عادل عبد الرحمن
بالأمس كانت فراشة تطير بين ربيع أبويها وتلهو بين أحضان الأقارب كحورية استرخت على شاطئ حنانهم الدافئة وقد بسطت جناحيها حتى لامست النجوم الطاهرة ورسمت الفرحة بالألوان الطبيعة الخلابة على قمرية أهلها في كل صباح ومساء وكانت تمشي على الأديم كعصفورة تقتات من حبات البراءة التي أمطرت بها عالمها الطفولي وكانت تغني للهواء الطلق أغنية الكوكو فترقص النسيم على حباتي شعرها رقصات (اليابو واليادي غزاله) وحفرت بأناملها على جدران البيوت طقوس لعبة (الجعف بردوكي) وأخرجت من جيب حقيبتها طبشورة كتبت الأحرف والأرقام واسم مدرستها في زاوية البيوت و أهدت في عيد معلمتها ابتسامة مع أغنية صباح الخير يا آنسة فمشطتها ورشرشت من لسانها اللازوردي أذكى القبلات كانت اسمها (جيان) عمرها ستة ربيع اسمها جيان لانها كانت الحياة بالنسبة لهم ولكي تحيي في هذه الدنيا بكل سعادة وسرور.
وقع الحادث على طريق قامشلو والدرباسية حيث تقع مدينتها عامودا في الوسط, أم الطفولة والرجولة وكانت تترصدها عزرائيل من نوع خاص الا وهي السرعة الزائدة من سائق ارعن لا يراعي أنظمة السير في الشوارع الآهلة بالسكان وربما كان السائق ذاهلا يفكر خلف مقوده الجائر في قوت يومه او يسعى من وراء السرعة للوصول مبكرا ليقبل فرحة أطفاله التي طالت انتظارهم بعودته مع الهدايا التي وعدهم بها وفي نفس المكان ذهقت أرواحا راحت ضحيتها طفلان من أبناء عمومتها فالحيطة والحزر واجب على كل سائق وأرباب البيوت التي تطل على الشارع العام فالخطى هنا خطى جسيم يقع على الجميع من المعنيين بالأمر .
ان الطفلة جيان كانت تركض وراء نور الحياة بكل براءتها فاصطادتها شركة جوان للسياحة والسفر حتى قضت آخر أنفاسها بين رفراف الدواليب ككتلة من لحم مفروم فهبت الأهالي وهي فارقت الحياة فلم يستطيعوا من إخراجها من تابوت العجلات الآثمة حتى هبت الى نجدتها رافعة عملت ساعات من الجهد المتواصل من إخراج جثمانها الطاهرة التي اقشعرت لها الأبدان ودمعت لها الأبصار ولكن القدر فوق العين مكتوب ويد الله هي العليا فهو الذي سوانا بيده ومن سلالة طينية اذا قضى امرا فيقول له كن فيكون .
ان الطفلة جيان نواف جميل عاشت فراشة وماتت ملاك طاهرة لترفع الى سماء الخالد وتعيش في جنان سدرة المنتهى ملاك من نوع فريد باسمي وباسم أهالي عامودا وشركة جوان نقدم أحر التعازي بمشاعر الحزن والأسى على فقيدتنا الغالية ونسال الله لا مفر من قضاء أمرك وان تعفوا عنا ولا تحاسبنا أيها الكريم بذنوبنا وتأخذ منا الغوالي فاصبرهم أيها الرب على فزع مصيبتهم وأكرمهم من رحمتك بالبنين لان البنين زينة الحياة الدنيا .