إبراهيم محمود
” إلى نفسي هذه المَرَّة، وبيوتي التي ليست لي، بدءاً من بيتي المزعوم بيتي إلى آخر بيت ينذرني بأنني خارج كل بيت مشدود إلى صباحه “
بيني وبين الكرديّ مسافة لا تُسدّ غالباً، بيني وبين كرديتي مسافة أبعد، يصعب قياسها، من جهة العلاقة بالبيت، ودلالة البيت في بنية العلاقة هذه.وربما أمكنني القول أن صورة العلاقة هذه، توضّح كثيراً، موقعي الاعتباري في ” سلّم الكردية ” القائمة، ما إذا كان النصاب قد تحقَّق بالنسبة إلي كردياً، ليقال عن أنني كردي كسواي. لعلها مأساة استثنائية، أو تكاد تكون هكذا، وتاريخها يسجّل مجمل ما عشتُه إلى الآن، ككردي مأخود بكرديته، وككردي يحاول أن يكون كأي كردي معروف جهة البيت وخاصيته الملّكية.
توضيحاً: أنا أنتمي إلى عائلة كان خبزها مغموساً في دمها، أبعد من عرقها المتواصل، في الكد والسعي إلى تأمين لقمة العيش، ولهذا ثمة تقويم اجتماعي، ليس في مقدور أي كان تجاهله، جهة الموقف ممن يعرَف بهذا المقام. في القرية التي عشت فيها طفولتي المتصدعة على وقْع البيت وموقعه. كان البيت الذي بنيناه بجهدنا، ومن قبل الوالد الراحل منَّة علينا، إذ كان الذي لا يملك شيئاً يعتبر تابعاً، حيث المختار يسمّيه قرويّه: ) بالكردية: قرويّنا Gundiyê me ye )، وما في ذلك من اعتباره ملحقاً به، وكأنه عالة، ومجهول تضاء صفحته بمعلوم هو المختار حسباً ونسباً، كما يبدو. وحين انتقلنا إلى المدينة : قامشلو، وتحول بيتنا إلى أطلال، ليحفَظ من قبل عائلة أنسبائي في القرية، لطالما كان ذلك يزعج من كانوا جيراناً مباشرين لنا، بدعوى: أننا انتقلنا إلى المدينة، فكيف لهم أن يرجعوا ثانية؟ وهم من الملّاكين ” أي ضيقة عين “.
وفي الحي الذي سكناه، لم يسجّل البيت في السجل العقاري، لتلاحقه المشاكل، وليكون بيتي أنا ” بيتي الشخصي ” إن جاز التعبير، أكثر تعرضاً للمشاكل العقارية الطابع، رغم أنه من البيوت القديمة والمرخصة في الحي ” حي كورنيش ” وكان سابقاً ” حي المطار”، لأن مخطط البلدية تغيَّر، والذين ظهروا متنفذين، أجروا تحويلات في مخطط الحي، جرّاء محسوبيات، ولم أكن قادراً على متابعة معاملة كهذه، وإلى يومنا هذا لأنها” المعاملة “، والآن أكثر، تتطلب ” لغة ” أخرى لا صلة لها لا بالثقافة، ولا بما هو منطقي وتاريخي جهة التخطيط لحيّنا وخلافه .
