لا تدمر الاوطان حملات الغزاة لكنها تزول بسبب خيانة أبنائها.

عبدالحميد جمو 

في وطني، للشهادة معنى آخر، طعم آخر ومسمى آخر، يختلف كثيرا عما تعرف بها.
في وطني الشهادة حالة استثنائية موطني المستثني عن كل الأوطان، في وطني الوطن هو الشهيد هو المغدور هو المقتول. هو من تتاجر به النفوس الدنيئة. هو من يقصى فيه الشرفاء ويتحكم به الأنذال. كل ما في وطني معرض ليكون مشروع شهادة الإنسان. الشجر. الحجر، والحياة. الأنفاس. الابتسامات. ضحكات الأطفال. أحلام الآباء وجهود الأجداد.
الشهادة لدينا لا تختزل بالموت في ساحة الحرب، أو مجابهة الأعداء، 
الشهادة لدينا وطن يستهزأ به القدر وتغدر به الحياة.
تتلاعب به أياد خفية توهمنا بأنها تناضل من أجل القضية.
فشهيدنا ليس ضحية في حرب عبثية أو هجمة بربرية أو حروب بالوكالة، تقتضي أن يكون أبناء وطني هم الضحية، كيفية الحرب، وماهبتها خبيثة كانت أم أطماع توسعية  غير ذات أهمية، فشهيدنا إنسان اختاره القدر ليكون كورديا، تلاحقه رصاصات الغدر، مفخخات حاقدة، تفجيرات إرهابية غادرة.
شهيدنا إنسان يبحث في وطنه عن لقمة غدت له رفاهية 
فهو المبعثر قهرا  المشتت فكرا، هو من يتناثر جسده أشلاء تضيع معالمه يستكثر عليه قبرا في ترابه.
هو من يقف وسط الأشلاء واجما عاجزا، هو الذي يحيط به الموت بكل أشكاله و من كل الجهات 
هو من يستقبل صباحه كأنه آخر إشراقة يراها 
هو من ينام ليلا ويحلم أنه شهيد.
هو من يهجره النوم آسيا آسفا على وطنه الجريح المغدور الشهيد. 
هو من تراوده أحلام السلام في أرض الإباء و الشهادة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…