أحلام في قلب تظاهرات قامشلو

  سيامند إبراهيم

تشرق الوجوه وتنعش قلوب المتظاهرين في أيام  الجمع
 الكل حذر وفي حالة ترقب لما سيحدث
آه آه نحن عشاق الحرية ننتظر قدوم الشباب, الصبايا, العجائز
ونعرف المندسين, و المخبرين, والانتهازيين من جميع الأطياف
وها قد مشت المظاهرة المباركة نحو عناق جيد الحرية المكلل
بتاج الغار في قامشلو
لكن القول والفصل لكم يا أبناء قامشلو
ومن ينضم إلى روح قامشلو من البلدات والنواحي يلتحق بركب قافلة الشرف والكرامة
آه أيها السوري عشنا خمس عقود لم نذق طعم المسير في تظاهرة تؤيد تحرر المرأة,
 ضد الفساد, وفي ظل  ديناصورات القهر, والفساد
 حولوا أحلامنا وآمالنا إلى يباب الموت
لكننا جاهزون للموت نستقبله  بترحاب في كل لحظة عشق للحرية
و تتكرر المظاهرات
وتمل الأيام والشارع ينظر ملياً إلى وقع خطانا المتثاقلة إلى دوار
الهلالية (الحرية)
وفي كل مرة  نشعر بنشوة اللقاء

 

وتلتهب الحناجر,
ونقبل وجوه بعضنا البعض
أكراد
عرب
سريان
ونقول بفخر واعتزاز
واحد واحد واحد الشعب السوري واحد
وأهمس لكم بأنني أفرح بهذه الكلمة التي توحد قلوب ملايين السوريين
كلما حضرنا يأتي الشباب يحتفون بنا نحن العجائز في هذه التظاهرة
ولا تتالى النظرات في البحث عمن لم يحضر ؟
وأين هو هل في زنزانته يئن تحت وطأ الألم المذبوح,
ويتساءل شاب آخر أين (ثلاج الزبيدي) الذي قال لي هذه المرة:
 أنني أشعر بالكرامة حيث أهتف للحرية و للأخوة العربية الكردية
 لم تعد ترهبني السجون, فقاموس الخوف مات   من  سطوره
وبدأت خريطتي جيناتي تشكل مفردة الحرية
وتخرج وتخرج إلى العلياء حياتي التي نسجت بعد 15 آذار
أما شيركو فينفث سيكارة رفيعة ويجول بناظريه نحو أصدقائه الذين لم يأتوا بعد
وهو لا يدري أنهم مشغولين بجلب الرايات السورية المكحلة بالكحل الأخضر
والأبيض والأحمر
ومصبوغ بالحنة الوطنية الشعبية
لكن ثمة كثيرين لم يستيقظوا من سباتهم الخمول بعد
وثمة من أصابه الصدمة القوية ولم يصدق
أن جدار الخوف قد سقط
أنظر اليوم إلى القادمين الجدد
ها قد جاء صديقي الحسكاوي الجميل
بعد تردد وتفكير, وها هو يشتد عوده أكثر تألقاً وإشراقاً في المظاهرة
أقبل جباه كل من سارت,  ومشى في هذه المظاهرات
 *        *        *
بلا خوف ولا وجل؟!
قد يخرج الموت إلى ربوعنا في أية لحظة, لا أحد يدري
 الموت مزروع بين الأصابع
وأقرب من الوريد للقلب
جرائم ترتكب
مذابح تحدث
للتواقين إلى الحرية

 

ما أجمل نسيم Azadî
المبثوث في أزقة بلادي
وثمة  من يتنطع و يعظ الشعب وهو في برج منخور
و يوزع نياشين الكذب والوطنية
وهو في سرداب الوهم, لم يذق طعم الخروج الجميل
جالس في برج منهار إلى أمد قريب
وأنت يا نشيد الصوت المبحوح
مهلاً ستزكم بهذا الهيجان الثوري ؟!
وما أحلاها بشائر الحرية
لكن يأتيك صوت كالرعد ينبهك ويهزك بقوة مرة ثانية وثالثة
ويقول أخرج واهتف للحرية
ولا تبالي لصوت الجبن الذي يبقيك على مسافة الحلم
وهذه الوجوه الشامخة  والكبرياء  يزداد تألقاً على جباه الشباب
 وتختفي منصهرة مع قوس قزح العالي  في سماء المجد
وصدق من قال:” إنها الثورة المستحيلة”
وأمام السياسي الحصيف الذي ينتقل بين عاصمة و أخرى؟
و لم يقتنع بعد  أنها ثورة عظيمة, و لا يدرك أنها ستنتصر؟

 

لا تبحث عن مجد ك يا صديقي ؟
الكلمة العليا
والخطاب الحزبوي هو في تألقك في المظاهرة التي تمنحك الشرعية والشعبوية

 

 لقد مرت أشهر ونحن نقتات الألم
ونتنفس الدخان الأسود الممنوع من التحرك
 أكثر من كيلو متر واحد
حفظنا جور البلدية الفاسدة
لكننا نبحث ونستبشر في نذر الحرية القادمة
ونقف مشدوهين لأخواتنا وبناتنا اللواتي يزغردن بنشوة وبكاء عند كلما سرنا
ووصلنا إلى قلب نشيد جديد
واليوم نفتقدكم وسأسمي الذين عرفتهم في هذه المظاهرات
الشيخ عبد الصمد
عبد المجيد تمر
محمد سعيد أبو رياض
أسامة الهلالي صاحب   Ava azadiyê
وكل من لا تسعفني الذاكرة في كتابة اسمه

 

 وأعود إلى التفكر بما أبعد من معنى التظاهرات التي
 أمست جزء من أكبادنا الدموية المتناثرة
و لا تظن يا جغجغ قامشلو بأنك ستنأى عن كل شيء
سيصيبك شظايا الحرية عاجلاً أم آجلاً
ولا  تتوجس خيفة من بعد
هذا المخاض سيفرح كل القلوب

 

 

وأنت أيها القلم سجل أن الشباب هم من سطروا ملاحم العزيمة
والسؤدد في صلب هذه الحياة المرسومة تحت ظل سيوف القهر
وستتفتح الورود والأزاهير في بلادي

 

 

 

قامشلو  4/8/2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…