رقصتي الأحاديةَ بخطواتِها الثلاثِ إلى الخلف،

كأنّني بجعةٌ شقيّةٌ، تراقصُ وَهمَها أمامَ المرآة…

بلا خجلْ.

 

أريدُ وردةً حيّةً،

تُعيدُ لي إشراقةَ روحي،

وتطردُ الظلامَ عن ظلِّ وجهي، الذي انزلقَ منّي،

وانصبَّ في خيبةٍ ترفضُ الحياةْ.

 

أريدُها حمراءَ كالدمِ،

لا بنيّةً،

طريّةً،

أخافُ على يديّ إن داعبْتُها،

وعلى الياسمينِ من على كتفي…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

تقرير صحفي (28/10/2025)

في إطار الاحتفاء الأدبي والإنساني بالكاتب الفلسطيني باسم خندقجي، بعد تحرره من سنوات الأسر الطويلة التي قضاها خلف القضبان، صدر كتاب نقدي جديد بعنوان “الأسوار والكلمات: عن أدب باسم خندقجي” للناقد فراس حج محمد.

يأتي هذا الإصدار (الإلكتروني الصادر عن ناشرون فلسطينيون عام 2025) ليُلقي الضوء على تجربة خندقجي الاستثنائية كأحد أبرز كتّاب الحركة…

عِصْمَت شَاهِين الدُّوسَكِي

بَنَيْتُ حُلْمِي

بِآلَامِ جِرَاحَاتِي

يَدِي دَامِيَةٌ

هَوَاجِسِي مَلَذَّاتِي

كُلُّ لَيْلَةٍ

بِالْحُبِّ تَمْضِي لَيْلَتِي

كُنْتَ سَبَبَ وُجُودِي

فَرْحَتِي وَدَمْعَتِي

<p dir="RTL" style="text-align:...