ابراهيم البليهي
رغم أن كل أمم الغرب يضمها إطار الحضارة الغربية إلا أنه لا يجمعها نسقٌ ثقافي واحد بل توجد فوارق ثقافية عميقة …..
فالثقافة الانجلوسكسون التي تضم بريطانيا وأمريكا الشمالية واستراليا ونيوزيلندا وغرينلاند تغلب عليها الجدية العملية فمنذ أن تطبعت هذه الثقافة بفلسفة فرانسيس بيكون و جون لوك وديفيد هيوم وهي مصطبغة بالطابع العملي وبالفلسفة التجريبية لذلك بزغت فيها الثورة الصناعية وكان رواد هذه الثورة الصناعية من خارج مؤسسات التعليم فريتشارد آركرايت وجيمس وات ومن معهما كانوا عمليين ولم يكونوا من رجال العلم النظري كما أن اللغة عندهم مجرد أداة ….
أما فرنسا فيغلب عليها التفكير النظري كما يبرز فيها تمجيد اللغة والولع بالفصاحة والعناية الفائقة بالأدب ويحتل الشعراء فيها مكانة عالية إلى درجة أن السياسي الشهير الداهية رشليو كان لا يرضى بأن يوصف بأنه داهية فرنسا السياسي وإنما كان يطربه أن يقال عنه بأنه شاعر ….
أما الثقافة الألمانية فتطبعت بطابع ثقافي يجمع بين مزايا العناية العملية والفكر النظري فتميزت فلسفيا وتقنيا وضمن هذا الاتجاه تأتي السويد والنرويج وفنلندا والدانمارك وهولندا وبلجيكا …..
أما إيطاليا وأسبانيا والبرتغال فقد غلب عليها الطابع الكاثوليكي اللاتيني ولولا التأثير القوي للثقافات الأوروبية الأخرى لبقيت خارج مسيرة الازدهار لكنها استفادت من كونها ضمن أمم الغرب فلحقت بركب التطور …..
لكن أمريكا الجنوبية التي تطبعت بالثقافة اللاتينية (الإسبانية والبرتغالية) وكذلك اليونان التي تطبعت بالثقافة الارثوذكسية فقد بقيت معاقة ثقافيا فبقيت ضمن عالم التخلف ………