أن تحبّها حتى الحياة … حتى البقاء

گـُـلـدَم مــيدي

أن تتوارى خلف أغشية مغـبرّة تعيق رؤيتكَ للأفق..
أن تتشبّث بعروقٍ تدفعكَ إلى الاستمرار والديمومة والكينونة أبداً …
أن تشعر بأوصالكَ بأنها ليست ملكاً لك… بل ملك لها، متخمة ٌ بها ..فتجيبَ عن أسئلةٍ ارتجاليّة حتى دون أن تـُـسأل..!!
أن تكترثَ بكل ما يجوب حولكَ، ويجعلك تتعثر بها إلا أنك تخشى التعثر بضياع تلك التي تجعلك تتشبـّث بها كطفلٍ يتشبث بأطراف ثوب أمه..!!
تلك التي وهبتكَ وجودها كي تـُبعث من جديد، وهبتك طيفها في كل ركن من أرجاء تفكيرك دون أن تحظى بشرف اللقاء بها بعد، ولكنك يحمومٌ بها ولها وإليها دون أن تكون معها ..!!
تلك التي عُدمتْ على مقاصل نسيانك إيّاها..وتحولتْ إلى حورية يتلظى  كل من يرغب في وِصالها  دون أن تـُخدِش أو تـُجرح أو تـُدمي أو تـقتل أو تـنفي من يرتقي إليها..؟؟؟
تلك التي تجوّعك حتى العدم ، وتجعلك تثور دون أن تهدأ، وتحوم حولك لتميـتك ليس حرقةً من حرمانك منها.. بل لرؤيتك إيّـاها وهي تتلهّى بتعذيبك دون أن يلامس هُــدُبك ظـلّـها، فكم يلزم من الوقت إذاً ـ حتى تشعر بالشبع والارتواء ـ حين ترأف بك وتسمح لك بالنظر في عينيها حتى المآقي ..حتى الذرف لا دمعاً بل دماً، فرحة ً بلقائها…
أن تغوص في أحضانها وتبكي حتى النحيب.. أن تجعل عظامك تتشابك مع عظامها غير آبه بما عانيته في غيابها.. بل في حضورها الغائب وأنت تعانقها..
أن تجعلك تضحك كثيراً ملء شدقيك..تضحك حتى البكاء… تضحك مرتين :
مرةً على تلك الحظوة التي حظيت بها والتي لا يعادلها نظير، ومرةً ثانية على خيبتك طيلة فترة ذلك الفراق .. وتضحك مرة ثالثة أيضاً خشية الحرمان منها من جديد والبقاء مسعوراً مكسور الجناح، مسربلَ الأماني حتى لقاءٍ آخر…”   فلا أنكى من فراقٍ بعد لقاءٍ حميمي..!! ”  
فإياك ثم إياك اللقاء بها إن كان بعد هذا اللقاء فراق أبدي مضمـّخ بشعارات النداء والاستجداء..!!
فإياك ثم إياك القبول بالتوقف عند هذه المحطة التي لا تذكـّرك إلا بحرمانك منها بعدما كانت حاضرةً أبداً في الحلول وفي الأفول..!!
اجعل حاضرك متخماً بلمساتها، ودعاباتها خيرٌ من أن  تتنهـّد على ذكرى لقاءٍ أشبه بحلمٍ جميل في فترة القيلولة ..
احرص على ألا تتنازل عن حقـّك في الوصال بها حتى في لحظة الحضور لا في لحظات الغياب فحسب، فأنت مُـهدّد بفراقها كسجينٍ أبدي في سجنٍ معتمٍ يحظى بزيارةٍ (ربع ساعية) في الوقت الذي لا يميـّز فيه ليله من نهاره في ذاك السجن…!!
 كنْ الثائر.. للحيلولة دون حصول ذاك الفراق… فهل كان ذلك الفراق يسمّى فراقاً إن لم تكن قد استلذذتَ بطعم اللقاء من قبلُ ؟؟
أطلق العنان لحنجرتكَ في مناداتها وحرّض كل من حولك على ذاك النداء والصراخ عالياً ملء حنجرتك كمشجّعٍ لمباراة عالمية لكرة القدم.. ولا تجعل الخيبة تركل كل مساعيك في الظفر والانتصار بها..فأنت لها ..وهي لك ..وقد خلقتكما الحياة توأمين…
لا تتخذ المستحيل شريكاً لك في كل أسفارك للبحث عنها..فكلما استسلمت كنت المهزوم أبداً ،
لا تـُنهِ سلسلة أمانيك عند أبواب العرّافات أو القارئات لمستنقعات الفناجين ..
فليكن فجرك الضحوك هو المنطلق عند كل شفق.. غير مبالٍ بما يعترضك من حواجز الممنوع أو لوائح الطوارئ حتى تظفر بها قبل حلول الغسق..
انظر إلى الأفق ملء أحداقك واملأ صدرك حتى آخر زفرة بالعزيمة.. واضحك حين لا تجد إلا الضحك وسيلة ً للانتصار والهزيمة معاً ..
فنحن اعتدنا أن نسلي أنفسنا ببقع الضوء في سراديب مقفلة الجانبين .. كما اعتدنا أن ننظر إلى مرايا الآخرين لنضحك دون أن ننظر إلى مرايانا لأنها مبكية فهي لا تشعرنا بحاجتنا إلى التي فعلت فعلها بك وبنا كل هذا ..فقد جوّعتنا كما جوّعتك، وشردّتنا كما شرّدتك وخضّبت رايات عزائمنا بالأمل كما خضّبت راياتك أيضاً ..ورغم ذلك فمازلنا تواقين إليها ولا سيما حين نراها مكللة بالعزّة على موائد الآخرين تلك التي تسمّى(  ا، ل ، ح ، ر ، ي ، ة …. الحريّة..)
 فما أقسى أن تحبّها حتى تشتهي الحياة  وتظمأ للبقاء.. من أجلها…!!!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…