حارسُ الخطيئة

محمود عبدو عبدو

  شتاثمٌ  بقيت معلبة ببكارتها وفق قامات بحرية, امتطت ظلال العابرين الذين غافلوا ماء الله بشفافة موسمية, واندلقت العاصفة علينا بما فيها من عتمة أرستقراطية نحن نبلاء اللقاء الودود, نحن الذين نصاحب الشاشة العاكسة للكرة أكثر من ركلها في الهواء, أجلس معكم بما أحمل من جفاف الجزيرة, والذبابة الخزفيّة المرسومة بانشغالاتنا عن أسماك الحياة تتلو معنا آية المشهد, ومراسم الرسم المجاني الشاطئي حولنا, يفردون للمكان رونقا على مقاسه.
    لن أفسد الغناء ودحرجات الكرة-الرغبة-بوفود الجنة لن أفسدها بتشجيعٍ مبحوح, بآفات اللقاء وعتابا المقهى, لن ألوم بقايا سيجارة تُكفّن عقبها فوق جذع شجرة اقتص منها فلاح لحظة طيش وخسارة فريق, والتاكسي الأصفر الذي أسقطنا بصوته البرازيلي المُعولم, قتلنا حينها حيّة أو هكذا تصورنا بأننا من تلوى خلفها, ونحن نُشهر سيف قلمنا المبلل بالشتائم, الباحثون عن حبل طويل يمتد ملتويا كحياتنا من بلدة تُعشِّش فيها نزوات الشّرق الحزين صوب بحرٍ مفعمٍ بقصاصات النور والغيم والمضيفات العجائز اللواتي تعبن مثلنا من شريط الأخبار ولفّة الشّطآن العارية, ومن المباريات المنقولة من ثقوب جيوبنا وكرتٍ جزراوي”وهو لا يمتُّ للجزيرة التي نسكنها بصلة” وثقافة النهود,  أنسوني بأن فرويد لا يحبُّ الجوارب وكذا غاندي لابس الورد

أنتم …. أنتم .. بأثدائكم السّبعة تنسون رضاعتي مُغبّرة
   تنسونني قرب القليل من الماء, نهرٌ مقاربٌ لإغفاءة جبل هرم وغصن الحزن الملفوف حول خاصرته, وتلتهون عني بماء كثير ومشاهداتٍ أكثر, بقنواتٍ لبنانية تصلكم على حافة الجبل, تسبحون, تشربون, تلعبون دوني,..,.., والأهم تشاهدون المباريات من قلوبكم بينما أراها من فوق جدار النادي.   
   أرواحنا رغم هذا الميزان المغمض القلب, تحابت بالوردات الثلاث لصاحب الوجه الأبيض, التي سرقتّها مني طاولة الشاطئ-حينذاك-.
   والمصارع –كرجلٍ عضلات ساعده كرتا قدم- بودّه بوجهه القمحيّ, المخمن بأن الشمس لا تلبس تنورة إلا بحضور حورية الشِّعر وراقصة الفنجان وفوز فريقٍ عاشرناه مُذ كنّا ” كرة “.
والرامي –هداف القلوب-المولود في قشرة برتقال وجدارٍ أزرق, يحرس مدفئة خصّها لتدليك ظله, وليدل على شخوصه المجنونة في السرد وكذا في لعبة شدِّ الأعصاب والشَّعر.
قلت لكم سابقا بأني لا أصلح لأن اصنع من كفي منديلاً لعرق العالم-كأس العالم- أو أن أجعل من عشِّ اللحظة  تمثالاً لسقراط اللاعب-جكارة بسقراط العقل- ولا أصلح لمسامرة ماء النهر بمفخخات العطس, ولا أميّز بين نجاسة الأرض وطهارتي السّماوية, أو بين الفرق المتحاربة أو المتحابة.  
   علينا أن نقف على الجسر غبَّ كلِّ مباراة ونرمي من تحته الشتائم وآلاف الأنهار الخائنة, والفرق الخاسرة!!.
من هناك مرَّ صبيٌّ يجر الفجر كطائرة ورق استانبولية, جزراويٌ صوته عديم الملح وعينه العارية الماء, هناك تلقفنا توسلات حفظناها وهدهداتٍ مكعبة, ملكٌ أضع تكشيرتي على النص, لذا حاجبا شِّعري عاقدان أبدا
 وخاتمتي زقاقٌ مُحصّى, وعنب لقائنا الأبيض عانق ريح الهداية, نهشت عراء الغيم بعضات ثلوج تائهة, إخوتي يلتقطون معي الجهات وتهافت سنابل وجوهنا المسقيّة بالشِّعر, هم- أصدقاء حفظتهم عن ظهر حب-
أصدقائي أُخرج لهم من حنجرتي زقزقات للنهارات الآتية, وهتافات المدرجات كطوابق الإقطاعية وأُقدّم فرحتي بيتزا اللقاء,  ففرحي ناقصٌ ما لم تجاوره أعاصيركم وأنتم تشتمون فريقي ومهاجمي المفضل.  
بريدي الماطر بمحابر, لأشجار لا تقف في السنة إلاّ حين تمرُّ أفكارنا وظلالنا من تحت وفائها, وجوهكم الجَدْوَلية معي تتبع خرافات الصّدق والورق في آن, ما الذي سيفعله حراس المرمى  دون خطايا, وما الذي سنفعله بهم دون أهداف.
دون كره يمتشقونه سلماً لأفواهنا الصدئة
تجارة الحب بين واحدٍ أبيض, بخارجه, بشيبه, بهتافهُ
ابيضٌ بداخله, بسبابته الموجهة للزمن المسالم, ولسانه الذي أخرجه لرقصة الهدف.
وآخر بدين الجسد وكذا روحه المتخمة بالصدق حتى الثمالة
والرامي المنتهك لهتافاتي الإلهية, المولود على قشرة برتقال ورغم عصارة اللغة الفواحة يعشق تفاحات الكتابة
……… أحبتي معكم لن العب إلا رأس حربة.
 