لأخرج من ذلك البيت، ولازال قائماً، ببؤسه” نصف طين، ونصف اسمنت “أي ” هجين “، وأنا أقدّر كما أعيش، مع أفراد عائلتي، وجع حالة ضاغطة كهذه، كما لو أن البيت نفسه مكتئب، في حالة حيص بيص، لأصبح في إقليم كردستان، وبدءاً من آذار 2013، مع أفراد عائلتي كغيري، بصفة لاجىء” عفواً، طالب لجوء، وما في ذلك من انخفاض سقف الحرية القانوني “، وأدخل في سلسلة من أوجه المعاناة بوقْعها الاقتصادي، الاجتماعي، والنفسي، من منظور البيت، فما عانيته هناك لأسباب لها صلة بمفهوم البيت الاجتماعي والرمزي، ونظرة الآخرين، وهم كرد، كرد، كرد، ويتباهون بكرديتهم كثيراً، تضاعف بما يقال هنا، وبصيغ أخرى وممتدة. ولأستدرك قائلاً، ومن باب التوضيح، أن أحدهم حين يشكو واقعه، ويرد عليه آخر، بقوله: كلنا نعيش الحالة عينها. ذلك صحيح وغير صحيح. فمن يكتوي بالنار، غير الذين يجاور النار، أو يقيم على مسافة منها، حيث إن طبيعة الرؤية الثقافية والكتابة الخاصة بي، فرضت علي طقوسها، وألزمتني أن أقيم ضمن ” مربع أمني ” نفسي يجنّبني الوقوع في دومة ما هو يومي أو عرَضي، أو استهلاكي، أو : محسوبياتي، بالحرف الواحد: محسوبيات تمتد بسِمتها العشائرية لتبتلع ما هو حزبي، وتتقنع به هنا وهناك بأكثر من معنى. وعبر عملي البحثي في مركز بيشكجي للدراسات الإنسانية- جامعة دهوك، وإلى يومنا هذا، حيث الثقافة لا تقاس بإنتاجها الفعلي، أو النوعي، وإنما، بما يبقيها موجَّهة وفق معايير تبعاتية، كما لو أن المستقبل مرسوم مسبقاً في ضوء علاقات كهذه، وكل ذلك مارس تأثيراً على البيت الذي كنت أقيم فيه، جهة الإجرة الثقيلة، وبالنسبة إلى دخل بائس هو مردود عملي الوظيفي، وليس كوني متعاقداً مع جامعة بمفهومها المؤسساتي، بصفة باحث، إنما يقيَّم كموظف، وهي مفارقة كبرى، تسِمُ الثقافة في عمومها حتى أعلى سلطة رمزية لها في وزارة التعليم العالي، ومن يحددون واجهتها ووجهتها ووجهها، وكأن البيت هو واجهة حياتي أنا، وهي تظهِرها، بمقدار ما تفصح عن تناقضات واقع الحال: أن أعيش كباحث، وليس كموظف باحث مؤطر، وانتفاء الحرية البحثية في الحالة هذه، وأحاول الضغط على نفسي، عبر البحث عن نقاط ارتكاز لها دخل مادي، لأحسن تدبّر أمري وأفراد عائلتي.
في السياق هذا، هناك من هم من نزلاء السكن الجامعي، ليس لأنهم أكفّاء في عملهم البحثي، وإنما لأنهم يتصرفون وفق معايير ما يُطلب منهم محسوبياتياً إجمالاً.أما بالنسبة إلى المقيمين في ” الكامب ” من كردنا فلهم وضع آخر، ومن الصعب جداً، إن لم يكن مستحيلاً، لحظة التدقيق في الاسم نفسه” الكامب/ المعسكر” أن يقيم أحدهم فيه، ويمارس حياة ثقافية بتلك الحرية المطلوبة ولو في حدها المعقول. “مفردة الكامب، تعني المعتقل كذلك ” إلى جانب البعد عن الجامعة.
في البيت، ومن البيت، ثمة مرجع بليغ، يترجم طبيعة المواقع الاجتماعية، وتبايناتها هنا في الإقليم، وبالنسبة إلي، وأنا أتنقل بين بيت وبيت، مكرهاً، وما في الانتقال هذا من معاناة، في كل شيء، وتحديداً جهة المكتبة التي انطلقت مع مجموعة من العناوين اصطبتها معي، إلى جانب مؤلفاتي، ولتتشكل مكتبة كاملة، نظراً لحاجتي إليها في نوعيتها، واستحالة العثور على بيت يخفّف عني وعن أفراد عائلتي هذا العبء النفسي والمادي، طبعاً لأن كرديتي حتى الآن، وبمقياس من يشكل أهل الحل والعقد ليس في الإقليم وإنما خارجه كذلك، لم تشب عن الطوق المرسوم، مع استثناءات قليلة جداً، لا امتياز اجتماعياً يُذكَر لها .
