التمثيل

 محمد قاسم (ابن الجزيرة)
m.qibnjezire@hotmail.com

يعرفه الجميع بأنه فن..أو احد الفنون..والغاية من الفنون عديدة منها اختصار الأحداث في زمن قصير .ليطلع الناس على مجرياتها ويتخذوا العبرة منها..
ومنها تفريغ ما في النفس من تراكمات مختلفة، تطهر الذات من تأثير رواسبها، وسمومها -إذا جاز التعبير- ومنها –بالنسبة للممثل- إبراز المهارة والقوى الفاعلة إبداعيا في ذاته مما يشعره بالاعتزاز والخصوصية وربما التفوق..

وربما أهداف أخرى..
ولنأخذ الغاية الأهم وهي: عرض الأحداث خلال فترة قصيرة للعبرة والعظة.. فنلقي بعض الضوء عليها.
الأحداث –بلا شك- تجري في الحياة الاجتماعية سواء بالنسبة للأفراد او الجماعات.
ولا يمكنا التحكم بمجرياتها في كل أبعادها لسبب بسيط هو: ان الإنسان فيه أكثر من بعد – بعد فردي وبعد اجتماعي…وفي نطاق ذلك أيضا: بعد تربوي قاصد، وبعد تربوي غير قاصد..أي بعد يمتصه المرء من الآخرين عموما-المجتمع- دون انتباه او لاشعوريا..من خلال انفعالات مختلفة كالإعجاب بـ..- وفيه تقليد- او تأثير الحب “حبك الشيء يعمي ويصم”. أوغير ذلك.
من هنا فالعملية معقدة.. ولعل هذا ما دعا القائل ليقول:
 وتحسب انك جرم صغير= وفيك انطوى العالم الأكبر..
فالشخصية تتنازعها قوى متعارضة ومتناقضة..لأن العقل له سلوكه، وللغرائز سلوكها المختلف أحيانا، وللرغبات والأهواء اتجاهاتها المختلفة والمتعارضة مع العقل والغريزة أحيانا.
في هذه المساحة نود التوقف قليلا ، ونبحث في فن التمثيل على أرضيتها.
فالتمثيل يصبح وسيلة بيد المتحكمين فيه منذ الكاتب والمنتج والمخرج والممثل الخ. وربما بعد فترة معينة من تشكيل الثقافة الفنية –المجتمع أيضا-.طبعا بعد نوع من التطبيع الفني –إذا جاز التعبير.
هل التمثيل يحاكي الواقع بما يستطيع الكاتب ان يصوره؟
 أم انه أصبح خارجا عن تمثيل الواقع الى التلاعب بالواقع لتحقيق غاية معينة؟
وفي الحالة الأخيرة،هل هذا التلاعب يخضع لمعايير اجتماعية مفيدة بالضرورة، أم إنه تلاعب بحسب الهوى-والهوى هنا، الغاية التأثيرية ثقافيا، او تحقيق مكاسب اقتصاديا، او سياسيا، أو غير ذلك.
يبدو لي ، من خلال متابعة المسلسلات والأفلام أيضا والتمثيليات..الخ – على الأقل  في المجتمعات المتخلفة والعربية منها- أن الفن –التمثيل- يتجه الى التلاعب بروح ذاتية للعاملين فيه، ربما المنتج أكثرهم تأثيرا- وبالتالي فإن الأحداث التاريخية او الماضية عموما..تصبح مادة لإنشاء في الحاضر بما يخدم هذا الحاضر بالنسبة للعاملين في فن التمثيل منذ الممثل والمنتج والمخرج وربما السلطة التي يتم التمثيل على أراضيها او يكون العاملون من مواطني بلدانها..
لذا نجد في السلطات الأيديولوجية أن أغلب الانتهاج الفني تمثيلا لمسلسلات او تمثيليات أو أفلام..الخ.إنما تعكس الاتجاه الأيديولوجي لهذه السلطات فيما يتعلق بالأفكار السياسية والثقافية.. وأسلوب عرض الأحداث بطريقة يمكنها ان توظفها لأيديولوجياتها ..و هي –بذلك- تتجاوز على حقوق الوطن والمواطنين بذريعة خدمتهم –وفق نظريتهم الأيديولوجية-مهما كانت دينية او قومية او طائفية..الخ.
وهنا يتحول فن التمثيل الى مجرد وسيلة إعلامية للنظم،لا فنا موجها لكل البشر بغض النظر عن انتماءاتهم القومية او اعتناقاتهم الدينية او غير ذلك.

وتصبح النظم هنا متجاوزة على حقوق الوطن والمواطن بدون تمثيل رأيها واتجاهات رغباتها وإرادتها.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…