الحب لا الحرب.. قصة قصيرة

لارا أيوب
في الحرب يستشهد نصف الوطن ويتشتت النصف الأخر ، حتى العشاق … الحرب أقوى من الأقدار … جان وسارة حفيدان لمدينة المحبة ، كانت طفولتهما مليئة بالطائرة الورقية التي يصنعها جان لسارة فتركض سارة بها ليلحقها جان ويلحقها ويضحكان كالسماء كالمدينة كالسلام .
كانت جدران القامشلي مليئة باسميهما أيام المراهقة أينما ذهب جان يكتب اسم سارة على جدران الشوارع وأبواب بيوت الغرباء ، وكأنّ سارة هي جرس بيت عبادته ، كبرا ليكونا إنارتان في عتمة الرصاص حين آتت الكراهية للبلاد ،،، وحكمت المدفعية بينهما ، ابتعدا لسنوات لتشاء الأقدار أن يلتقيا في بوابة صدفة قصيرة مدهشة ، لم يبلغ لقائهما أكثر من نصف ساعة،كانت سارة أكثر تلهفاً منه حيثُ ما إن حلّ عليها المساء حتى باتت تبحث عنه على مواقع التواصل الإجتماعي وبين صديق مشترك وغريب صديق يوصلها إليه ، ظلت تبحث لساعات ، لم تعثر عليه باتت تقنع قلبها لم يعد يهمني إنه من ذهب حين كنت أخاف قدوم عساكر الحرب .
إنه فقط عابر لذاكرة المنفى، وفي الصباح عادت مسيرة بحثها حتى وجدته ، كاد قلبها أن يتحول لحقل فراشات ، فبادرت بإرسال رسالة إليه وبعد ساعات قليلة جاوبها من المتكلم ؟؟ حاولت إخفاء نفسها منه ، ولكن لا جدوى لم تجد نفسها إلا وهي تطلب رقم هاتفه ، أتدري من أنا ؟ أجابها بثقة نعم انتِ حنان، تفاجأت ولم تدري ما الأمر ومن حنان!!!
نعم حنان خطيبتي ، لم تكن سارة على دراية بأن هناك حنان تملئ فراغ حنان الحقول لمكانها القديم في قلبه ، – لا أنا سارة … تفاجأ بها وكيف استطيع أن أخدمك ؟ – لا أبداً لا شي فقط كنت أحاول الإطمئنان على أنايّ القديمة كجدران مدينتنا ، القديمة كالدرب الذي سرناه يوماً بطرف نهر فرات القديمة ، كالسلام في قصص مساء السنابل القديمة ….
أغلقت الهاتف وأغلقت مدخل ذاكرتها لتمضي للمسافة الطويلة الصامتة كدهشتها بمن أحبت وانتظرت …. وفي ساعة متأخرة من الليل ، بريد هاتفها الوارد يبعث لها نغمة من الشوق ، إنها رسالة قادمة منه يسأل عنها ، وكأن الحب لا يحيا في قلوب الرجال إلا أخر العمر ، أخر الحكاية ، أخر الليل …. ظلت تحبه كل يوم أكثر وتدري إنه ليس لها فاجأها مرة حين قال لها أأستطيع أن أخبركِ أني أحبك كما قبل سنين الحرب …
لم تعد تدري ماذا تفعل تفرح أم تواصل ديمومة الحزن ، كان جان يرسل لها باقات نرجسٍ كل صباح دون أي كلمة ، كانت زهور قلبه كما قلبه تصمت وتحيا لتحبه سارة كما أول يوم وأيضاً بصمت فهناك إمرأة أخرى تتنفس حبيبها في شهيقها وزفير السنين ، يوماً ما لم يأتيها عامل محل الورود … يوم ، يومان ، ثلاثة .، رصاصة القناص الذي سكن في حقل القرية أخترق قلب جان … قبل أن تعرف سارة إنه لم يكن هناك سواها وإن جميلها كان يريد أن يلاطف الغيرة في قلب أنثاه التي إنتظرها كما أنتظرته كثيراً ،،، سارة تتردد على ذات المحل منذ زمن ، تأخذ له النرجس كل شمس … سارة تكره أن ترسل النرجس بيد العامل ،.. تأخذها بيديها لمسكن جان الأخير … يديها اللتان مازالتا تبحثان وتفتقدان مطر أنامل جان .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حسن عبادي| حيفا

رافقت زوجتي سميرة إلى طبريّا للمشاركة بمؤتمر أدارته وترأسته تناول مواضيع تختصّ بالمسالك البوليّة، مؤتمر استمرّ ثلاثة أيّام وتمّ بنجاح باهر، ورافقني في مشواري كتاب “سِرُّ الجملةِ الاسميّة” للكاتب فراس حج محمد (في تأمّل تجربة الكتابة، تقنيّة الكتابةِ بالجملة الاسميّة، 222 صفحة، الصادر عن الرقميّة للنشر والتوزيع الإلكتروني، القدس، فلسطين. صدر له 35…

غريب ملا زلال

لا يتخلى الفنان الكردي قرني جميل عن هويته وخلفياتها، فهو يتعمد إظهارهما في كل أعماله التشكيلية، لكنه ينقل لنا نظرته إلى العالم وإلى كل ركن فيه، بداية من رحلة هجرته التي أثرت فيه فكريا وفنيا وصولا إلى الآخر بصفته إنسانا مثله قد تغلبه مساوئه وتجعله عنصرا مدمرا للطبيعة والكائنات والحياة، فشعار لوحاته أن…

تنكزار ماريني

 

فن الكلام هو فن الخطابة والتعبير المقنع، وهي عنصر أساسي في علوم الاتصال والتربية السياسية. تاريخياً، تعود أصول البلاغة إلى اليونان القديمة، مع نظراء بارزين مثل أرسطو، أفلاطون، وسقراط، وتم تطويرها في العصر الروماني بواسطة شيشرون وكوينتيليان. في العالم الحديث، تظل البلاغة ذات صلة في السياسة، والإعلان، والقانون، والتواصل اليومي.

أسس فن الخطاب. يستند فن…

علي شيخو برازي

گنج يوسف باشا الدوگريني الملّي ” كنج يوسف باشا “ والي الشام ١٨٠٧ ١٨١٠. وقد سميت دمشق في العهد العثماني بلواء ” شام شريف ” , وكانت تتألف من : 7 أقضية و1 ناحية و 59 مزرعة و 357 قرية في أواخر القرن التاسع عشر. أما ولاية الشام فقد كانت تضم السناجق (…