بيوت، عرفتها، انتقلت بي من جهة إلى أخرى، من حي إلى آخر، ودلالة هذه السلسلة وتقويمها اجتماعياً: من لا يملك بيتاً، يصعب النظر إليه، مستوفياً شروط ما هو إنساني، وكردي بعمق. اللابيتي، إن جاز التعبير، كائن ناقص، مريض، غير مستقر، لا يستطيع بناء علاقات تستمر في الزمن، وتأثير ذلك هائل وفظيع على الصغار، حيث لا يمكنهم بناء علاقات سوية مع ” أتراب ” من هم في سنهم، والمردود النفسي مؤلم كثيراً.
الاستقرار في البيت، بيت في جهة معينة، وله عنوانه، يضفي على شخصية صاحبه ثباتاً، عمق اعتبار، خلاف البيت المتغير، حيث تنعدم علاقات اجتماعية وما فيها من تراكم مطلوب، وتجاربـ، تشكل إقراراً بحقيقة معينة عما يكون الشخص السكن أو المقيم في البيت دائماً، وما في ذلك من تأثير نفسي سلبي. وحتى بالنسبة للجوار، إذ يكون الارتياب قائمة ناحيته، ولو لبعض الوقت، جهة المجاورين له، فكأنه ينتقل من امتحان إلى آخر، ويراعي تلك الأدبيات الاجتماعية، كما يجب، أو ما يجب عليه الالتزام بها، ووطأة ذلك نفسياً. وفي الجانب الآخر، فإن المستأجِر، واقعاًن لا يريد أن تتشكل علاقات اجتماعية عميقة، لأن هناك إمكان انتقال في أي لحظة، ولأسباب كثيرة. إن ظهور علاقات اجتماعية تضفي سكوناً وطمأنينة على المكان، ما أن يحدث انتقال أو تنقل بصفة ما، حتى تكون هناك معاناة أخرى، إذ يتمنى هذا لو أن العلاقات لم تتشكل، وامتداد تاُثيرها لزمن محسوب. وما يجب أن يقال هنا، وهو أنه في أي جهة، كان هناك أناس طيبون للغاية، إنما يبجب التنبه إلى حدود التحرك بالنسبة للمستأجر، إنه يظل غريباً، قادماً من جهة بعيدة، وليس كأي مقيم، وتبقى مفردات: أنت في بلدك، أو كردي عموماً، ذات طابع استشعاري تعبوي، حيث الواقع وما فيه من علاقات وظيفية واجتماعية هو المحك الفاصل في ذلك ؟
نعم، أتحدث عن البيت، وما للبيت من عري لا يستر عري اللاجىء الحريص على المختلف داخله، وكما عايشت مناخاته، ولا زلت، وهذا الجرح الذي يزداد تعمقاً ونزفاً وإيلاماً عائلياً، من ناحيتي بصورة تصاعدية، على وقع الجاري، بيت يتغير، علاقات تتغير، عالم نفسي يتغير، أي حصيلة متكونة جرّاء ذلك ؟
وحين أعبّر وبإيجاز شديد عن هذه الواقعة، فانطلاقاً مما عشته وأعيشه، وما يعطى للبيت من شهادة عيان عما تكونه الحقيقة الاجتماعية، وصفة الكردية القائمة وتصريفها ودرجتها، وقيمتها الرمزية.
