كارت بلانش..الاحتفاء بدمشق ثقافياً

فتح الله حسيني

أن تتويج مدينة دمشق عاصمة للثقافة هذا العام المجدد الجديد، هو محطة هامة من محطات هذه المدينة، الغنية ثقافياً، وهو تتويج صحيح على آخره، لما لدمشق من إرث ثقافي على مر المراحل.
غنت فيروز في دمشق، وحضرت فيروز ” الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع“  وغنت فيروز أثناء حفل التتويج، وهذا ما راهن الكثيرون عليه، سواءً خسروا أم ربحوا، هذا ليس من شأننا، واحتفى مثقفي سوريا بعاصمة بلدهم أفضل احتفاء واحتفال، وشربوا الشامبانيا، والبعض شربوا الكوكا كولا نخب هتافات الثقافة الخارجة والداخلة الى دمشق، و ما كان منا نحن المنفيين الطوعيين والقسريين في بلاد منهوبة وغير منهوبة، إلا أن نحتفي بدمشق، مدينة للثقافة لأنها تظل صرحاً ثقافياً بإمتياز.
أن احتفالنا بدمشق ، هذا العام، هو احتفاء بأروحنا وأفكارنا وثقافتنا التي نهلناها من دمشق ، وكلماتنا الطائشة والفوضوية التي رفرفت في سموات وأزقة دمشق، وأحلامنا التي دونت وكتبت في دمشق، ونزلت في ساحات دمشق، وأقامت في حارات دمشق، وتسكعت في شوارع دمشق، وشربت في حانات ونوادي دمشق، الرخيصة والسوبر، وأقدامنا التي ركبت سياراتها وقالت ألسنتنا للسائق “لتغني لنا فيروز في التاكسي”.
أن الاختلاف في الرؤى السياسية لا تحيد المثقف عن أن يقوم بدوره ولو قليلاً، ليحتفي بعاصمة بلده، بعيداً عن الاختلافات والتخالفات، فدمشق مازالت تحتضن نزيه أبو عفش، ووليد معماري وحسن .م. يوسف وحكم البابا، ومات فيها ممدوح عدوان وكتب فيها سعدالله ونوس ، ويزورها منذر المصري، وينام في صخبها لقمان ديركي، ويؤوم بهائها طه خليل وخالد خليفة وكثيرون يهوون دمشق كهواهم لأعمارهم الضائعة في دمشق وضواحيها أو المدن المجاورة لدمشق.
من هنا يأتي احتفائي بدمشق، كاحتفائي بمدينة للثقافة ، وهي جميلة فعلاً بثقافتها، أنها كانت انطلاقة أكثرنا ثقافياً كما كانت انطلاقة صديقنا الأكبر سليم بركات، ومنها خرج أدونيس الى بيروت، ومن مقاهيها تغنى الماغوط بهلكوبترات العرب المزمجرة كالدبابات العسكرية، وفيها رقد مولانا خالد النقشبندي، وفها ترقد أرواح جميلة من نفير عربي جميل الى نفير كردي في آخر شمال الشجن المحمول والمحموم.
مرحى لدمشق وهي تمجد ثقافياً، وتتهاوى سياسياً.

مرحى لدمشق في زمن الانكسارات القاتلة، السفيهة، المزورة كروح انسان لم يزر دمشق.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…