كوما قامشلو الفن والمتعة والمفاجأة

برزو محمود

كوما قامشلو هذه الفرقة التي لم أكن مطّلعاً على نشاطها الفني من قبل، لأحكم على قيمة ما تقدمه من فعاليات فنية، لهذا، في البداية أي قبل حضوري ومشاهدتي لعروضها الفنية، كنت أتصور أن إمكانياتها الفنية في مستوى متواضع جداً، إلا أنها وبعد أن بدأت بتقديم عروضها الفنية في الحقيقة تفاجأت عند مشاهدتي لهذه النشاطات التي كانت تثير الدهشة والإعجاب وبالأخص ما هو معروض في اطار التنوع الفني: من مسابقات ثفافية ومسرح وغناء وموسيقا ورقصات فولكلورية
إذ كان التألق عنوان لا يفارق العناصر المحركة لهذا العمل في جميع مساراته وبالأخص الذي كان يدير عملية هذه المسابقات الثقافية والتي تدور حول مسائل التراث الكردي واللغة الكردية، يصاحبها جوائز مادية للرابحين. هذه الجوائز، التي تبرع بها أحد التجار الكرد من ماله، بصرف النظر عن قيمتها المادية، كبيرة كانت أم صغيرة، إلا أنها تخلق حافزاً يقود الى التشوق والمفاجأة لدى الجمهور المشاهد، وخاصةً لدى شريحة الأطفال التي تكون بأمس الحاجة إلى هذا النوع من المسابقات الثقافية التي تناسب مستوى سنه ونموه في اكتساب ثقافته القومية من خلال طبيعة الاسئلة المطروحة عليه. هذا النشاط الفني المتنوع والذي تميز في مسارات عدة، خلق نوعاً من العقد والربط بين الفن والمشاهد ضمن علاقة معنوية حافزها التشوق والإثارة.
أما الجانب الثاني وهو العرض المسرحي الكردي الذي يعرض لنا الكيفية التي تم فيها عملية إعدام المناضلة الكردية العراقية (ليلى قاسم) من قبل السلطات العراقية. في الحقيقة هذا العمل، نصاً وإخراجاً وموسيقى، رغم كل الإمكانيات المادية البسيطة والوسائل والأدوات الفنية المتواضعة بالمعنى الحرّفي والمهني للكلمة، إلا أنه أثار المشاعر النبيلة لدى المشاهد، إذ كانت الدموع تنهمر من أعين الكبار والصغار في مشاهدة الحدث، مما يشير بوضوح على نجاح اداء العمل المسرحي بامتياز، وهذا ما يذكرنا في رأي أرسطو في تعريف التراجيديا الناجحة. هذا العمل المسرحي لقي نجاحاً فائقاً وإعجاباً مثيراً لدى الجمهور المشاهد وخاصة الدور الناجح الذي يؤديه شخصية الضابط العراقي لغةً ولهجةً، وأيضاً الأداء الناجح من قبل الفتاة الكردية في تمثيل دور ليلى قاسم. هذا بالاضافة الى التصوير الموسيقي الناجح في مرافقة العمل المسرحي والذي كان يضفي جواً من الإثارة في حركية الحدث المسرحي. وثمة مشهد مسرحي أخر يعتمد على الديلوك المسرحي مع كاوى الحداد البطل الاسطوري إذ يحاول الفنان من خلال هذا الحوار الربط بين ماضي الكرد وحاضرهم في شكل تساؤلات.    
أما الجانب الثالث المميز والرائع في اداء الفرقة، وهو العرض الغنائي والموسيقي الذي قدمه مجموعة من الفتيان الكرد يديره مغني رئيسي اسمه أو أنه يعرف بـ(شريف أومري). هذا العمل الفني يتميز بأسلوب غربي في موسيقاه وفي كيفية أدائه ربما تكون أقرب الى موسيقا بوب (pop) و موسيقا الروك (Rock) في مقاطع معينة ذات الايقاع السريع. هذا الغناء يتميز بسرعة كبيرة في عملية نطق الكلمات التي تحاك ضمن نسق صوتي معين يشكل نوعاً من التألف الصوتي المقطعي مما يساعد في طريقة تسريع نطقها لخلق نوع من الإثارة لدى المستمع. هذه السرعة في الغناء يرافقها حركات لولبية وبهلوانية سريعة يؤديها مجموعة من الفتيان كل على حدة مما يضفي على العمل الغنائي السمعي طابعاً بصرياً من خلال مشاهدة حركة الجسد.

وفي الختام أقدم جزيل الشكر لكل من ساهم في إنجاز هذا العمل الفني الرائع بكل مفاصله الفنية والادارية والمادية، كما أقدم شكري إلى إدارة فرقة (كوما قامشلو) على اللفتة الكريمة من جانبهم بتكريمي، والذي يعبر عن مشاعرهم النبيلة وتفديرهم الصادق تجاه كل من عمل ويعمل بإخلاص في خدمة الكلمة الكردية، ويساهم في خدمة الثقافة الكردية.  وأتمنى لفرقة (كوما قامشلو) النجاح والتقدم والتفوق في الأعمال الفنية القادمة خدمةً للثقافة الكردية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

ولد الكاتب والصحفي والمناضل الكوردي موسى عنتر، المعروف بلقب “آبي موسى” (Apê Musa)، عام 1918 في قرية “ستليلي” الواقعة قرب الحدود السورية، والتابعة لمدينة نصيبين في شمال كوردستان. ترعرع يتيماً بعد أن فقد والده في صغره، فحمل في قلبه وجع الفقد مبكراً، تماماً كما حمل لاحقاً وجع أمّته.

بدأ دراسته في مدارس ماردين، ثم انتقل…

أسدل يوم أمس عن مسيرتي في مجلة “شرمولا” الأدبية الثقافية كمدير ورئيس للتحرير منذ تأسيسها في أيلول 2018، لتبدأ مسيرة جديدة وسط تغييرات وأحداث كبرى في كُردستان وسوريا وعموم منطقة الشرق الأوسط.

إن التغييرات الجارية تستدعي فتح آفاق جديدة في خوض غمار العمل الفكري والأدبي والإعلامي، وهي مهمة استثنائية وشاقة بكل الأحوال.

 

دلشاد مراد

قامشلو- سوريا

19 أيلول 2025م

الشيخ نابو

في زمن تتكاثر فيه المؤتمرات وترفع فيه الشعارات البراقة، بات لزاما علينا أن ندقق في النوايا قبل أن نصفق للنتائج.

ما جرى في مؤتمر هانوفر لا يمكن اعتباره حدثاً عابراً أو مجرد تجمع للنقاش، بل هو محاولة منظمة لإعادة صياغة الهوية الإيزيدية وفق أجندات حزبية وسياسية، تُخفي تحت عباءة “الحوار” مشاريع تحريف وتفكيك.

نحن لا نرفض…

نجاح هيفو

تاريخ المرأة الكوردية زاخر بالمآثر والمواقف المشرفة. فمنذ القدم، لم تكن المرأة الكوردية مجرّد تابع، بل كانت شريكة في بناء المجتمع، وحارسة للقيم، ومضرب مثل في الشجاعة والكرم. عُرفت بقدرتها على استقبال الضيوف بوجه مبتسم ويد كريمة، وبحضورها الفعّال في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. لقد جسّدت المرأة الكوردية معنى الحرية، فلم تتوانَ يومًا عن…