كارت بلانش: سأمنحكم الورد ولا تمنحوني شيئاً

فتح الله حسيني

“ليس مهماً ان أمنحك أيتها الصديقة الجميلة وردة حمراء حتى تعرفين أني أحبك”  هذا ما قلته لاحدى الصديقات بلهجتي السورانية المكسّرة، قبل كتابة هذه الزاوية المتورطة مع طيشي، ولكن كل ما أعرفه أن عيد الحب، عيد فالانتاين، عيد البالونات الحمراء والقمصان الحمراء والفساتين الحمراء والسنتيانات الحمراء والكيلوتات الحمراء مرّ ولم أبعث لصديقتي لا وردة ولا علبة سكر ولا علكة ولا عقد جوهر، بل حزنت الى الصباح لأني لم أرسل العين والقلب في صندوق، مغلف، ليقول للصديقة، هو يحبك.
لن أدخل في فلسفة الحب، ففلسفة التراب أجدى، في زمن الكراهية، وهنا أقولها بأسى، أسى عميققققق، مرّ عيد الحب مثلما مر عيد الأضحى غير المبارك وعيد الفطر غير السعيد مثل أطفال الشوارع، ومر عيد الحب كأنه لم يعد للحب أي معنى.
لا أعرف عن أي حب سنتحدث، أنا شخصياً لم أحب في حياتي، وهذه مشكلة كبرى لرجل مثلي يدعي الشعر، وكثيرون يقولون كيف تستطيع ان تكتب الشعر يا رجل بلا حب، فأجيب ببساطة لأني شاعر.
بعيداً عن التعقيد والكلام النقيض، أنا كل ما أملكه هو الحب، فالحب هو العشق وهو التدوين والبساطة واللاكراهية وأن تكون جسراً للتواصل بين الشمس والقمر وابتسامة صديقة ورقة زميلة وسط بحيرات الكراهية التي عمت عالمنا الحقير من أقصى المهب الى اقسى تخوم المهب.
وماذا يعني أن نحب؟
أن تحب يعني أن تكون هادئاً في أحوالك الاعتيادية، وأن تكون ضاجاً وصاخباً كنمر هندي في بعض الأحيان، وأن تكون وطنأ لمن لا يملكون الوطن، ومن أين سآتي بكفن كبير شاسع واسع  لكل أولئك الكارهين، اللامحبين لنا ولأحلامنا الوردية، طبعاً وروداً غير حمراء، فالكفن لم يعد تابوتاً مقدساً كأركان الوطن.
نحن أبناء الخديعة والكراهية المفرطة، لانحّن الى الأمكنة والأزمنة، لذلك نحن جيل امتشق الحبر ليقول للحب عش زمنك، بلا أية ضغينة، فما معنى أن أحدهم  يحب ويكره الدنيا وما حولها، ويكره الأصدقاء والصديقات وبنات الجيران والأصدقاء وأبناء وبنات الأصدقاء، وماذا يعني أن تكون عاشقاً وتفطر على لحوم العصافير.
أحبكم جميعاً، لا لشئ، لأني لا أملك سواه، في عصر الانقلابات التي تفضي الى شوارع الكراهية الكبرى.

أحبكم لأنه يجب أن أحبكم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…