في كل بيت أحل فيه، يكون الاستعداد لمكابدة تستمر زمناً معتبَراً، وتبعاً للجهة، وكيف يمكن أن يكون التصرف انسجاماً ما مع بيئة الجهة/ الحي، بمقدار ما تكون المعاناة معيدة دورة عذاباتها لحظة الاستعداد للانتقال الطوعي شبه القسري أو القسري. فثمة ضغط في الحالتين، وفي عمر متقدم، ومعايشة لثقافة أمارسها وأعيشها، وأحاول تهذيب نفسي خارج ما يكون عليه واقعها، من منظور الكردية، وما تكونه الكردية في شأنها المسلكي والمتداول عملياً، وتلك المسافة الفاصلة والساخنة جداً، بين أن يكون ابن مجتمعه، وحقيقة ” البنوة ” وارتباطها بالأب الاجتماعي، السياسي، التاريخي العشائري أو السلفي ، بشكل ما، وأن يكون مخلصاً لأفكاره التي يستميت في الدفاع عنها، ويحرص على سلامتها، وهو منذور بجسده وروحه وحتى معاناة عائلته وأفراد عالته في ” شراكة المعاناة ” هذه، وتبعات هذا التمايز في وسط محكوم بالتقليد، وناء ٍ عن المنشود والمؤجَّل.
في البيت، في كل بيت، ثمة صور، ذاكرة مكانية، تضم مثل هذه الصور، مناسبات، لقاءات، زيارات، عن قرب وعن بعد، ملوّنة يكون المكان نفسه عتبته ومسرحه، وفي الانتقال، تصبح الذاكرة موجعة ومتألمة أيضاً .
وفي بيتي هذا الذي أحزمت أغراضي، وكتبي انتقالاً إلى بيت آخر، وبعد عدة سنوات، استعيد ما كان، من داخل البيت الأول، إلى هذا البيت، وترتيباته وأحلامه المهيضة الجناح وأوهامه، وأنا أستعيد أفراد عائلتي: من هم في الخارج اضطراراً، وما يكون في زيارة خاطفة، وتوقيتية، سنوياً، وما هو مطلوب من الذاكرة أن تتحلى به من صبر وجلد، ذاكرة تتمزق، وتنزف، وتنقسم على نفسها، وتتصارع فيما بين مكوناتها، في ثباتها وتوترها ووحدتها المتوخاة،.
وفي هذا البيت الذي أعِد نفسي للخروج منه مضطراً، أبصر فيه، كما أبصرت في الذي قبله، وقبل الذي قبله، وقبل الذي قبل الذي قبله، وجه مرثي، ما أحْكم وأبلغ نشيجه الصامت، جهامته، اضطرابه هو الآخر، حيث لم الأول الذي حل فيه مستأجِراً، ولن يكون الأخير، في ضوء المقدَّر، وما يكون عليه ” صاحبه ” من اعتبار، وهيئة نفسية بالمقابل .
في غرفتي التي نصّفتها، بين استقبال للضيوف، وما أقلهم، ونوم، ومكتبة، أبصر في كل زاوية منها خاصية ملحمية لا تسلّم نفسها لمتخيل أي شاعر، أو حكواتي، لأنه أكبر من ذلك وأوسع وأعمق، أسمّيها غرفة التناقضات والخيالات الجريحة، حيث أورثت ذاكرتي الكثير من المنغصات” كانت تزرب، حيث تاريخها يرجع إلى أواسط خمسينيات القرن الماضي ” ولا تكف عن إزعاجنا، وبلل كتبي أوراقي، مع الموقف السلبي من صاحب البيت ” إذا بدك تصلح شيء، على حسابك يكون “. فيكون الانتقال المرفق بالمعاناة مضاعفاً.
إن تقسيم البيت بغرفه ومطبخه وحمامه الأبأس من كل ما رأيت، و” بيت أدبـ:ـه ” وما يكون عليه سطحه، يترجم هذه الفظاعة الفولكلورية، ومدماكها الكردي، وخرس المكان ومن يدير شئونه، وما حاولت القيام به مراراً جهة لفت أنظار من يعنون بالأنظار، تعبيراً عن هذه الحالة دون جدوى إلى لحظة كتابة هذه الكلمة .
إن الصور التي التقطتها لجوانب من غرفتي، وسواها، تشد الحاس البصري إلى القرائي، وتثير الذاكرة المكانية أكثر.
