مشاهيرالكورد الموسيقى واغاني فلكلور في ذاكرة التاريخ – شمال كوردستان ( 1 )

ا . د . قاسم المندلاوي    

 شمال كوردستان بركان ثوري لمناضلي الكورد الشجعان ، وشعلة مضيئة لنجوم الموسيقى و اغاني فلكلور الكوردي الاصيل ، وكنز ثمين للمواهب الفنية .. حكام تركيا ومنذ تاسيس الدولة التركية عام 1925 ومع الاسف الشديد يحاربون الشعب الكوردي بشتى الوسائل الفاشية ، ويمنعون ممارسة حقوقهم الثقافية والاجتماعية والتعليم والغناء بلغتهم الكوردية ، وتم اعتقال عدد كبير من المغنين و زجهم في سجون و زنزانات التعذيب و الموت ، ولاذ البعض منهم بالفرار الى جنوب او غرب كوردستان ، البعض الاخر الى دول اوربية ” المانيا ، السويد ، فرنسا و انكترا وغيرها ” ، 
وفي المهجر وبلاد الغربة استطاعوا تكملة مسيرتهم الفنية بكل حرية و احترام ، وقدموا حفلات موسيقية و غنائية  وشاركوا في مهرجانات عالمية  و سجلوا و اصدار نتاجهم الفني على كاسيتات و البومات وفيديوهات و مواقع التواصل الاجتماعي لا لكسب المال فحسب بل ايضا للحفاظ على تراثهم القومي الكوردي الاصيل ..  حكام تركيا وعلى الرغم من استخدام كافة الاساليب الارهابية ضد الموسيقين و المغنين الكورد ، الا انهم فشلوا فشلا ذريعا امام شهرتهم الدولية و العالمية ومنع وصول اغانيهم الى  تركيا ، حيث استطاع المواطن التركي العاشق ” للموسيقى و الغناء ” وعن طريق ( سوق السوداء ) حصوله على اغاني  مطربين الكورد  امثال ”  المرحوم احمد كايه و ابراهيم تاتلس و شيفان برور وغيرهم ” .. ننصح حكام تركيا اختيار ” طريق السلام ” مع شعب كوردستان وقبل كل شيء الاعتراف بحقهم في تقرير المصير ، وعن طريق السلام تزول الكراهية و البغضاء و الحقد و الحروب .. نعم ” طريق السلام ” الذي اختاره الله الخالق العظيم للانسان في الدنيا و الاخرة ” حيث يخاطب  سبحانه و تعالى اهل الجنة ” ادخلوها بسلام ”  .. في هذه الحلقة نقدم  نبذة  مختصرة لاشهر الموسيقين والمطربين الكورد الاوائل  شمال كوردستان . 
 الفنان  الراحل ” سعيد آغا جزراوي ” اسمه الكامل سعيد محمد صالح سليمان الجزراوي ، ولد عام 1910 في ”  بوتان ”  مدينة النضال القومي الكوردي من اجل الاستقلال  . عاش هذا الفنان المناضل في زمن برز فيه نجوم امثال محمد عارف جزراوي و حسن جزراوي و عيسى برواري وغيرهم من عمالقة الاصوات الكوردية الاصيلة .. قضى طفولته و شبابه في جزيرة بوتان .. لم يدرس علوم الموسيقى اكاديميا الا انه تميز بصوت جميل و بالمقامات الكوردية  الاصيله ،  انتشر شهرته كمغني كوردي ذات صوت مؤثر و جميل في عموم منطقة ” بوتان ” ومناطق اخرى من كوردستان …استدعي للخدمة في الجيش التركي الا انه لاذ بالفرار الى جنوب كوردستان وبالتحديد الى مدينة  شنكال ، لذا كان الحانه يتميز باللون الشنكالي واستطاع ان ياسس  له نمطا ولونا خاصا ، ولاسباب صعوبة الحياة المعيشيه  ترك شنكال و استقر في الموصل لفترة ثم ترك الموصل ايضا لنفس الاسباب اعلاه و سافر الى بغداد واستقرفيها فترة من الزمن ،  و في العاصمة بغداد تعرف على بعض الكورد المحلين الذين شجعوه ان يغني في المناسبات المختلفة و ساعدوه ايضا تسجيل عدة اسطوانات من اغانيه ، ولعمق حبه لزوجته والغياب الطويل عنها اهدى لها  اغنيته  المشهورة و بعنوان ” آري .. أو هه ري عدولي ” ثم اراد الرجوع الى ” بوتان ” ولكن لم يرجع لانه كان مهدد بالاعدام  ، لذا سافر الى سوريا التي كانت تحت استعمار فرنسا انذاك و استقر في ” ديرك ” ومن اغانيه التي كانت تتميز بالروح القومية و التراثية و الثورية و المشهورة اغنية ” شرى نادربك ” واغنية ”  انتفاضة الشيخ سعيد ” يروي فيها ثورة الشيخ سعيد ويدعو الى استقلال كوردستان ،  و اغنية ” احمدي ملا موسى ” و اغنية ” شيخ عبد الرحمن كارسي ” واغنية ” فلك فلك ”  من ابيات الشاعر الكوردي ” جكرخوين ” و ” قوطوش” ، ويعتبر الراحل ” سعيد آغا جزيري من الفنانين الاوائل ذات الحس القومي والنضالي و الذي ترك اهله ومدينته بوتان من اجل فنه لخدمة شعبه الكوردي .. توفي عام 1957. المصادر 1 – رويد فرمدالي ” الموسيقى الكردية – تاريخ طويل ”  17 / 12 / 2009 يوتيوب  2 – وليد حاج عبد القادر ” الفنان الكردي سعيد آغا جراوي  1910 / 1957 واحد من عمالقة الاغنية الكوردية في القرن الماضي  – يكيتي ميديا 8 / 7 / 2022  3 – سعيد آغا جزراوي –  كورديبيديا 13 / 12 / 2013 . 4 – سعيد اغا جزراوي  – يوتيوب 22 / 12 / 2009  
