الضالعون في الحب

فتح الله حسيني

الاهداء:
الى الأباطرة المتربعين على شرفات الله المطلة على جراحاتنا

حكمة البلاهة
أن تنتهي الفتاة ، هكذا كما اعتادت أن تتيهَ
لتعاد محادثاتنا المشروعة
على بعد ألمٍ
والقائمون على قيامة الحجر
يعيدون ما بذخته الأسئلة
في حضرة
الأسئلة
كأنهم
يعيدون مراحل الآثام
وهم هادئين
مستذكرين ، جراحات تليق بثوانيهم المتآكلة في عصرٍ ،

تصفيق المجانين، بركة الخالق على شحوب مريديه.
فمن للحجر ياحُجرة الفقهاء في
تل الشعير
الراقدون
ماتوا،هناك،في حجراتهم،
متمسكين ببكاء التراب وأساه..
حكمة البلاهة
متاهةٌ
والساكنون على أطراف المدينة، تلفظهم أقاويل الباذخين
وهم يتأهبون لاستلام متاريس الحياة من الحياة
ينتشرون في أركانٍ ما عادت تصلح للكلاب
مأخوذين بالتعب وراء حفلات التعب..
يمَسّدون صباحاتهم كما يمسدونَ نسوةً من جليد
تقلقهم زوجاتهم الممدات والمهدودات أمام أبواب المنازل التي لا تشبه المنازل،فيظلون ممزقين كثيابهم حتى صباحات النائمين
ينتفضون على اللاشيء
وعلى أحلامهم الصبيانية
تاركين ورائهم
جيوشاً
من الحافيين وسط الشوارع
وفوق السطوح البعيدة
وما زالوا
يحلمون
ببشارات
وبأولاد يشبهون تفاصيل كآباتهم في
زحمات الأرصفة الصديقة
يشبهونهم في بؤسهم
يشبهونهم في حماقاتهم
يشبهونهم في موتهم المتمسك بهم
وهم ينتفضون .. ..
ويثورون
كما لم يسبق إن ثار أحدٌ من قبلهم
– وعلى مرأى الحماقات –
في وجوه الطيعين ..
 
صباحهم الأول ، هلعٌ
وصباحهم الأوسط ، هلعٌ
وصباحهم الأخير ، هلعٌ يخيم على جسور وقبعات المدينة
وهم :
ينتشلون الغبار من الغبار
بأياديهم
وأرجلهم
وعيونهم
ومقدماتهم ومؤخراتهم
كأنهم
ينزعون الهمّ من الهمّ
كخفافيش الهدوء في فضاءات
لا تتسع إلا لهمهم
والظهيرة
تحرق ظهورهم المحمية بنياشين وهمية ، بأبهة الشمس
ولا يكترثون ..
يغربلهم الكون
بفوضى تناثره على جباههم وما ينتظرونه من مكافآت
فيظلون سارحين
هؤلاء المساكين
ليلهم ليلٌ، ونهارهم نهار
وللوقت المهدور يزف حنين المارقين
يعطسون
بملء أعضاءهم
كما تعطس السيجارة
على
حديقتها
        *    *    *    *
لتواريخهم المرمية في أُبهة التراب
حزنٌ مفرطٌ في الحزن
مؤجج بالبكاء
ومدجج بالأحزمة المربوطة
حول خصورهم
كما
كان
البكاء
شيئاً
قاتلاً
دون مناجاة، يربطون أرجلهم الغاطسة بأسى الطين ،
بالأرض الودودة
لئلا تخيفهم الأيام المبتدأة
فينهزمون كما ينهزم الرُّعاة
من
غدر
الذئاب
وعويل الظلام
يتأملون الخشوع الربانيّ
بوجلٍ قاتلٍ
بوجعٍ مكهربٍ
بأنين مبتور
بألسنة لا تنطق إلاّ لشتم الأطفال
والأوطان
وأعباء المخنوقين

فينادون :
نحن عبادك ” المتوسلين “
ياربّ الجمرات والفقهاء
      
         *    *    *    *
المساكين،يرتبون أسرتهم الملونة بالصلوات أمام مدافئ خشبية
كما كان الضباب يرتب نكهة الأبراج والبنايات الشاهقات
والعفة مدفونة
بين فوضى القبور
* كهامش
المساكين
الذين لم يحلموا
بالأليزيّه
وفخديّ الإمبراطورة
وسيقان النيويوركيات
أمقتهم
وهم
هامدون
كالموتى  ..
* هؤلاء المساكين،يأتون من أعمالهم اليومية ، فيظلون ممددين على طفرات آبائهم،الذين رددوا لهم ، أمداً ، في بداءة العمر الذي لا يشبه الأعمار ، قوانين القمع والمنع
والعيب والحرام . بينما زوجاتهم العاطلات في كل شيء ، يسردن على أسماعهم المثقلة بالتعب وربّ
التعب ، مشاكل المارقين والطافشين و الخانعين .
يأتون مساءً
من قبور ، كانت ملاذهم ، نهاراً كاملاً
تلتف حولهم
مراياهم المكسرة وزوجاتهم وقططهم وما لا يدركون من أبناء
فيأكلون ما يسرّه المشتهي لهم .
ثم
يدخنون
أوجاعهم  ..
بكسلٍ مهددٍ ..
ومهدود
ومهدود.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…