أكتفي نهاية، بالتالي: هأنذا أنتقل إلى بيت آخر، ولا أدري ما إذا كان سيكون الأخير استقراراً، أو انتقالاً من نوع آخر لا إقامة أرضية بعدها، غير أن الذي أكون متأكداً منه تمام التأكيد منه، هو أن مأساة البيت، وصفة الكردية المنجرحة والنازفة واللافتة حتى بصراخها، وعلامة الكردية المهدورة داخلاً، رغم كل الذي تمكنت من تقديمه في كتب وغيرها، ستستمر، كما هو وضع الكردي في ألف جرح وجرح، في ألف وعد وعد يعمّق وجع الجرح هذا. هو هذا الواقع في جهاته المختلفة أسمعه في تمام صوته: طوبى لمن لا يكون مثقفاً، ومثقفاً كردياً بالفعل، وطوبى لمن يكون نصير هذا المثقف، وحاميه، وداعيته، ومثمّن موقعه والمراهن عليه، وإلى إشعار آخر…كما يظهر، وليس كما يبدو !
وراء هذا الباب المحمول بذاكرات تنقلاتية كاوية بدءا من 23-4-2019 إلى 24-4-2023ـ كانت سكناي العائلية
الواجهة البيتية تسرد طويلاً قِدَمه وجمالياته المتداعية
هكذا يظهر الحوش من لحظة الدخول بقدَمه وكآبته المرئية
بضع نبيتات زرعناها وأردناها شاهدة على حياة رغم وهن حضورها، كحضورنا تماماً
بدءاً من هذه الصورة وصور أخرى تليها، جوانب مختلفة من مكتبتي وصفة الارتجال فيها
تُرى ماذا تقول الكتب، وماذا ستُسمعنا بصوتها لو نطقت عما هو بيتيّ هنا؟!حيث الإطار مرئي، وما في المكان من محتويات لا تخطئها العين، في قلقها ومستدق استطالاتها النفسية عملياًولكاتب عمره التأليفي مئات الكتب..
كتب مختارة، أدوية تخص عللاً مختلفة للجسم !
صورة لجانب من المكتبة في الوسط، وفي الأعلى صورة الكاتب الكردي الراحل الصديق محمد سيد حسين
شباك أعسر، مشدود إلى صالة قديمة وبعدها يأتي الحوش، ويُرى الباب الخارجي الذي انعدم مفتاحه، إنما يفتَح بدفعة يد، ويدوّي الصدى في الشارع.
كنبة يتيمة في الغرفة، وجهاز تلفزيون بالكاد يتم تشغيله، وجانب من مشجب يحمل ألبسة لي بجوار الباب. الارتجال يتكرر ثانية
شباك وستارة وكتب موضوعة للنظر فيها قبل النوم استعداداً لليوم التالي
الجهة التي ينظَر من خلالها إلى الشارع الواصل إلى الشارع الرئيس نوهدرا، ورؤية الباب الخارجي ” التوتيائي “، حيث الضوء يأتي من الخارج
في الصالون الفاصل بين الحوش المستطيل والغرفة- المكتبة كنبة وكراتين تنتظر التعبئة وكتب لنقلها
جانب من الصالون، يقدّم نفسه هو الآخر بارتجاليته، وما فيه يعبّر عنه
اللوحة الفنية التي رسمها ابني هابيل عند بدء إقامتنا في البيت، أرادها بصمة شخصية وتعبيراً عن حالة نفسية له، وغادر المكان إلى جهة بعيدة، لأنه لم يجد من يهتم بأمره تاركاً لوحته صرخة كتوم عما جرى. وهي الأثر الأكثر إيلاماً لي وأنا أستعد لمفارقة المكان، دون أن أستطيع نزعها عن جدار الغرفة .
ربما يكون المرئي مثيراً للاستغراب..لقد كان حمّامنا الذي لا أستطيع وصفه بالكلمات، ببابه المعمول ارتجالياً ولا يَردُّ برد الخارج، أو يكاد..أردتها لحظة مستلفة من الزمن لتبيتها في ذاكرة موجعة ودالة على نوعية حياة منقصفة في الداخل!!!