كِبرياءُ المرأةِ الشَّامخةِ

أمـل حـسـن

إنَّ المرأةَ التي ننحني لها بكلِّ شموخ و اعتزاز هي واحدةٌ من تلك النساء الشامخات اللواتي يَقِفْنَ جنباً إلى جنب مع الرجل في خنادق النخوة والكرامة من أجل الدفاع عن تراب وطنهنَّ .
أمَّا المرأةُ التي نفتدي بها ، فهي تلك التي لعبتْ دورَ الرجل في بيتها و مجتمعها ، وضحَّتْ بحياتها وجمالها ، وحقوقها لتكونَ سنداً لإخوتها و والديها .
وأمَّا المرأةُ التي نعتز بها ، فهي تلك المرأة التي لعبتْ دورَ الأم والأب بعد وفاة زوجها ، و بقيتْ صامدة و مجاهدة ، و قدَّمتْ كلَّ ما بوسعها من أجل بيتها وأولادها حتى وصلتْ إلى برِّ النجاحِ ، وحصلَ أولادُها إلى أعلى المراتب من العلم و الاجتهاد .
أمَّا المرأةُ التي تمثِّلنا و نفتخر بها ، فهي تلك المرأةُ التي كانتْ و لا زالت ضحية العادات والتقاليد في المجتمع ، و لا يهمُّها سوى المظاهر الخرافية  و القصص البهلوانية و الاعتداء على أنوثة و جمال المرأة و تشويه صورتها ، و حِرمانُها من أبسط حقوقها المشروعة ، و رغم ذلك فقد بقيتْ مُثابرةً تقاومُ الحياة من أجل استمرار الحياة الزوجية بأنفاس متقطِّعةٍ و جسدٍ هامدٍ ، لا يشعر بالحياة و الأنوثة ، و تقضي أيامها و لياليها في قفص الموت من أجل الحفاظ على بيتها و أولادها ، وعادات مجتمعها المُعاق .
لذا، فالمرأةُ الأصيلةُ هي صاحبةُ الخِصالِ الحميدة و المواقفِ البطوليةِ و الجريئة ، فيشهدُ لها القاصي والداني ، و تُفرضُ احترامها على الجميع ، لأنَّها تمتلكُ القوة و صلابة القلب ، و من جبروت دموعها تنسجُ خيوطَ الأمل ، و لديها قلبٌ عطوفٌ ينبضُ بالحبّ و الرحمة يستوعبُ محبَّةَ كلَّ الناس و العالَمِ ، و رغمَ مُعاناتها فهيَ تدافعُ عن معاناة الآخرين ، حيثُ تخرج إلى الجميع و كأنها ملكةٌ رغمَ بركان الألم الذي يشتعلُ داخلها .
و هناكَ الكثيرُ من النساء اللواتي تزوَّجنَ حُبَّاً و مودَّةً لأزواجهنَّ ، و لكنْ بعد وصلهنَّ إلى الدول الأوروبية ، حيث برُّ الأمان  افترقنَ عن أزواجهنَّ ؛ لأنَّها كانتْ في الحقيقة امرأةً سطحيَّةً في مشاعرها لزوجها و أسرتها ، و حبُّها كانَ مجرَّدَ عواطفَ كرتونية ، و هذا النوع من النساء يُغريهنَّ المالُ و المظاهرُ .
و هُناكَ الكثيرُ من النساء اللواتي تزوَّجنَ عن طريق العادات و التقاليد ، ثمَّ وصلنَ إلى الحضارة الأوروبية ، و لكنَّهنَّ ما زِلنَ متمسكاتٍ بعاداتهنَّ التي ظلمتْهُنَّ ، رغمَ أنها تستطيع أن تكونَ حرَّةً في بلد الحرية و المُساواة ، فما رأيكم في ذلك ؟ هل إنها غبيةٌ أم أنها تستحقُّ أن تكونَ قُدوةً للنساء الكرديات الجميلات ، وتسمو وترتقي بها العالم بأكملها !؟
 إذاً ، تحية  حبٍّ و تقدير لأولئك الذين لا تغيرهم مغريات الحياة الاصيلات الشامخات المحافظات على العهد والود لاستمرارية الحياة بأفضل الأشكال،وإيضاً ننحني أجلالاً وتكرمة أمام  كلِّ شمعة أضاءت دربَ عائلتها ، حيثُ حملتْ ، و أنجبتْ ، وربَّتْ ، وسهرتْ ، وضحَّتْ ، وتحمَّلتْ في سبيل انتشار شذى عطرها ، و عبير صباحها ، و بقاءِ نقاءِ حبِّها و حنانها في أرجاء منزلها و مجتمعها .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…

إبراهيم محمود

 

 

1-في التقصّي وجهيّاً

 

هي ذي أمَّة الوجوه

غابة: كل وجه يتصيد سواه

 

هي ذي أمة الوجوه

سماء كل وجه يزاحم غيره

 

هي ذي أمَّة الوجوه

تاريخ مزكَّى بوجه

 

ليس الوجه التقليدي وجهاً

إنه الوجه المصادَر من نوعه

 

كم ردَّدنا: الإنسان هو وجهه

كم صُدِمنا بما رددناه

 

كم قلنا يا لهذا الوجه الحلو

كم أُذِقْنا مرارته

 

قل لي: بأي وجه أنت

أقل لك من أنت؟

 

ما نراه وجهاً

ترجمان استخفافنا بالمرئي

 

أن…