جريدة تشرين /ملحق أبواب الثقافي عدد 18/

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أ. فازع دراوشة| فلسطين

المبيّض أو كما يلفظ باللهجة القروية الفلسطينية، ” المبيّظ”. والمبيض هذا كريم الذكر لا علاقة له قدّس الله سره بالبيض.

لم أره عمري، ولكن كنت في أوائل الابتدائية (الصف الاول والثاني) وكان يطرق سمعي هذا المسمى، علمت أنه حرفي ( صنايعي) يجوب القرى أو يكون له حانوت يمارس فيه حرفته. يجوب القرى، وربما…

مسلم عبدالله علي

بعد كل مناقشة في نادي المدى للقراءة في أربيل، اعتدنا أن نجلس مع الأصدقاء ونكمل الحديث، نفتح موضوعاً ونقفز إلى آخر، حتى يسرقنا الوقت من دون أن نشعر.

أحياناً يكون ما نتعلمه من هذه الأحاديث والتجارب الحياتية أكثر قيمة من مناقشة الكتب نفسها، لأن الكلام حين يخرج من واقع ملموس وتجربة…

أحمد جويل

طفل تاه في قلبي
يبحث عن أرجوحة
صنعت له أمه
هزازة من أكياس الخيش القديمة……
ومصاصة حليب فارغة
مدهونة بالأبيض
لتسكت جوعه بكذبة بيضاء
……………
شبل بعمر الورد
يخرج كل يوم …..
حاملا كتبه المدرسية
في كيس من النايلون
كان يجمع فيه سكاكرالعيد
ويحمل بيده الأخرى
علب الكبريت…..
يبيعها في الطريق
ليشتري قلم الرصاص
وربطة خبز لأمه الأرملة
………
شاب في مقتبل العمر
بدر جميل….
يترك المدارس ..
بحثا…

مكرمة العيسى

أنا من تلك القرية الصغيرة التي بالكاد تُرى كنقطة على خريطة. تلك النقطة، أحملها معي أينما ذهبت، أطويها في قلبي، وأتأمل تفاصيلها بحب عميق.

أومريك، النقطة في الخريطة، والكبيرة بأهلها وأصلها وعشيرتها. بناها الحاجي سليماني حسن العيسى، أحد أبرز وجهاء العشيرة، ويسكنها اليوم أحفاده وأبناء عمومته من آل أحمد العيسى.

ومن الشخصيات البارزة في مملكة أومريك،…