تراجع النضج البشري

ابراهيم البليهي

عالم النفس الأمريكي الدكتور بروس شارلتون لفَتَ الأنظار إلى أن الجيل الحالي من الناس في كل العالم بقي ساذجًا وغير ناضج وأن من مظاهر هذا الخلل ردود الفعل المفاجئة وغير المتوقعة حتى ممن حصلوا على أعلى مستويات التعليم وأكد أن تراجع النضج يشمل الأكاديميين والمعلمين والعلماء كما يشمل كثيرًا من الموظفين الذين تلقوا تعليمًا مهنيًّا عاليا. ويقول: ((الكثير من البشر لا يصلون إلى النضج أبدًا فيبقون غير ناضجين طول حياتهم)) ويضيف: ((متعلمون تعليمًا عاليا ولكنهم لا يتمتعون بالنضج بتاتًا حيث لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم ويبقون غير متوازنين فيما يتعلق بأولوياتهم ويميلون إلى المبالغة في ردود أفعالهم)) وهو يُعيد ذلك إلى أن الجيل الحالي قد حُرِم من التفاعل المباشر مع مجريات الحياة الواقعية فهو يعتمد على ما يحفظه من الكتب وما يسمعه من المعلمين. 
إن التحاق الأطفال في التعليم المدرسي منذ نهاية السنة السادسة من أعمارهم واستمرارهم في هذا الجو المعزول عن معترك الحياة حتى سن الرابعة والعشرين كحد أدنى حيث يستغرقون في التعامل مع ألفاظ وليس مع أشياء ويبقون غارقين في مواد تجريدية تعتمد على المكتوب والمسموع الذي لا يأتي استجابة لمتطلبات ذهنية تلقائية للدارسين وإنما هي معارف تُلقى عليهم ويكلفون بحفظها غالبا دون فهم. إن هذا العزل المبكر والذي يستمر في كل مراحل التعليم يحرمهم من التفاعل الضروري مع حركة الحياة فيبقون ساذجين وغير ناضجين إنه نقص في النمو الطبيعي لا يمكن تداركه لأن ثقافتهم لم تنمُ بشكل طبيعي ولم تأت استجابة للتفاعل مع الحياة فخلال كل مراحل التعليم يبقى الناشئون منتظمين في التعليم اللفظي إن الفهم يقتضي التفاعل المباشر مع ما تحويه الطبيعة من أشياء وأحياء ومعطيات. وفي بيئتنا يظهر تراجع مستوى النضج في المفردات التي يتفاهمون بها فلو أخذت تلاميذ مدرسة أو جامعة إلى البر وطلبت منهم التعرف على أسماء النباتات والأشجار والأماكن لوجدت أذهانهم خالية من هذه المعرفة رغم أنها ذات أهمية كبيرة للبيئة التي يعيشون فيها …

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نص: حفيظ عبدالرحمن

ترجمة عن الكردية: فواز عبدي

 

جاري الافتراضي كئيب

جاري الافتراضي حزين

جاري الافتراضي يحلب اليأس

يحتسي الوحدة

يبيع الحِكَمَ المكوية برعشة الآلام

بثمن بخس.

 

من نافذة صفحتي

أرى

مكتبه

صالونه

غرفة نومه

مطبخه، شرفته، حديقته

ومقبرة عائلته.

من خلال خربشات أسطره

أقرأ طنين النحل

في أعشاش عقله.

 

جاري الافتراضي

يكتب على جدار صفحته

كلمات مثقوبة بالألم

محفورة بمسامير التنهدات

يمسحها

ثم يعيد…

مروة بريم
لم يسبق لي قطُّ أنْ رأيتُ الجزيرة، تكوَّنت صورتها في ذهني، من قُصاصات مطبوعة في المناهج المدرسية، وما كانت تتداوله وسائل الإعلام. عَلِقت في ذهني صورة سيدات باسقات كأشجار الحَور، يأوينَ إلى المواقد في الأشتية القارسة، تشتبكُ القصصُ المحلّقة من حناجرهنَّ، مع صنانير الصّوف وهنَّ يحكنَ مفارش أنيقة، وفي الصَّيف يتحوَّلن لمقاتلات…

شيرين اوسي

عندما تكون في الشارع وتحمل في احشاءها طفلها الاول

تتحدث عنه كأنها تتحدث عن شخص بالغ

عن ملاك تتحسسه كل ثانية وتبتسم

يطفئ نور عينها وهي تتمنى ضمه

تقضي في حادثة اطلاق نار

رصاصة طائشة نتيجة الفوضى التي تعم المدينة تنهي الحلم

تموت وهي تحضن طفلها في احشاءها

ام مع وقف التنفيذ

تتحسس بطنها

ثم تتوسل لطبيب المعالج

ساعدني لااريد فقد كامل…

إبراهيم محمود

البحث عن أول السطر

السرد حركة ودالة حركة، لكنها حركة تنفي نفسها في لعبة الكتابة، إن أريدَ لها أن تكون لسانَ حال نصّ أدبي، ليكون هناك شعور عميق، شعور موصول بموضوعه، بأن الذي يتشكل به كلاماً ليس كأي كلام، بالنسبة للمتكلم أو الكاتب، لغة ليست كهذي التي نتحدث أو نكتب بها، لتكتسب قيمة تؤهلها لأن…