أكتبُ

أمينة سعيد
النقل عن الفرنسية : إبراهيم محمود
لأن هناك ليلَ نهار
فجر الغسق نور وظل
وأنه ستكون هناك دائمًا مواسم للحلم
أنا أكتب لأنه في الأصل
هل هذا الكوكب الذي يرحّب بنا
أكتب لأن القلب ينتفخ
لم أنس إيقاع البحر أبداً
كما أنني أكتب بدافع الحب
من أجل المكان السرّي الذي يطاردنا
القصيدة من طقوس النور
أكتب لأجد أسباب وجودنا في أفعالنا
أكتب ضد العبثية
ولأن هناك كلمة تبكي في الكتابة
أكتب على ظهر الموت
أنا أكتب مع الوقت الذي يجعلنا نتراجع
جرى إنشاؤه يتم إعادة إنشائه
كل قصيدة هي خيط مرتبط بشجرة الحياة
أكتب لأنني تعلمت قراءة الرمل والماء والظل والسحابة وتحليق الطيور
أكتب لألحق على حافة العالم
خذ نفساً توقفْ شاهد استمع
أكتب مثل مشاهدة المصباح في الجزء الخلفي من الليل
أكتب دون انتظار الغد
أنا أكتب لأن الزمن في القصيدة يرتدي الأبدية
كل قصيدة صلاة
أكتب لحفظ الكلمات الحقيقية
أن تبقى عيونها صافية
الكلمات التي على الصفحة
سوف تنير أولئك الذين يأتون إلى شفاهنا
أكتب لأنني عابرة للعوالم
أنا أكتب لأن
يعلّمنا الصينيون أسرار الحبر والورق
أكتب لملء الثقوب السوداء كل يوم
أكتب لأعرف لماذا أكتب
ولاكتشاف التجربة والخطأ
يومضان في القصيدة
ولأنها طريقتي في أن أكون حرة
كل قصيدة هي خيط مرتبط بشجرة الحياة
أنا أكتب لتترجم دهشة عجبَ عاطفة ضيقة انبهار صفاء غضب شك سخط وحنان
ولأن الكتابة لا يمكن كبتها.
أكتب لأن هناك كلمة تضحك في الكتابة
أكتب لأنني لم أتمكن من سماع خطاب حتى نهايته
أنا أكتب لأن العالم
ليس رائجاً وراء الزجاج
وذلك في مكان قريب
الرجال والنساء الأطفال
يموتون من جنون البشر
أكتب لأننا نعيش على أرض واحدة والسماء ليست بيتنا
كل قصيدة هي خيط مرتبط بشجرة الحياة
أكتب لإيصال أصواتي المتعددة التي هي أنفاس ومصدر
من أعماق ليلتي تشق طريقها حتى بزوغ فجر
من الصفحة التي يعبرها جناح تنعكس حدائقه الصامتة المرتعشة في مراياها الزرقاء
الكتابة هي دفع حدود الظل للخلف
النور هو الوعد بأنه ليس له وجه سوى ملامح الحب العابرة
أنا أكتب لأنني كذلك
وأن تتعلم أن تكون أكثر
أكتب لأن الكلمات تعرف كيف تداعب صورة حلمنا وحلم الحلم
أكتب لأن شخصًا غريبًا بدأ يومًا ما قصيدة كلماتنا هشة ومع ذلك تعيش
أكتب لأنني أنتمي إلى سلسلة الأحياء ويجب أن نتذكرها
كل قصيدة هي خيط مرتبط بشجرة الحياة
أكتب احتراماً لأقدس العناصر
ريح ماء النار
النجم الحجر الشجرة والأثر
خالٍ من الحيوانات
أكتب لأرى ما وراء
وفك رموز الكون
أكتب لأن وقت الحياة اختلس الأرض منا
أن المدينة هي الملاذ الأخير للطيور
أكتب لأن الشاعر قال
إن القصيدة هي رسم تخطيطي لعالم لم يتم إنشاؤه بعد
أنا أكتب لأن العيش بدا لي دائمًا
