أبانا الذي في الشعر.. إلى محمود درويش.. في موته الأخير

شعر:جميل داري

وأخيرا..
ترجلت عن فرس القافيه
لم تكن تستحقك هذي الحياة
فغادرتها دونما ندم
وتركت لنا بقعة
من قصائدك العاليه
وأخيرا..
خلا الكون من كون شعر

ليغدو أقل جمالا
كيف يجرأ قبرك أن يحتوي
أنهرا وجبالا..؟
كيف مت..؟
لمن بقي الشعر..؟
الأرض خاوية
والسماء تلوح
كما أنها خرقة باليه
والقصائد بعدك
-مهما سمت-
جنة خاويه

ها..أحاور روحك…
والآن من سيخفف
عني جنوني..؟
من يضمد صوت ظنوني..؟
كنت لي قمرا..
كنت لي شجرا..
ولذلك..
 إني وحيد..
إلى آخرا لروح…
لست أرى
غير نافذة مغلقه
وحصانا وحيدا
على جيده مشنقه

كم رثيت كآباتنا
وهواجسنا الكاويه..!
كم تحديت موتا وموتا
وجاء إليك
على شكل أيقونة باكيه..!
كم تغربت منطلقا
 ها هنا وهناك..
بين منفى ومنفى..!
كأنك نفسك حينا
وحينا سواك…
آه..!
من سوف يرثي الحياة التي
تتلاشى
 كما غيمة ذاويه..؟
جبت دنياك شرقا وغربا
لتعود
إلى أرضك الغاليه
كل أرض لزوال
وحدها الباقيه
عانق الآن موتك
 وجها لوجه
وألق عليه قصيدتك الآتيه

قد تعكر كل صباحي
لم أعد قادرا أن
أحوك ثياب الرياح
لم أعد قادرا
قراءة شعر على ورق
يا نجومي الشريدة..
يا صلواتي البعيدة..
ويا نفقي..!
لم يعد لي سوى المستحيل
وعكازة القلق
منذ دهر وثانيتين
ليتني مت قبلك..1
كي لا أموت أنا.. مرتين

سقطت روحك في قاع فؤادي * *  أيها الشاعر……… يا حلم البلاد
يا سماء الشعر……. يا أغنية * *  تتهادى حرة………. في كل واد
يا مواعيد غرام عابق ……. * *  ملأ الكون……….. بأحلام العباد
يا شهيد الشعر يا صوت المدى * *  يا صهيل الوقت.. يا سفر الجهاد
يا حياة ثرة………….. عاشقة * *  يا حقولا من أقاح……… وشواد
لم تمت إلا…….. لتحيا دائما * *  في قلوب……. زانها حبل الوداد
فمحياك أمامي………… أبدا * *   يستمد القلب منه خير زاد…….
وقوافيك صدى مجمرة…… * *  كفرت طول زمان…….. بالرماد
وأنا الآن……. صباح مظلم * *  طوع قهر.. وعذاب…….. واتقاد
جبل……..  هزتك ريح مرة * *  يا لريح…….. ..غمرتني بالحداد
أيها الشاعر.. يا نور الرؤى * *  هذه الدنيا سواد………. في سواد

أيها الشاعر.. يا فجر الهوى * *  نم طويلا – ضقت ذرعا- بالسهاد

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…

 

نارين عمر

 

” التّاريخ يعيد نفسه” مقولة لم تُطلق من عبث أو من فراغ، إنّما هي ملخّص ما يحمله البشر من مفاهيم وأفكار عبر الأزمان والعهود، ويطبّقونها بأساليب وطرق متباينة وإن كانت كلّها تلتقي في نقطة ارتكاز واحدة، فها نحن نعيش القرن الحالي الذي يفتخر البشر فيه بوصولهم إلى القمر ومحاولة معانقة نجوم وكواكب أخرى…

محمد إدريس*

 

في زمنٍ كانت فيه البنادق نادرة، والحناجر مشروخة بالغربة، وُلد غسان كنفاني ليمنح القضية الفلسطينية صوتًا لا يخبو، وقلمًا لا يُكسر. لم يكن مجرد كاتبٍ بارع، بل كان حاملَ راية، ومهندسَ وعي، ومفجّر أسئلةٍ ما زالت تتردد حتى اليوم:

“لماذا لم يدقّوا جدران الخزان؟”

المنفى الأول: من عكا إلى بيروت

وُلد غسان كنفاني في مدينة عكا عام…