 الفنان الراحل ” محمد عارف جزراوي ” احد اعمدة الفن الكوردي ولقب   ” بامير الطرب الكوردي ” ولد عام 1912 في مدينة ملايي – جزيرة بوتان اشتهر بالعزف على الة البزق وبالاغاني الفلكلورية و الشعبية و الثورية عن واقع شعبه الكوردي المجروح و المظلوم وعن جمال طبيعة كوردستان الخلابة .. ، كان والده جندي في الجيش التركي الذي شارك في الحرب العالمية الاولى ولم يرجع .. عاش هذا الفنان العملاق في زمن تعرض فيه شعبنا الكوردي ” ابان الحكم العثماني الدموي ” الى حملات الابادة والاعتقالات وسوء الاحوال المعيشية والصحية ، ومع سقوط الامبراطورية العثمانية وتاسيس الدولة التركية عام 1925  اعتقل ” جزراوي ” بتهمة تهريب السلاح من جنوب كوردستان الى ثورة ” الشيخ سعيد ” وسجن في ديار بكر لمدة ” 4 سنوات ” ثم اطلق سراحه ” بموجب عفو ” وعاد الى بوتان  ، ولكنه  اضطر الى  مغدرتها بسبب استمرار شدة اضطهاد  الكورد  ” ملاحقات ، اعتقالات و اعدامات للسياسين والثوارالمناضلين و الفنانين وغيرهم ” فضلا عن سوء الاحوال الصحية و المعيشية القاسية في تركيا انذاك .. هاجر الى جنوب كوردستان وتحديدا الى زاخو  ثم الى مدينة دهوك واستقر فيها فترة من الزمن  ، وبسبب ظروفه  المادية الصعبة اخذ يعمل في الموصل ثم غادرها عام 1949 الى بغداد  ، واخذ يعمل في اذاعة بغداد – القسم الكوردي حيث  افتتح  ” قسم الاذاعة الكوردية منذ عام 1939 – كاول اذاعة تبث الاغاني الكوردية في تاريخ الشعب الكوردي ، ثم  توقفت الاذاعة عن البث بعد التغيير 2003 اي في العهد الجديد – عهد الحكومات الشيعية ” .. و استمر الفنان الراحل ” جزراوي ” العمل في الاذاعة الكوردية حتى عام 1974 حيث احيل على التقاعد .. ” ومن اجازاته الفنية .. شارك في العديد من الحفلات و المناسبات الوطنية و القومية والتي كانت تقام في كركوك واربيل و السليمانية ” و سجل عدد من الاغاني الفلكلورية الجميلة في قناة تلفزيون كركوك الكوردية ، وفي عام 1961 زار مدينة كرماشان وسجل مع الفنان المعروف ” حسن زيرك ” بعض الاغاني في اذاعة كرماشان .. عام 1968 زار مدينة قامشلو لاحياء حفلة لاهالي المدينة ..عام 1973 زار بيروت  واقام حفلة  لاكراد لبنان  ، وخلال مسرته الفنية اصدر اكثر من 300 اغنية و موال ومن اشهر اغانيه : ” لولوه دلال ” و اغنية ” كم يار دلي ” و اغنية ” جافيتا ره شن ” و اغنية ” جابوكم ليلي ” و اغنية ” هه ليمي ” و اغنية ” موال ورا بلقيس ” واغنية ” اي دلال ” واغنية ” غزال ” واغنية ” روج افا الحبيبة ” و اغنية ” اوباما اوباما كوباني ” واغنية ” حيرانه ” و اغنية ” مه لولو ” وغيرها  .. توفي الفنان جزراوي عام 1986 في مستشفى آزادي بدهوك بسبب اصابته بمرض السكري ودفن في مقبرة شاخكي في دهوك .. ترك الفنان الراحل ” جزراوي ” ارثا موسيقيا و غنائيا كبيرا ، وفي مدينة دهوك وتقديرا لخدماته الفنية الغنائية و الموسيقية تم تسمية احدى القاعات الفنية باسمه وتم نصب تمثال نصفي له امام مدخل القاعة كما اصدر معهد التراث الكوردي البوما تضمن اغانيه .  المصادر : 1 – محمد عارف جزراوي .. حياته .. فنه .. شخصيات من الذكرة الكردية  – فيسبوك 9 م 10 / 2012   2 – آرين شنكالي ” محمد عارف جزراوي – صوت الفن الاصيل 1912- 1986 ” صحيفة روناهي 12 / 12 / 2018 يوتيوب . 3 – محمد عارف احد اهم الينابيع التشكيلية في كوردستان العراق – مجلة الكاردينا 4 / 4 / 2014  4 – البوم اغاني الفنان الكردي محمد عارف جزيري 22 / 9 / 2012 يوتيوب  5 – دلبرين فارس ” الطرب في الموسيقى الكردية ” جريدة الاتحاد الديمقراطي 28  / 12 / 2018  6 – محمد عارف جزراوي -ويكبيديا – الموسوعة الحرة  4  / 3 / 2016 . 