 كمسار علامة استفهام لفهم السبب
كل قصيدة هي خيط مرتبط بشجرة الحياة
أكتب لأنني أعتقد في الصور والكتابة هي أيضاً تمثيل
أكتب لأفقد نفسي لأجد نفسي أفقد نفسي مرة أخرى
أنا أكتب كما نبتسم
مثل سفينة على وشك الغرق تقترب من الشاطئ
أكتب لأن الشعر والصمت هما صدى
 وعمل ليلتي لغتي الأصلية التي تقاوم رماد النسيان هكذا
أكتب لأن الكتابة بعد محنة الولادة واحدة
من أعلى براهين الوجود
أنا أكتب أنا أكتب دائما
لأنه في داخلي لم يمت الطفل
أنا أكتب لأن الزمن في القصيدة يرتدي الأبدية
كل قصيدة هي خيط مرتبط بشجرة الحياة
أكتب لأن الحرية هي دوار في مرآة الألم
وأن صورة موتنا في هذه المرآة هي بالفعل
أكتب لأنه بالنسبة لي
لا يوجد مكان آخر غير مكان القصيدة
وهذا المشي على الحبل المشدود
على شعاع القمر الذي أتقدم به
يجبرني على القيام بذلك تنفسُ الهاوية
أنا أكتب لأجل عمل الحياة
لأن الأغنية البشرية هي الشجرة التي ترفعنا ولا أحد يستطيع الاستغناء عن ثمار النور
*-j””””écris: Poéme   d”””” Amina Saïd
عن الشاعرة :
أمينة سعيد ، وتهجئتها أيضًا أمينة سعيد (مواليد 1953 في تونس) كاتبة وشاعرة تونسية. والدها تونسي ووالدتها فرنسية. تعيش سعيد في باريس منذ عام 1978 ، وقد درست الأدب في جامعة السوربون. لها عدة كتب شعرية وقصص شعبية وقصص قصيرة ومقالات. تمت ترجمة الكثير من أعمالها إلى لغات أخرى ، وخاصة العربية والألمانية والتركية والإنجليزية والإيطالية. وقامت سعيد بترجمة أعمال الكاتب الفلبيني فرانسيسكو سيونيل خوسيه من الإنجليزية إلى الفرنسية.
وهي عضوة في لجنة تحكيم (شعر) جائزة ماكس بول فوشيه [بالفرنسية]. استخدم الملحن الأسترالي ريتشارد ميلز شعرها في عمله: أغاني من رغبة القلب  Songlines of the Heart””””s Desire (2007).
من أعمالها
مناظر طبيعية ، ليلة متفتتة ، 1980 .
تحول الجزيرة والموجة ، 1985 .
رمال مشدودة ووكر ، 1988 .
حريق الطيور ، 1989 .
ليلة وليلة ، 1993
المشي على الأرض ، 1994 .
رواسب الضوء ، 1998 .
…إلخ

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مصدق عاشور

مصلوبةً بخيوطِ شمسِ محبتك

يا من كشفتِ لي

سرَّ التجلّي

ووشمَ الحنين على جبينِ الانتظار

أنتِ ميناءُ روحي

قولي: متى؟

قولي: لِمَ البُعادُ

في حضرةِ ثالوثِكِ السرّي؟

رياحُكِ تعبرُني

كأنّي فرسُ الطقوس

وفي قلبي

تخفقُ فراشةُ المعنى

قولي لي متى؟

قولي إنكِ

فراشةُ رؤياي

وساعةُ الكشف

أرسِميني في معموديّتكِ

بقداسةِ روحكِ

يا من نفختِ الحياةَ في طينِ جسدي

حنينٌ

كمطرٍ أولِ الخلق

كموجِ الأزمنةِ الأولى

يتدلّى من ظلالِ أناملكِ

 

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…