الفنان  الراحل ” حسن جزراوي ” اسمه الكامل ” حسن فتاح احمد ” الملقب شيخ الموسيقى الكوردية  ، ولد عام 1917 في منطقة جزيرة بوتان  – شمال كوردستان .. بعد الحرب العالمية الاولى تركوا  تركيا و توجهوا نحو مدينة زاخو  – جنوب كوردستان .. كان والده ” فتاح جزراوي ” يتميز بصوت جميل واشتهر بالمقامات الكوردية .. لم يكن الراحل ” حسن جزراوي ”  سعيدا في حياته بسبب اصابت عيناه بمرض وهو بعمر 10 سنوات ولم يعالج انذاك لقلة اطباء العيون بل تم استخدام ادوية محلية مما سبب فقدان بصره مدى الحياة .. وعلى الرغم من وضعه الصحي و النفسي الصعب استمر في مشواره الغنائي وسجل اول اسطوانة تجارية عام 1933 في مدينة قامشلو – غرب كوردستان  .. عام 1941 ترك زاخو متوجها نحو بغداد التي كانت انذاك مدينة العشق و السلام  واستقر فيها وعن طريق الفنان ” علي مردان – استاذ المقامات الكوردية ” اخذ يعمل في القسم الكوردي لاذاعة بغداد وقدم اول اغنية فيها عام 1942 بعنوان ” ياركه وري ”  ثم اخذ يقدم الاغاني و المقامات اسبوعيا و اصبح احد مطربي الاذاعة المشهورين ، ومن اغانيه المشورة الاخرى : اغنية ” بابي  سيرو ” واغنية ” لي لي ديني ” واغنية ” جاني ” واغنية ” كفوكم ( انا حمامة )  ، وخلال  مسيرته الفنية لفترة 35 سنة تقريبا  سجل اكثر من 308 اغنية و مقامات اصيلة وياتي بالمرتبة الثالثة من مطربي القسم الكوردي بعد الفنان ” علي مردان ” و ” رسول كوردي ” .. ومن اعماله الفنية الاخرى شارك مع الفنان محمد عارف جزراوي بتقديم حفلات غنائية في  حلب و  قامشلو وقدم مع علي مردان و محمد عارف جزراوي في مدينة كرماشان حفلات غنائية .. استمر الفنان حسن جزراوي في الاذاعة الكوردية ببغداد لغاية عام 1975 حيث احيل على التقاعد  ، وفي عام 1982 عاد الى مدينة زاخو .. توفي بتاريخ  9 / 7 / 1983 تاركا  ارثا غنائيا و موسيقيا تميز بطابع ثوري ونضالي وقصص تاريخية بطولية ، ينير الدرب امام  المواهب الفنية الموسيقية و الغنائية الكوردية القادمة .. المصادر : 1 –  عبد الكريم عبد الرحمن ” السيرة الذاتية للفنان الجزراوي المنشورة على موقع كلكلمش 26  / 7 / 2022  يوتيوب   2 – من هو الفنان الكوردي  حسن جزراوي الذي ادى الاغنية الفلكلورية  ” از كفو كيم ”   كلكلمش ”  26 / 7 / 2022  يوتيوب  3  –  اغنية  (  از كفوكيم  – انا حمامة )  حسن جزراوي   1 / 12 / 2012  يوتيوب    4 – ذكرى الفنان حسن جزراوي  كلكلمش 29 / 7 / 2007  يوتيوب .. 
يتبع 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…